“حكومة خذلتنا في ملف النفايات… لا بد وأن تنتهج نفس السياسة في التلوث الحاصل في الليطاني وتخذلنا أيضا”، هذا ما قاله أحد المواطنين اليوم، عارضا لما آلت إليه قضية التلوث على امتداد القرى والبلدات الواقعة على ضفتي النهر، وبدا أن ثمة قناعة تتولد لدى الكثير من الجنوبيين من أن النقمة القائمة تحاول بعض الأحزاب والقوى السياسية امتصاصها، وعبروا عن ذلك صراحة، مؤكدين الاستمرار في التصدي للكارثة، وذلك لقناعتم بأنها قضية تمس كل لبناني، وتطاوله في كرامته وصحته وبيئته ورزقه ومستقبل اولاده، حتى أن أحدهم أعرب عن مخاوف لجهة أن يصبح بعض القضاء أسير ضغوط سياسية تعطل دوره المفترض، فضلا عن غياب شبه كامل للسلطة التنفيذية.
كل هذه المؤشرات أفضت إلى نقمة شعبية تنظم نفسها بنفسها، وتتصاعد يوما بعد يوم، تمهيدا لتحركات ستنطلق في الايام القليلة المقبلة.
Greenarea.me وفي سياق متابعته للمستجدات اليومية، استعرض جملة من المواقف والتحضيرات، فضلا عن الوقوف على نتائج التحليل المخبري للمياه في بعض مواقع النهر.
بلدية سحمر تنضم إلى الحملة
رئيس بلدية زوطر الغربية “منسق الحملة الوطنية لانقاذ الليطاني” حسن عزالدين، أشار لــ greenarea.info إلى أنه قام بجولة في المنطقة “تبين خلالها وجود تحسن في لون المياه”، لكنه أكد أن “هذا لا يعني أبدا أن النهر أصبح خاليا من التلوث”، كما عرض للخطوات التي “قمنا بها سابقا لجهة الادعاء على بعض البلديات والقيام باتصالات مع رؤساء البلديات والمخالفين”.
وأكد عزالدين أن “رئيس بلدية سحمر انضم الى الحملة، وان رئيس بلدية دبين لم يتوصل لحلول حتى الآن”، واضاف انه أجرى اتصالا مع المدعي العام البيئي القاضي نديم الناشف “وحددنا موعدنا معه نهار الخميس القادم لبحث كل المستجدات”.
وأشار عزالدين إلى أن “هناك تجاوبا من جميع المعنيين ومن الجهات السياسية، باستثناء الوزارات المختصة”، ولفت الى نقطة مهمة أفاده بها القاضي الناشف بأنه “أرسل إخبارا لوزارة الطاقة بتاريخ 11حزيران (يونيو) 2016 من مخفر مرجعيون بموجب اشارة من النيابة العامة، ولم ترد الناشف إلى لآن أية ردود”، لافتا إلى أن “الاملاك النهرية هي تحت حماية وزارة الطاقة”، واكد عز الدين “المشاركة في اعتصام يوم الاحد الذي دعت الية لجنة اصحاب المنتزهات دعما لهم”.
وزارة البيئة تستجدي باسم الشعب اللبناني
وكان وزير البيئة محمد المشنوق قد أعلن موافقة مجلس أمناء البنك الدولي على قرض بقيمة 55 مليون دولار لمكافحة التلوث في “بحيرة القرعون” و “نهر الليطاني” ولاستكمال شبكات الصرف الصحي في زحلة والقرى المجاورة، ليثبت يوما بعد يوم فشل سياسة السلطة أو تقاعسها عن ايجاد حلول بغير طريقة الاستعطاء باسم الشعب اللبناني، ودون الالتفات إلى الاسباب التي ساهمت بتفاقم الازمة ومحاولة ايقافها، وكأن كل مساعي الناس ومطالبهم فتحت بابا جديدا لإغراقنا في دين جديد، يعلم الكثيرون بأن معظم هذا المبلغ سيرسو في حسابات من ساهموا في تلويث هذا النهر وتقاعسوا عن “نجدته”.
