عين الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المكسيكية باتريسيا اسبينوزا أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في أيار (مايو) من هذا العام.
وتتمتع اسبينوزا بالخبرة في مجال العلاقات الدولية لأكثر من 30 عاما، وشغلت منصب وزيرة خارجية المكسيك في الفترة بين 2006-2012 وممثلة بلادها في دول، منها: النمسا وألمانيا، وكذلك في الهيئات متعددة الأطراف والمنظمات الدولية في فيينا وجنيف ونيويورك، وقد حضرت اسبينوزا الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية في العاصمة الفرنسية في العام الماضي COP21، حيث تم اعتماد اتفاق باريس لتغير المناخ.
وقد تحدثت السيدة اسبينوزا مؤخرا مع “أخبار الأمم المتحدة” عن عملها والتحديات المقبلة.
وفي ما يلي نص الحوار:
ماذا تتمنين إنجازه باعتبارك الأمينة التنفيذية لاتفاقية تغير المناخ؟
اسبينوزا: توليت مهامي على رأس أمانة الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ في وقت مثير للغاية. لدينا اتفاق باريس، الذي يعد اتفاقا تاريخيا، بعد سنوات عديدة من المفاوضات. لدينا الآن زخم من الإرادة السياسية للحكومات، بل رغبة من القطاع الخاص والمجتمع المدني، ومن الأفراد في كل مكان في العالم، في العمل نحو تحقيق اقتصاد منخفض الكربون، ومجتمع عالمي منخفض الكربون. لذلك أود أن أقدم مساهمة في هذا الصدد. أود أن ندعم كل تلك الجهات والحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، جميع من هم على استعداد للمشاركة في هذا التحدي الكبير الذي له علاقة بمستقبل كوكبنا.
هل تعتقدين أن اتفاق باريس قوي بما فيه الكفاية لدفع العالم للحد من تغير المناخ، بالحفاظ على درجات الحرارة العالمية بأقل من درجتين مئويتين أو حتى 1.5 درجة؟
اسبينوزا: في الواقع يقدم اتفاق باريس إطارا شاملا للعمل لجميع الأطراف الفاعلة التي ذكرتها سابقا. بطبيعة الحال، تأتي الحكومات في مركز هذه الأجندة، إلا أن القضية ليست قضية حكومات فقط. في الواقع، في حالة اتفاق باريس، إذا كنا نريد تحقيق الامتثال الكامل للاتفاق الذي نرجوه، لن يتوقف العمل على الحكومات فقط، نحن بحاجة إلى عمل جميع أفراد المجتمع. أعتقد أن تطبيق اتفاق باريس بالطريقة التي نرغب أن يتم بها، يتوقف حقا على كل تلك الجهات.
ما هي قوة الدفع الرئيسية التي ستساهم في تعزيز طموحات الدول لبذل المزيد من الجهد للحد من الانبعاثات وبناء القدرة على التحمل؟
اسبينوزا: في الواقع، تغير المناخ يتعلق برفاه الشعب. وهو ليس مفهوما غامضا جدا أو مشكلة غامضة خارج نطاق حياتنا اليومية. فهو يؤثر على حياتنا اليومية، وهذه حقيقة أساسية ينبغي أن يأخذها الجميع في الاعتبار أثناء العمل نحو تحقيق مجتمع منخفض الكربون، إذا كان لنا أن نفكر في صحة الناس الذين يتضررون من آثار تغير المناخ، على سبيل المثال نوعية الهواء الذي نستنشقه ومعاناة الكثير من الأطفال وكبار السن من ذلك، إذا نظرنا إلى الأشخاص الذين يعيشون في فقر، الذين هم ضحايا الفيضانات التي تفقدهم فجأة ليس فقط أملاكهم القليلة بل أيضا أفراد أسرهم، وإذا نظرنا إلى الكوارث التي تدمر البنية التحتية، والتي تعزل تماما مجتمعات في أجزاء مختلفة من العالم، نحن نتحدث عن حياة الناس. وإذا وضعنا هذه الاعتبارات نصب أعيننا، فستكون دافعا قويا للجميع لاتخاذ إجراءات عاجلة وأشد طموحا.
