لن يسمح الناشطون البيئيون ولا أهالي البلدات المجاورة باستفراد عين دارة – قضاء عاليه، فمن قب الياس والبقاع الأوسط إلى قضاءيْ الشوف وعاليه ومنطقة المتن الأعلى، تقاطر المواطنون إلى ضهر البيدر تضامنا ورفضا لمشروع بيار فتوش بإقامة معمل إسمنت وجبالات ومجمع صناعي.
ولم تكن عين دارة وحدها بالأمس في الاعتصام الذي دعت إليه بلديتها وهيئاتها ومؤسساتها المدنية، حتى أن ناشطين من مناطق بعيدة حضروا مؤازرين وداعمين، وقالت عين دارة كلمتها واحدة موحدة، بسائر قواها وفاعلياتها الروحية والسياسية والاجتماعية، رفضا للمجمع الصناعي وللاستمرار في نهش وقضم جبالها، لا بل أكدت رفضها الانسياق إلى ما روج له آل فتوش من أن ثمة “استهدافا للمسيحيين”، في محاولة لاستحضار لغة الغرائز، وهي لغة تجاوزتها عين دارة في أوج الحرب الأهلية، وكانت من بين البلدات التي حافظت على تنوعها، ولم يعرف أي من أبنائها التهجير.
الاعتصام
شارك في الاعتصام وزير الزراعة أكرم شهيب، النائبان فادي الهبر وهنري الحلو، ممثلو أحزاب وعدد من رؤساء بلديات ومخاتير، وحشد من أهالي قب الياس وقرى البقاع الأوسط وعاليه والمتن الأعلى.
عرف خلال اللقاء فريد بدر، وتوالى على الكلام رئيسا بلدية عين دارة فؤاد هيدموس وقب الياس جهاد المعلم، مؤكدين رفض إقامة هذا المشروع، وعارضين لمخاطره على الصحة العامة ومصادر الينابيع الجوفية.
شهيب
وتحدث الوزير شهيب، فتساءل: “لماذا نحن هنا؟”، وقال: “لأنكم أنتم هنا، أنتم البلدية، أنتم الناس، لأن بلديات المنطقة جميعها هنا، وبلديات المنطقة هي خيار الناس، ولما يكون الخيار خيار الناس، فنحن مع الناس، وبالتالي قرار الناس هو الذي يمر”.
وأضاف شهيب: “نحن هنا أهل وجمعيات وأندية وبلديات ورجال دين وناشطون بيئيون، كلنا هنا من أجل وقف العمل المزمع إنشاؤه والذي لن يكون له موقعا في جبلنا، لماذا نحن هنا؟ لان رجال الدين يباركون اليوم عملنا هنا، لماذا نحن هنا؟ لان سهلنا والجبل هنا، عين دارة هنا وقب الياس هنا، فهذا التلاحم – وأرى لافتة وراءنا تقول (إذا ما صرنا واحد رح ياخدونا واحد واحد ورح نخسر قضيتنا)”.
وقال: “لماذا نحن هنا؟ لان ضهر البيدر حولها آل فتوش (سهل البيدر)، ننظر وراءنا فنرى ما حل بهذه الجبال، هذه الجبال فيها تراب اهلنا، فيها خيراتنا، فيها شجرنا، فيها منابع مياهنا، فيها أهم محمية في الشرق، محمية أرز الشوف التي فيها ثلاثة ملايين ونصف مليون شجرة أرز، والأرزة على علمنا، وعلمنا سيظل مرفوعا، لماذا نحن هنا؟ لاننا سنمنع المجمع الصناعي لآل فتوش”.
وأردف شهيب: “باختصار، هذا المجمع الصناعي نعرف كيف بدأت رخصته، لكن لا نعرف كيف ستنتهي قصته، قصته معنا كبيرة، نحن لا تخيفنا لا قمصان سود ولا قمصان حمر، لانه كما قلت سندافع عن أرزتنا وعن مياهنا، يعني أننا سندافع عن حياتنا، حياتنا هي ببيئتنا، وهذه البيئة السليمة النظيفة، على علو 1500 متر وما فوق، لكن مع الاسف، حرام ما حل بهذا الجبل، وبالتالي تبدأ بمعمل صناعي، بعد عشر سنوات لا نعرف هذا المجمع الصناعي كم مجمعا صناعيا سيصبح”.
وقال: “صديقنا فتوش ذهب بسؤال واستجواب إلى مجلس النواب، عن (الوزير) وائل ابو فاعور وعني، نحن تحت القانون دائما، لكن هل من يقول لي كيف حصل على رخصته، بدءا من هذا المخفر على الباب، وأتهم هنا، من هذا المخفر إلى أكبر وزارة، كيف حصل على رخصته، المعروف أن هذه الرخصة رفضت في زحلة التي نحترم ونحب ونحن مع أهلها جميعا، وبالتالي نحن لسنا مكبا لاحد، لا، وإذا كان يظن نفسه جبلا قويا، جبل عين دارة اقوى منه كثيرا، والناس اقوى منه كثيرا”.
وختم شهيب: “أختصر وأقول، ملعبنا غير ملعب بيت فتوش، نحن لا نروح في السياسة، أنا مواطن من هذه المنطقة، وعضو في محمية نفتخر فيها، وأنا في نفس الوقت نائب في البرلمان ووزير في هذه الحكومة الى اشعار آخر، لكن أول كلمة، أنا مواطن من هذه المنطقة، أنا وكل من هو هنا ضد هذا المشروع، وهو ليس مشرعا سياسيا بوجه مشروع سياسي آخر، هو مشروع إنساني بيئي حياتي ووطني بامتياز”.
الأب شكرالله شهوان
وألقى مدير “مدرسة مار جرجس المارونية – عيندارة” الأب شكرالله شهوان كلمة، قال فيها: “ثابتون في سهلنا وجبلنا، متشبثون في حقنا بالحياة دون تفرقة وتمييز، نتنشق معا هواء الحرية، ونتغذى بخبز العيش المشترك”، وتوجه إلى فتوش قائلا: “يحاول اللعب على الوتر الطائفي لتمرير مصالحه الضيقة، زاعما انه يلقى معارضة لمشروعه لانه ينتمي الى الطائفة المسيحية، نحن نقول ان المسيحيين والمسيحية هم براء من كل من يسيء الى الحياة، الى حياة الناس والى اي طائفة انتموا”.
وأشار رئيس بلدية عاليه إلى “اننا نوجه الشكر لفتوش لانه جمعنا كلمة واحدة لنقف بوجه هذا المشروع، ونقول له لو ينشىء مستشقى لامراض السرطان لكان الناس شكروه”.
وأكد النائب الهبر على “الخطر الذي يتهدد المياه”، لافتا إلى أن “ضهر البيدر منبع المياه والينابيع التي تغذي الشوف وعاليه والمتن الأعلى”.
وتحدث رئيس بلدية بدغان الدكتور زاهر شيا باسم “اتحاد بلديات الجرد الاعلى – بحمدون”، مؤكد أن المصنع لن يمر”.