الفن في مواجهة التلوث
وفي هذا المجال، نظمت بلدية زوطر الشرقية نشاط رسم حر (سمبوزيوم) وغداء على ضفة نهر الليطاني، تعبيرا عن تضامن أهالي البلدة والقرى المجاورة مع قضية الليطاني، وترسيخا لفكرة الجمال في مواجهة التلوث، وأكد رئيس البلدية حسان اسماعيل لـ greenarea.info على “ضرورة مواجهة التلوث بكل الوسائل المتاحة”، ووجه نداء “لجميع المواطنين بأن يقوموا بزيارة النهر والاستمتاع بجمال الطبيعة، وعدم السباحة”، ورأى أن “علينا أيضا مساندة أصحاب المنتزهات ورفع الظلم الذي طاولهم في لقمة عيشهم”، وقال: “أطلقنا سمبوزيوم الرسم الذي شارك فيه أربعون فنانا، لنكون في قلب قضية الدفاع عن الليطاني”.
التلوث فوق معدلاته الطبيعية
المهندسة الزراعية (اختصاص بيئة وغابات) مريم حسان كانت قد أجرت فحصا لعينة من مياه النهر في زوطر الشرقية، وأوضحت لـ greenarea.info ان “البكتيريا التي وجدت بمياه النهر بلغت 80 في كل ملليلتر، أما بمعدلاتها الطبيعية فيجب أن لا تتجاوز 0,5 بكل ٢٥٠ ملليلتر، أي ما يعادل 20000 cfu بكل 250 ملليلتر من المياه”، ورأت أن “هذه النسبة تعتبر تلوثا عاليا جدا”، واعتبرت حسان أن “هذه البكتيريا موجودة في براز الحيوانات ودمائها، ما يؤكد ان سببها المسالخ، اضافة للمبيدات والرش العشوائي، وهذه المواد الكيميائية قد تسربت الى النهر، مما سبب نقصا في الأوكسيجين في المياه، والنقص بالاوكسيجين يشكل بيئة حاضنة للبكتيريا، ويساعدها على التكاثر بشكل خطير ليؤثر بشكل سلبي على التنوع البيولوجي”.
اعتصام الاثنين
كما وأكد اصحاب المنتزهات في طرفلسيه وصير الغربية لـ greenarea.info انهم سيتوجهون للاعتصام نهار الاثنين، ولكن مع تأجيله للساعة الثالثة بعد الظهر، وقد اصدروا بيانا جددوا فيه الدعوة للمشاركة “في الاعتصام الشعبي احتجاجا على ما يحصل من انتهاكات لحرمة نهر الليطاني، واستمرار المرامل بارتكاب الجرائم بحق النهر، ولإيصال صوتنا ومطلبنا المحق إلى المعنيين والمسؤولين، وذلك نهار الاثنين من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى السادسة مساء، عند جسر 6 شباط الزرارية – طرفلسيه”.
بدرالدين
وأكدت الناشطة باسم “الحملة الوطنية لحماية الليطاني” ولجنة المحامين فيها نعمت بدر الدين لـ Greenarea.me أن “الحملة حددت اجتماعا ظهر نهار الاحد عند تمام الساعة الثانية عشر في مدينة النبطية لاطلاق العمل الميداني، والاتفاق على الخطوات العملية التي سنباشر بها صباح الاثنين، برفع دعوات قضائية من قبل لجنة محامين شكلتها الحملة، وهذه الدعاوى ستكون بحق المعتدين على الليطاني (بلديات، دباغات، مسالخ ومرامل) وكل من يتبين لنا من خلال المعلومات التي نستقيها انه متورط”.
وتابعت بدر الدين: “ان الحملة ستقوم بجولة ميدانية من منبع الليطاني حتى مصبه لتوثيق الاعتداءات بمشاركة وسائل الاعلام لاعطاء هذا الموضوع الاولوية، كما سيتم الاتصال بالمسؤولين عن الاستراحات للتنسيق والتواصل معهم، من اجل تكبير الكتلة الضاغطة الموجودة، طبعا، نحن نعمل على ان لا تكون هذه المجموعات معتدية ايضا على الليطاني، ونقوم بجمع بيانات لتحديد مستوى تلوث النهر، وقد استعنا بإحدى نتائج الفحوصات من خلال متابعة greenarea.info لنقدمه كمستند أمام المدعي العام البيئي”، وختمت بدر الدين انه “سيصار الى تحرك باتجاه الوزارات المعنية والمسؤولين (خصوصا بعد حديث وزير البيئة عن مبالغ بارقام مخيفة 880 مليون دولار للمعالجة، والموافقة على قرض بقيمة 55 مليون دولار)، لنوصل رسالة باسم الشعب اللبناني مضمونها انه على وزير البيئة ان يسعى الى اتخاذ قرار سياسي وقضائي بحق الملوثين كخطوة اولى، قبل الحديث عن المال والاستعطاء باسم اللبنانيين وإغراقهم بمزيد من الديون”.