مشكلة أهالي إقليم الخروب مع معمل الجية مزمنة، ولا تقتصر على التلوث. فمن أصل 330 ميغا وات، لا ينتج المعمل إلا ما بين 90 و150 ميغا وات كحدٍ أقصى، يذهب ما بين 18 و25 ميغا وات لتغذية معمل الترابة في سبلين 24/24، فيما تعاني المنطقة من تقنين قاس، وهي لا تحتاج سوى إلى 30 ميغا وات في أوقات الذروة
لم تعد الوعود الكلاميّة التي تطلقها «مؤسسة كهرباء لبنان» والحكومة اللبنانيّة، من حين إلى آخر، تُرضي أهالي إقليم الخروب وخصوصاً القاطنين في محيط معمل «الجيّة الحراري».
التقنين الذي يطال المنطقة، عدا عن تفاقم نسبة الملوّثات التي ينفّسها المعمل القديم، دفعت بلدية برجا ولجنة الأحزاب فيها ومنظمات المجتمع المدنيّ إلى الدعوة لاعتصام مفتوح يوم الجمعة المقبل في وجه المعمل الحراري، إلى حين الاستجابة لمطالبهم بزيادة التغذية وتأمين التيار الكهربائي 24 ساعة، واستبدال المعمل القديم بآخر حديث يراعي المعايير العالميّة، وإلّا سيكون التصعيد الحلّ الوحيد، وصولاً إلى إقفال المعمل، وما يتبع هذه الخطوة من قطع الكهرباء عن المناطق التي يغذّيها المعمل بالتيّار الكهربائي، ولا سيما العاصمة بيروت، بحيث قد تنخفض التغذية فيها من 21 ساعة يومياً إلى 12 ساعة فقط.
تحرك قضائي أيضاً
يقابل الحراك الشعبي في وجه المعمل الحراري، دعوى قضائيّة قدّمتها بلدية برجا ضد «مؤسّسة كهرباء لبنان» منذ نحو سنة، يؤكّد المحامي أحمد حمية، عضو لجنة المحامين المكلّفة من البلديّة، أن الدعوى «وصلت إلى خواتيمها بعدما قُدّمت الدفوع الشكليّة واللوائح الجوابيّة من الطرفين، بانتظار صدور قرار قاضي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف، برفع الضرر وتعيين لجنة خبراء للكشف على المعمل»، إلا أن اعتراض مؤسّسة كهرباء لبنان قد يترك القضية عالقة في القضاء، فهي تعتبر أن «الملف ليس من اختصاص قضاء العجلة»، علماً بأنه في حالات التعدي وثبوت الأضرار «تصبح هذه الدعوى من اختصاصه»، يرد حمية.
هذه الدعوى ليست يتيمة ضد «معمل الجيّة». وبحسب مصادر في النيابة العامّة الماليّة، فقد «استكملت تحقيقاتها في قضية معملي الجيّة والذوق، بعيد تسلّم كامل الملف من المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، تحت إشراف النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم»، وبالتالي فإن «ثبوت وجود أي جرم يتعلق بهدر المال العام سيحوّل القضية إلى قاضي التحقيق».
في المقابل، تؤكّد مؤسسة كهرباء لبنان التزامها بمسار الدعوى القضائية المرفوعة من بلدية برجا ضدّها. تجزم مصادر المؤسسة لـ»الأخبار» خضوعها لأي قرار سيصدر عن القضاء اللبناني. وتستغرب هذه المصادر «قرار التحرّك المفتوح ضد المعمل» باعتبار أن «المؤسسة تتابع ملف المعمل بجديّة، وخصوصاً أن استبداله بآخر جديد بات في مراحل متقدمة». وتردّ التقنين إلى «عطل في عدد من مجموعات الإنتاج في معمل الزهراني. ويجري العمل على إعادة التيار إلى طبيعته تدريجاً اعتباراً من نهار الثلاثاء (اليوم)»، نافية كلّ كلام عن «معاقبة أي منطقة بحرمانها من التيار الكهربائي»، وتشير الى عدم وجود قرار بزيادة ساعات التغذية في الإقليم «لعدم قدرة المؤسسة على ذلك».
المعالجة الرسميّة!
وبالنسبة إلى نواب الإقليم، فإن «حلّ مشكلة الكهرباء لن يكون في المدى المنظور نظراً إلى الصعوبات التي يواجهها الملف». يؤكّد النائب محمد الحجار أن «اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الطاقة بحثت في ملف معملي الجية والذوق، وستُطلق مناقصة تلزيم تفكيك المعمل الحالي وإنشاء معمل جديد مع بداية العام المقبل، بموازاة الجهود القائمة لتوفير التمويل اللازم لهذا المشروع باتفاق أولي مع الصندوق العربي». ويؤيد الحجّار «التحرّكات التي تنظّمها بلديّة برجا بالتعاون مع المجتمع المدني، باستثناء خطوة إقفال المعمل، التي سيكون لها ارتدادات سلبية على المنطقة وكل لبنان»، داعياً «إلى مواكبة عمل اللجنة النيابية الفرعية بغية تحقيق المطالب ووضع حدّ للتلوث الناتج من المعمل».
من جهته، يشير النائب علاء الدين ترو إلى أن «الحكومات اللبنانية المتعاقبة لم تستطع حلّ أزمة الكهرباء نتيجة الصفقات والسمسرات التي أعاقت عملية تأهيل واستبدال المعامل»، مضيفاً «لا حلول في المدى المنظور لناحية تحسين التغذية الكهربائيّة أو حتى الحدّ من أضرار المعمل على البيئة»، وبالنسبة إليه «حقّ أهالي المنطقة في التحرّك مشروع، لكن التظاهرات لا تحصّل الحقوق طالما لا إمكانية راهنة لتأمينها». يقول إن «الاعتصام والمطالبة بأربع وعشرين ساعة كهرباء سيحرم المناطق الأخرى، فيما المطلوب توزيع الكهرباء بالتساوي على الجميع».