لم تجد الفنانة اللبنانية كوليت الحداد، ابنة كفرمتى في منطقة الشحار الغربي – قضاء عاليه، وسيلة للتعبير عن فرحها بمشاركة أهلها في قريتها الجبلية الهانئة بعد كابوس الحرب ومأساتها، إلا أن تكون كفرمتى مسرحا لتجسيد أفكارها الفنية المبتكرة، خصوصا وأنها آثرت إعداد لوحة فسيفسائية Mosaic كبيرة، وذلك بعد فوزها بجائزة “غينيس” Guinness عن أكبر لوحة منفذة تحت الماء بمساحة 6 أمتار مربعة، متجاوزة رقم الفنان الدنماركي جيسبر كيكنبورغ، وقررت إهداء قريتها إنجازا جديدا بأكبر لوحة فسيفسائية (موزاييك) من الصابون، نفذتها أمس في ساحة “كنيسة مار جاورجيوس” بمناسبة مهرجان “عيد السيدة” حين اجتمع أبناء البلدة بكافة مشاربهم وانتماءاتهم، يحدوها أمل بنيل الجائزة للمرة الثانية في مسقط رأسها.
ولأن الحدث يتسم بأهمية إنمائية، كون كفرمتى تعيش بشكل أساس على شجرة الزيتون المباركة، ثمارا وزيتا وصناعة صابون، فضلا عن أهميته الفنية والتراثية والثقافية، شارك موقعنا greenarea.info في هذا الحدث، وكانت مناسبة للحديث مع الفنانة الشابة، لنتعرف أكثر على فنها وانجازاتها وأحلامها وأهدافها في هذا المجال، وفي ما يلي نص الحوار:
Greenarea.me: نود التعرف على كوليت الحداد أكثر، وعلى الفن في حياتك وعن حصولك على جائزة غينيس؟
كوليت الحداد: درست المحاسبة، والرسم كان هواية، لم أطورها حتى سنوات قليلة مضت، وأخذت دروسا لفترة أشهر، ووضعت عند ذلك أهدافا عدة، منها أن أرفع مستوى الرسم والفنون الجميلة والتراث في لبنان إلى مستوى أعلى، وبما أني وضعت هذا الهدف أمامي، أردت أن أجد طريقة لكي أُسمعَ وأُعرَف وإيصال صوتي، وخصوصا لفت الأنظار إلى ما يحصل في لبنان، وأن أعكس تاليا صورة لبنان الفن والحضارة، وكصرخة من أجل الحفاظ على البيئة المائية، التي وصلت إلى درجة تلوث كبيرة للغاية، وهدفي أيضا التشجيع على التعبير بالوسائل الحضارية وخصوصا السلمية، وأيضا بهدف تشجيع المرأة الشرقية للتعبير عن رأيها وما تشعر به، أتتني فكرة أن أدخل مسابقة “غينيس”، وكوني أمارس رياضة الغطس، وجدتها فكرة مناسبة، أن أدمج بين هوايتين أعشقهما وتحقيق هدفي.
Greenarea.me: أخبرينا عن لوحتك الفائزة بجائزة غينيس؟
كوليت حداد: نفذت لوحة في “مارينا ضبية” بأبعاد ٣م x ٢م في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2015، بفترة ساعتين، وتمثل طابعا بريديا لبنانيا، يشتمل على علم لبنان، صخرة الروشة، أعمدة بعلبك، رقصة الدبكة وسفينة فينيقية، والرقم 10452، وهو مساحة لبنان، وقد اضطررت لتنفيذها في مسبح مارينا الضبية، ولو كنت أود تنفيذها في البحر اللبناني، للفت الأنظار إلى ما يعانيه بحرنا من التلوث والمشاكل البيئية وما تتعرض له الحياة البحرية من تحديات، وكصرخة للحفاظ على الثروة المائية، ولكن التيارات البحرية شكلت عائقا، وانخفاض درجات الحرارة منعني.
