أعلنت إدارة المحيطات الوطنية والأحوال الجوية ان حرارة الأرض سجلت هذا العام 2016 رقما قياسيا لم تشهده منذ العام 1880. وكشف علماء الطقس “ان مياه المحيطات سجلت رقماً قياسيا خلال الـ 14 شهرا الأخيرة، كما سجل شهر تموز (يوليو) الحرارة الأعلى خلال هذا العام، قافزا 1.62 درجة، في حين ان أقصى ارتفاع لدرجة حرارة مياه المحيطات، خلال التاريخ بلغت 0.9 درجة مئوية”.
ويكشف الباحثون ان هذا الرقم القياسي سببه ظاهرة النينو هذا العام، غير ان علماء في وكالة “ناسا” الأميركية طمأنوا الى انه على رغم الاحتباس الحراري، فحرارة العام المقبل 2017 ستشهد انخفاضا لدرجات الحرارة بشكل عام.
توقعات بارتفاع عدد الضحايا في الولايات المتحدة
في هذا الاطار، قال باحثون إن أكثر من ثلاثة آلاف من سكان نيويورك قد يموتون سنوياً بسبب الحرارة الشديدة نتيجة التغير المناخي. وقالت معدة دراسة نشرت في دورية آفاق الصحة البيئية، إيلسافيتا بيتكوفا انه “من المتوقع ازدياد عدد أيام الحر الشديد إلى ثلاثة أضعاف بحلول عام 2080 وبعده، الامر الذي قد يؤدي إلى حالات وفاة نتيجة الإجهاد الحراري أو الجفاف أو أمراض تتعلق بالقلب والجهاز التنفسي”.
واشارت الدراسة الى انه مع ارتفاع عدد الأيام الحارة، ومع بلوغ درجة الحرارة 32 درجة مئوية او اكثر، قد يموت ما يقدّر بنحو 3331 شخصا في مدينة نيويورك سنوياً. وقارنت بيتكوفا ذلك بموجة حارة اجتاحت أوروبا عام 2003 وأودت بحياة عشرات الآلاف. وقالت “إذا صادف وأن شهدت نيويورك حالة شبيهة مع توقعات بارتفاع اكبر بدرجات الحرارة بسبب التغير المناخي، فإن العواقب ستكون أكثر دمارا”.
وقال المركز القومي للاحصاءات الصحية، إنه بالمقارنة فقد حدث بين عامي 2000 و2006 نحو 600 حالة وفاة سنويا لها صلة بالحر في مدينة نيويورك. وقال تقرير حكومي إن موجات الحر أصبحت أكثر تكرارا في الولايات المتحدة في العقود الأخيرة.
وقالت لجنة التغير المناخي في مدينة نيويورك أنه “من المتوقع ارتفاع المتوسط السنوي لدرجات الحرارة في مدينة نيويورك بما يتراوح بين 2.9 و4.9 درجة مئوية بحلول الثمانينيات من الألفية الحالية”.
وقالت بيتكوفا “من الممكن تفادي حدوث معظم الوفيات المتوقعة إذا تم احتواء انبعاث الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، وتمت وقاية السكان بشكل كامل من درجات الحرارة المرتفعة”
.
جردة
في هذا الاطار، وبسبب عدم جهوزية كافة البلدان على تحمّل التغيرات المناخية، فقد سجّلت وفيات بأعداد هائلة في السنتين الاخيرتين بسبب الحر. وبالعودة الى بعض البلدان، فقد حصدت موجات الحر غير المسبوقة منذ 11 عاماً في مصر العام الماضي حوالي 66 ضحية، فضلاً عن إصابة 560 شخصاً بالاجهاد الحراري مع تخطي الحرارة نسبة الـ 46 درجة مئوية.
كذلك الامر في اليمن، فقد سجّلت محافظة الحديدة وفاة 103 اشخاص خلال شهر ايار (مايو) الماضي، بسبب ارتفاع درجة الحرارة في ظل الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.
وكانت إحصائيات كشفت عن وفاة 99 شخصاً، أغلبهم من الأطفال وحديثي الولادة ممن كانوا في حاضنات المواليد بمستشفى الثورة بمحافظة الحديدة، بالإضافة إلى كبار السن، وأكدت وثائق موت عشرات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى وفاة أشخاص تجاوزت أعمارهم الأربعين عاماً، بعد إصابتهم بتوقف القلب وصعوبة التنفس.
وفاقت درجة الحرارة في الجزائر خلال الشهر الحالي تموز (يوليو) الـ 50 درجة مئوية، الامر الذي ادى الى وفاة 14 شخصاً، ما استدعى السلطات الجزائرية لاعلان حالة الطوارىء.
العدد الاكبر من الضحايا طاول الهند، فقد نشرت “السلطة الوطنية لإدارة الكوارث” مؤخرا، بيانات أظهرت وجود اتجاه متزايد لموجات الحر في البلاد، حيث ارتفعت حصيلة القتلى إلى 2422 شخصا في عام 2015 بالمقارنة مع 612 فقط في عام 1992، وشهدت مساحات واسعة من الهند درجات حرارة تتراوح بين 38 و45 درجة مئوية خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي.
لا يقتصر الامر على البلدان العربية فحسب، بل ان ضحايا موجات الحر طاولت الدول الاوروبية، ففي الشهر الماضي، لقي سبعة اشخاص حتفهم في المانيا، حيث وصلت درجة الحرارة في العاصمة برلين إلى حوالي 31 درجة مئوية، بينما وصلت في بعض مناطق جنوب غرب ألمانيا إلى ما بين 30 و 40 درجة مئوية.
نتيجة لذلك، كررت كافة الوزارات المعنية نصائحها للمواطنين، خصوصا كبار السن، باتباع الإجراءات الوقائية في ضوء الارتفاع المسجل في درجات الحرارة، وعدم التعرض المباشر للشمس في أوقات الظهيرة. فضلاً عن ضرورة الاكثار من شرب المياه.
وفي حين ابتكرت بعض الدول الغنية وسائل لتخفيف شدة الحر واستنبطت امكانيات جديدة لمحاربة موجات الحر الكبيرة، الا ان البلدان الفقيرة لا تملك من الامكانيات ما يساعدها على محاربة الحر والفقر معاً.