السد ليس مصدرا جديدا للمياه بحد ذاته، بل هو عبارة عن تخزين سطحي غالي الكلفة لمياه نبع أو نهر أو جدول أو ساقية أو سيول موجودة أصلا، وتشكل ما يعرف بـ المياه السطحية.

والسد هو تخزين لمياه عكرة غير صافية على مدار السنة، وعرضة للتلوث الكيميائي والجرثومي، وتتطلب معالجة قبل استعمالها للشرب أو الخدمة، وكل مياه معالجة هي مياه غالية الثمن.

مصادر المياه الجديدة المتوفرة في لبنان بنسبة 3 مليارات متر مكعب متجدد سنويا لقاء 1.3 مليار م. م فقط للمياه السطحية، حسب التقارير العلمية للأمم المتحدة.

كلفة استثمار المخزون المائي الجوفي بواسطة اﻵبار قليلة نسبة الى السدود، وﻻ تتطلب دفع استملاكات، ﻷن التخزين مجاني تحت اﻷرض، وهي مياه نقية وعذبة على مدار السنة، وﻻ يخف تصريفها صيفا كما هو حال المياه السطحية، ومحمية جيدا من التلوث السطحي.

بعض المخازن الجوفية الصغيرة تتعرض للتمليح بسبب كثرة الضخ من اﻵبار يتخطى المخزون المائي الجوفي المتوفر، كما يحصل في آبار خلدة الناعمة مثلا، وهي ناتجة كما هي العادة عن جهل مصلحة المياه بالواقع الهيدروجيولوجي للمنطقة، وتقدم لها التبريرات الغوغائية للمطالبة بإنشاء السدود المئلية الكبيرة، ﻷن كل المياه الجوفية تعرضت للتمليح كما يقولون كذبا.

بناء السدود على مواقع صخرية كربوناتية عالية النفاذية، يؤدي إلى تسريب المياه من السطح الى العمق الصخري عبر الشقوق والكسور والفراغات، ما يشكل خطرا كبيرا لجهة إمكانية انهيارها في ما بعد، نتيجة حفر المياه الجوفية تحتها وخلق الفراغات، مثل ما حدث في سدي زيزون وسبخان في سوريا، ويحدث في سد الموصل وسدود أخرى في انحاء العالم، مما دعا بالسلطات الفرنسية خلال العشرين سنة الماضية الى إزالة معظم السدود الجبلية الصغيرة التي تمتلئ بالوحول على مدى السنين، ما يخفف من حجم تخزين المياه وتوليد الكهرباء ويتطلب تنظيفها الكثير من الوقت والمال.

نحن في لبنان يطعمنا حجة والناس راجعة“…

باريس روما وفيينا تعتمد كليا على المياه الجوفية، كما ضواحي صور، النبطية، صيدا ومرجعيون في الجنوب اللبناني.

الى متي التمادي في نهب اﻷموال العامة وتكديس الديون على المواطن بتنفيذ سياسة مائية خاطئة علميا 100 بالمئة؟

نطلب من مجلس الوزراء التراجع عن موافقته على هذه اﻹستراتيجية المزعومة غير الوطنية لقطاع المياه، واعتماد الحلول العلمية لعلماء وخبراء وليس لسياسيين يدعون العلم.

ولو كانت نقابة المهندسين التي نحترم ونجل تحاسب بعض المهندسين على اﻷخطاء، لسحبت من هؤﻻء الجهلة بقطاع الثروة المائية اذن مزاولة الهندسة، وعلى الشعب ان يسحب منهم اذن مزاولة السياسية لعدد كبير من المسؤولين.

*أستاذ وباحث جامعي ومهندس هيدروجيولوجي

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This