أزهرت نبتة عملاقة رائحتها نتنة يعود أصلها الى الغابة الإستوائية في إندونيسيا في “الحديقة النباتية في نيويورك” New York Botanical Garden، جاذبة أعدادا كبيرة من الفضوليين والمهتمين، خصوصا وأن عملية إزهارها تعتبر حدثاً عالمياً نادراً، إذ قد لا تعود للإزهار مرة ثانية قبل عشر سنوات، وأحيانا تحتاج إلى قرن كامل.
وهذه النبتة المعروفة باسم “زهرة الجثة” Amorphophallus titanum، بحاجة إلى سنوات عدة لتخزين ما يكفي من الطاقة لبدء دورة الإزدهار، فلا نستغرب أن ينتظرها الناس كل هذه السنوات من أجل مشاهدتها.
وملأت الحديقة النباتية في نيويورك “رائحة اللحم الفاسد”، فبعد ما يقرب من 10 سنوات، أزهرت “زهرة الجثة” النادرة، والتي تطلق رائحة لمدة تصل الى أكثر من 36 ساعة، وتجذب الملقحات التي تتغذى على الحيوانات النافقة. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها عرض “زهرة الجثة” في الحديقة منذ عام 1939. وهذا النبات فريد من نوعه ولا يمكن التنبؤ بموعد إزهاره.
سنبلة مركزية
ولاحظ علماء النبات في الحديقة بدء تشكل الزهرة يوم الجمعة 15 تموز (يوليو) الماضي، وسرعان ما انتقلت بعد ذلك الى العرض. وتصدر الروائح المميزة لزهرة الجثة عبر جزيئات مختلفة، تجذب الذباب والخنافس، وحتى الناس الذين يريدون أن يروا الشيء المثير لكل هذه الضجة.
ووفقاً لتقرير لـ “ناشيونال جيوغرافيك” National Geographic، فإن واحدة من الجزيئات ثُلاثيّة “ميثيلمين” trimethylamine، تقوم بإخراج رائحة سمك نتن، بالإضافة الى حمض “الإيزوفاليريك” isovaleric acid المسؤول عن رائحة العرق.
ويمكن أن يصل وزن زهرة الجثة إلى 200 باوند وطولها إلى 12 قدماً في بيئتها الطبيعية، ولكن تلك الموجودة في الحدائق تصل الى متوسط طول 6 أقدام. وقد يتصور المرء أن هذا النبات الضخم هو مجرد زهرة واحدة، ولكن بمجرد القاء نظرة في داخلها سترى سنبلة مركزية تضم حلقتين من الزهور الذكور والإناث. وبمجرد أن تزهر، فإن دورة حياة الزهرة تمتد ليوم أو يومين فقط.
ومع ذلك، فإن المتفرجين لا يرون الزهرة تنفتح في وقت واحد، فهناك عدة دورات لنمو الزهرة قبل أن تطلق رائحتها النفاذة. وهذا النبات النادر يزدهر في درجة حرارة مرتفعة ورطوبة، كما انه يحتاج مساحة كافية للنمو.
اختارت أن يلقحها الذباب
وتحتاج نبتة “آروم تيتان” للتفتح إلى بيئة خاصة جدا مع ايام وليال حارة تترافق مع رطوبة عالية، ما جعل من الحديقة النباتية في نيويورك مكانا مناسبا جدا للسماح لهذه النبتة الغريبة من الاستمرار خارج بيئتها الطبيعية.
واكتشف هذا النوع النباتي للمرة الاولى العالم إدواردو بكاري في العام 1878، ويقول علماء النبات إن سر ارتفاع هذه الزهرة هو أنها مثل المدخنة، تخرج هذه الرائحة الكريهة لتصل إلى أبعد مسافة ممكنة، وتجذب أكبر قدر من الذباب لتتم عملية التلقيح بكفاءة شديدة.
وتنمو هذه الزهرة في غابات سومطرة، وهي لا تلجأ إلى ما تفعله الزهور الأخرى التي تخرج رائحة حلوة لجذب الفراشات والنحل لتلقيحها، فزهرة الجثة اختارت أن يلقحها الذباب والخنافس التي تضع بيضها في اللحم الفاسد، لذلك فهي تخرج هذه الرائحة التي تجذب هذه الحشرات.