لوحظ اهتمام عالمي كبير خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة بالأنواع الخشبية التي تقدم منتجات وفوائد متعددة للإنسان، مع التأكيد على استخدام الأنواع الشجرية والشجيرية عريضة الأوراق الطبيعية التي تستخدم كغذاء للإنسان والحيوان، أو من أجل أهداف صيانة وحفظ خصوبة التربة، بحيث تقدم هذه الأنواع الخشبية منتجات وخدمات متنوعة مباشرة وغير مباشرة للإنسان، كما تشكل مصدراً لا غنى عنه لتغذية الحيوان في المناطق المتوسطية، خصوصا ذات المناخ الجاف إلى شبه الجاف، وبذلك، يمكن أن تخفف من نقص العلف، وأن تسدّ ثغرة كبيرة في الغذاء في فصل الشتاء، أو في الصيف، عندما ينخفض نمو الأنواع العشبية بسبب ظروف الطقس غير الملائمة.

تزخر منطقة شرق المتوسط بالأنواع الخشبية التي تقدم خدمات ومنافع متعددة للنظام البيئي وللسكان المحليين، ولكن هناك نقصاً كبيراً في المعلومات المتوفرة حول بعض هذه الأنواع، ما ينعكس على استثمارها بشكلٍ جائر أو غير مستدام، ومن هنا ثمة ضرورة ملحة للقيام بأبحاث علمية، والحصول على معلومات علمية دقيقة حول وضع هذه الأنواع في بيئتها، ودرجة تهديدها وطرق إكثارها والخدمات التي يمكن أن تقدمها، وصولاً إلى صياغة مقترحات تفيد في إدارتها واستثمارها بالشكل الأمثل. لذلك نحاول هنا تسليط الضوء على شجرة القطلب لما لها من أهمية متعددة الأغراض، وهي موجودة في المنطقة الساحلية بكثرة، نتيجة زيادة الحرائق في تلك المناطق الساحلية التي أدت إلى  تدهور الغابات الصنوبرية والسنديانية، وقد أصبحت شجرة الأمر الواقع بعد الحرائق المتزايدة خلال فترة الأزمة على سوريا.

اسم الجنسArbutus ، وهو الاسم اللاتيني القديم لهذا الشجر، وبعضهم يقول بأصله الفينيقي، والكلمة “قطلب” من أصل غير معروف، لكنه شائع الاستعمال في بلاد الشام. ذكر الأنطاكي بأن ثمرة القطلب تنفع من السموم أكلاً وجميع النوازل لصوقاً، وورقه يحلل الأورام طلاءً.

Arbutus andrachne (القطلب) شجرة صغيرة دائمة الخضرة وأغلبها في سوريا، طولها ما بين متر وأربعة أمتار، الأفرع منتصبة، القشرة بنية، خشنة حبيبية عندما تكون فتية. الأوراق بسيطة، متناوبة، ذات معلاق قصير، جلدية القوام، بيضوية، مسننة الحافة، طولها 4-6 سم. الأزهار خماسية القطع، تجتمع في عثاكيل انتهائية متدلية، القنابات صغيرة جداً، حرشفية. المذكر 10 أسدية، قواعدها متسعة قليلاً. المبيض علوي، خماسي الحجيرات. الثمرة عنبية، كروية، تحمل ثآليل حمراء أو أرجوانية، قطرها 1.5-2 سم، عديدة البذور، تؤكل، ويبدأ إزهارها من كانون الأول (ديسمبر) حتى آذار (مارس).

تنمو في المناطق الدافئة والمعتدلة من بلدان شرق البحر المتوسط، تنتشر في اليونان وتركيا وغرب أوروبا، كما تنمو في المنطقة الممتدة من ألبانيا إلى شبه جزيرة القرم، مرورا بساحل البحر الأسود إلى الشمال من العراق وسوريا ولبنان، وكذلك في المغرب وتونس واسبانيا ومالطا وقبرص والقسم الجنوبي من ايطاليا.

تنتشر في الغابات، وخصوصا الغابات الصنوبرية المتدهورة نتيجة الحرائق، مقاومة للبرودة، تعيش على ترب سيليسية، تحتوي جذورها على “ميكوريزا”، ما يساعدها على العيش في أراضٍ صخرية فقيرة، متحملة نسبياً للكلس في التربة، وليست بحاجة بالري، إذ يمكنها النمو بشكل بعلي. تعدّ من الأنواع المقاومة للحريق، إذ تعود للنمو بقوة بعد الحريق بدءا من الأرومة، لكنها لا تعطي اشطاء (ساق نباتية ثانوية) صادرة عن المجموع الجذري، ونتيجة لمقاومتها، فهي تحتل المواقع التي تتكرر فيها الحرائق.

يتكاثر شجر القطلب طبيعياً بالبذور التي تنتقل بواسطة الطيور التي تأكل الثمار وتنقلها من مكان آخر، أو بالفسائل التي يمكن زراعتها ابتداءً من الخريف وحتى بداية الربيع، أما من حيث الاستعمالات فيقوم السكان المحليون في مناطق نموّه بتقديمه علفاً أخضر للحيوانات في فصل الشتاء، حيث تقل المصادر الأخرى، كما يمكن استخدامه في الزينة لجمال ساقه وفروعه ذات اللون الأحمر، إضافةً إلى إمكانية استخدام فروعه الرفيعة في تشكيل الباقات لتستخدم في الداخل.

يعدّ القطلب من الأنواع الطبية، حيث يتمتع مركب الأربوتين الموجود في الثمار بخواص مدرة ومطهرة للمجاري البولية. لا ينصح باستعماله أثناء فترة الحمل والإرضاع، قد يسّبب استعماله الغثيان والتقيوء؟
يستعمل مغلي الأوراق شعبيا في علاج التهاب الكلى والمثانة، مع الانتباه إلى تأثير المركبات الدباغية المخرش للأغشية المخاطية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This