هل تعتقدين أنه من الممكن أن نرى اتفاق باريس يدخل حيز التنفيذ هذا العام؟
اسبينوزا: لدينا، حتى اليوم، 22 تصديقا. وهذا في رأيي، خبر سار ومشجع للغاية. كما أن هناك أيضا دعوة من الأمين العام للمشاركة في فعالية خاصة في 21 أيلول (سبتمبر) من أجل تعزيز التصديق المبكر. لذلك أنا متفائلة جدا. أعتقد أن ذلك سيوجه رسالة قوية جدا حول رغبة كل بلد في الامتثال لاتفاق باريس.
والآن بعد أن تم التوصل إلى اتفاق، ما الذي سيكون محور الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ؟
اسبينوزا: بالطبع نحن بحاجة للعمل في مختلف المجالات. أولا وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى الاستمرار في دعم الحكومات في عملياتها الحكومية الدولية، وفي مفاوضاتها حيث إن اتفاق باريس يوفر هذا الإطار الشامل ويتطلب الكثير من الأدوات التي ما زالت بحاجة إلى تطوير. على سبيل المثال من حيث قواعد الشفافية، وقواعد القياس – هذه قضايا ليس من السهل حلها ولا من السهل تجميع الآراء. إذا سيكون هذا جزءا من العمل، وهو جزء مهم من عملنا. وقد كلفنا الاتفاق بدعم مؤتمر الأطراف الذي يعقد كل عام، ولكن إلى جانب ذلك، لأن غايتنا حقا هي الامتثال الكامل للاتفاق، فإننا بحاجة إلى التركيز بشكل كامل على تنفيذ اتفاق باريس الذي سيترجم إلى برامج وطنية بشأن تغير المناخ في كل بلد. وسوف نحتاج إلى الوصول إلى جميع تلك الجهات الفاعلة – إلى الحكومات والمجتمعات المدنية، والشركات – والمساهمة في تعبئتها للمساعدة في هذه المعركة ضد تغير المناخ.
العديد من مجالات العمل التي لا غنى عنها لمعالجة تغير المناخ هي أيضا جزء من الأهداف الإنمائية المستدامة. كيف سيتم دمج المسارين؟
اسبينوزا: هذا مجال عمل مهم جدا للمستقبل، ليس فقط لاتفاقية تغير المناخ ولكن لمنظومة الأمم المتحدة بأسرها. وأود أن أقول في الواقع لجميع مجتمعاتنا بشكل عام جدا – بسبب ما ذكرته سابقا – أن تغير المناخ له علاقة بالتنمية. هناك عملية تنمية واحدة فقط في كل بلد. نحن بحاجة لإنشاء الأطر، الأطر القانونية والمؤسسية والسياسات المطلوبة من أجل إتاحة تلك الأنواع من عمليات التحول الهيكلية المطلوبة في البلدان. ومن ثم هذا هو مجال العمل الذي سوف يستنفد الكثير من موارد الاتفاقية الإطارية والذي سوف أكرس له وقتي شخصيا.
كنتِ رئيسة مؤتمر الأطراف السادس عشر في كانكون، المكسيك، الذي ساهم إسهاما كبيرا في سير الإجراءات. هل ترين تغييرا في النهج الذي تتبعه البلدان في التعامل مع تغير المناخ منذ ذلك الاجتماع في كانكون؟
اسبينوزا: بالتأكيد. نحن في بيئة مختلفة تماما. عندما عقدنا مؤتمر كانكون في أعقاب مؤتمر كوبنهاغن حيث للأسف، لم نتمكن من التوصل إلى وثيقة توافق في الآراء وهذا الوضع، بطبيعة الحال، لم يشجع العديد من المشاركين في عملية المفاوضات. لذلك كانت لحظة حرجة للغاية وكنا بحاجة إلى استعادة الثقة في الأطراف، وتمكنا من القيام بذلك. اليوم، لا توجد ثقة فقط – بل هناك حماس هائل للمشاركة في هذا البرنامج وعملية التحول. لذلك أنا في غاية السعادة لترأسي الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ الآن في هذه المرحلة.