Greenarea.me: كيف تبلورت هذه الفكرة؟
كوليت الحداد: بعد زيارة لمدينة روما، ومشاهدة ابداعات الفنانين هناك، لذا نفذت لوحة الطابع المالي تحت الماء، وتواصلت مع موقع جائزة “غينيس”، مع البراهين والصور وكل البيانات وفزت بالجائزة، وهذا ما دفعني للتفكير إلى أنه لا ينقصنا في لبنان قدرات وفنانين وابتكارات، وبدأنا فعلا بتشكيل مجموعة فاعلة من الفنانين والرسامين والنحاتين، لنتمكن من إيصال رسالة وصورة لبنان الحضارية، وسنساهم في معارض، فضلا عن التدريب لتنمية المواهب وزيادة الإحتراف، ولدينا طموح بالوصول إلى المدارس والطلاب للتعريف بأهمية الفن وتعريف الطلاب على الفن وتقنياته، وبعد إنجاز الرقم العالمي قررت الإستمرار، والتفكير بإنجاز آخر، وهو لوحة الموزاييك أو الفسيفساء هذه.
Greenarea.me: ماذا عن نشاطك الحالي، ولماذا اخترتِ الصابون كمادة لإنجاز اللوحة؟
كوليت الحداد: أتت فكرة استخدام الصابون في لوحة منذ حوالي شهرين، عندما جئت إلى الضيعة، ووجدت أن كفرمتى مشهورة بأشجار الزيتون التي يصنع منها زيت الزيتون والصابون، وارتأيت أن أقوم بعمل استعمل فيه الصابون، وذلك لأسباب عدة، أهمها القيام بهذا النشاط الترفيهي لجمع أهالي الضيعة، وتشجيع أهل كفرمتى وخصوصا شبيبتها بالعودة للجذور، وعلى الأقل زيارتها خلال فترة نهاية الأسبوع والمناسبات كهذه المناسبة المباركة، ولم أجد مناسبة أكثر ملاءمة من عيد السيدة العذراء لتنفيذ فكرتي، وكإعادة للاندماج الوطني النموذجي، فضلا عن دعم بناء مبنى كنيسة مار جاورجيوس في القرية، حيث أننا بعد انتهاء المهرجان، سنبيع قطع الصابون بأسعار رمزية، برعاية الوزارتين الصناعة والثقافة، وعدد من الممولين.
Greenarea.me: ماذا تمثل لوحة الفسيفساء؟
كوليت الحداد: تمثل اللوحة حمامة السلام، وهي تحمل غصن زيتون وعلى جانب منها كلمتي لبنان وكفرمتى باللغة الأجنبية، مع أمل بأن يحل السلام في لبنان والعالم، وقد صنعت اللوحة باستخدام 35 ألف حبة صابون، بطول 14,06 م x 9.2 مشكلة مساحة 129.352 م2، وآمل كسر رقم “غينيس” والفوز للمرة الثانية، وقد تواصلنا معهم، وأرسلنا الصور والبيانات.
Greenarea.me: من نظم هذا المهرجان؟
كوليت الحداد: هذا المهرجان من تنظيم لجنة رعية مار جاورجيوس، ولجنة مار الياس، وشبيبة كفرمتى وجنود مجهولين كثرا، وقد ساهمت بمشاركتي المتواضعة بهذا الحدث، وأشكر وسائل الإعلام العديدة التي ساهمت بتغطية الحدث وإنجاحه، ومنهم greenarea.info، والجهات الداعمة لهذا النشاط من وزارات ومؤسسات وشركات خاصة.
Greenarea.me: هل ثمة كلمة أخيرة؟
كوليت الحداد: أشكر جميع من ساعدنا وعمل على نشر رسالة السلام هذه، على أمل أن نعمم رسالة السلام والأمان في ربوعنا، وأن نتمكن من أن نعيد لبنان كما كان، وأن نعمل لتعزيز الصناعة المحلية والمحافظة على البيئة، وجمع الناس على المحبة وأهداف عديدة آمل أن ننفذها في نشاطاتنا العديدة المقبلة.