وأخيراً… قطع رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية النائب محمد قباني الشك بـ “اليقين”، من أن السمك النافق في بحيرة القرعون ناتج عن “الديناميت الذي يستخدمه الصيادون”، مختصرا على الخبراء ومراكز الأبحاث عناء التعب، ومستبقا في الآن عينه التقارير التي صدرت وسيكشف عنها في تقرير مفصل خلال الساعات القليلة المقبلة.
تفتقت أفكار النائب قباني عن نظرية جديدة، ملخصها أن الصيادين يستخدمون الديناميت لقتل الاسماك، ويتركونها للمواطنين لوجه الله، عمل خير لا أكثر ولا أقل!
نستغرب أن يصدر مثل هذا الاستنتاج على لسان رئيس لجنة الطاقة والمياه النيابية، أهو استخفاف بعقولنا؟ أم عدم دراية بموضوع دقيق وعلى جانب كبير من الخطورة، وفي الحالتين النتيجة واحدة، أي أننا محكومون بخطاب مرتجل، يؤكد أن من ائتمنوا على مصالح الناس وصحتهم ومستقبلهم، ليسوا بقادرين على ملاقاة مشكلاتهم بما يؤمن سرعة تجاوزها، بدليل “بدعة الديناميت” المروج لها من قبل النائب قباني.
المشكلة أن ثمة قفزا فوق معطيات واضحة، لا تحتاج كبير عناء لتفسيرها، خصوصا وأن تلوث بحيرة القرعون بلغ مستويات خطيرة، تهدد ليس الأسماك فحسب، وإنما سائر النظم الإيكولوجية، وهذا أمر حذر منه خبراء وما زالوا يحذرون من أن البحيرة ستغدو “ميتة”، مع تكاثر غير طبيعي لأنواع من البكتيريا والسموم، وهذا علميا أحد الأسباب لموت الكائنات الحية في البحيرة، وهي سموم متراكمة منذ سنوات بعيدة، أي أن المشكلة ليست وليدة الساعة، وأقله كان على النائب قباني أن يلحظ مثل هذه المعطيات العلمية، قبل أن ينحو باللائمة على “الديناميت”.
وفق قباني، في سياق عرضه لموضوع بحيرة القرعون، وحرصه على تنظيف نهر الليطاني وأنه يجب أن يقر بالكامل وأن يكون في طليعة تشريع الضرورة، أصاب هذه المرة، لكن هذا الحرص راح خبط عشواء، في الاجتهاد ومن ثم الاستنتاج والجزم بأن “الديناميت” هو “المتهم” في قضية نفوق كميات كبيرة من الأسماك.
إذا اعتبرنا أن “الديناميت” فعل هدم ودمار، دفع مكتشفه (ألفرد نوبل) للتكفير عن ذنبه بإطلاق الجائزة الأشهر والأهم في العالم، فهي بالتأكيد لن تُمنح يوما إلى أيِّ من سياسيي لبنان، ولكن في المقابل، الهدم أحيانا لا يكون فعل تخريب، لا بل نحتاجه لهدم ما تداعى من أبنية.
كم نحن بحاجة لـ “ديناميت” التغيير، لنهدم ونقوض دعائم دولة أورثتنا الموت، لنبني على أنقاضها صرحا يليق بمستقبل أبنائنا!