يستخرج زيت النخيل من ثمار النخيل (اللب فقط)، وتحتوي ثماره على ما بين 40 و50 بالمئة زيتاً، وحاليا، يعتبر زيت النخيل أهم ثاني زيت نباتي من حيث الإنتاج العالمي، ويُنتج في عديد من مناطق العالم، أهمها حاليا: ماليزيا، اندونيسيا وبعض الدول الأفريقية ودول وسط وجنوب أميركا اللاتينية.

   تتصف زيوت النخيل الخام باحتوائها على نسبة مرتفعة من “الحموض الدسمة” أو “الأحماض الدهنية الحرة” Free fatty acids ومن الشوائب غير الغليسيريدية، إضافة إلى الدرجة اللونية نتيجة انتقال المواد الملونة من الثمار إلى الزيت، وهي التي تعطي الزيت لوناً أصفر مُحْمراً، وأحياناً تكون ذات لون أحمر مائل إلى السمرة وداكنا، لذلك يجب أن تخضع هذه الزيوت إلى عمليات التكرير وإزالة اللون والرائحة حتى تصبح قابلة للاستخدام الغذائي البشري، وتصنف الزيوت الناتجة إلى عدة أصناف تبعاً لدرجة النقاوة والدرجة اللونية.

تستخدم زيوت النخيل المكررة بكثرة عالمياً، لإنتاج السمن النباتي أو”مرغرين” حيث تمزج بنسب معينة مع زيت نوى النخيل والزيوت النباتية المهدرجة جزئياً مثل زيت الصويا، زيت القطن …إلخ لتحقيق المواصفات المطلوبة، ويُستخدم قسم آخر كزيوت للطعام مباشرة.

تنتج مصانع الإنتاج زيوت النخيل في ماليزيا وأندونيسيا حاليا، وتصدر إلى الأسواق أنواعاً عديدة من زيت النخيل، هي:

  1. زيت النخيل “الخام”: CRUDE PALM OIL.
  2. زيت النخيل “المكرر والمبيض والمزال الرائحة”: RBD PALM OIL.
  3. زيت النخيل “الأوليئي المكرر والمبيض والمزال الرائحة”: RBD PALM OLEIN، وهو الزيت المفصول من زيت النخيل العادي، ويوجد منه في الأسواق العالمية أكثر من نوع وخواص، وكل نوع يختلف عن الآخر اعتمادا على نسب ومكونات الحموض الدسمة فيه.
  4. زيت النخيل “الستياريني المكرر والمبيض والمزال الرائحة”: RBD PALM STEARIN، وهو الزيت المفصول من زيت النخيل العادي، وله مجال درجة انصهار بين 40 و50 درجة مئوية، وسعره أقل من سعر زيت النخيل العادي، ولا يعتبر وجوده صحيا بنسب بسيطة في السمن النباتي، ويزداد تأثيره السيئ على الصحة بزيادة نسبته في السمن النباتي.

 

مخاطر صحية

 

وهناك كثيرون من يعتقدون بسلامة استخدام زيت النخيل، كزيت طبيعي مستخرج من شجرة النخيل، وهذا كلام صحيح، وتكمن الخطورة في ان هذا الزيت يحوي نسبة كبيرة من الدهون المشبعة والتي تتراكم على جدران الشرايين، حيث يحتوي هذا الزيت على حمض البالمتيك Palmitic Acid، الذي يعزز من الترسبات الدهنية داخل الاوعية الدموية، بسبب ارتفاع درجة انصهاره، ما يساهم بارتفاع خطورة الإصابة بأمراض القلب والشرايين، إذا ما استهلك بكثرة.

في العام 2010 تم تحديد الكمية القصوى لاستخدام الفرد من هذه الزيوت، حيث أوصي بألا تتجاوز الكمية حوالي 57 غراما شهريا، أو ما يعادل 1.9 غرامات في اليوم، وهذا يشكل 10 بالمئة من استهلاك الحموض الدهنية ككل، ويبدو أن هذا الأمر صعب بالنسبة للفرد بتحديد هذه الكمية في غذائه، لذا الأفضل الابتعاد عن مصادره والتي يكثر استخدامه فيها واهمها الوجبات السريعة، حيث يعتبر زيت النخيل بديلاً رخيص الثمن جيد المذاق، وهذا سبب غزوه للمطاعم والصناعات الغذائية الأخرى والصناعات التجميلية، وعدم استخدامه في القلي.

وهناك جدل كبير حول إضافته إلى بعض أنواع حليب الأطفال، فكثير من الدراسات بينت أن وجود زيت النخيل يحرم الطفل من نسبة عالية من الكالسيوم، وفي أحد برامج القناة الألمانية الثانية “زد دي إف” أثير موضوع المخاطر الصحية لشكولا “نوتيلا” الشهيرة التي توضع على الخبز وأنها ضارة بالصحة، وقيل إن المادة الضارة هي زيت النخيل الموجود فيها، وتبين أن “نوتيلا” ليست المادة الغذائية الوحيدة المحتوية على زيت النخيل، وبحسب “المركز الألماني لشؤون المستهلكين”، فقد تم أخذ عينات من المواد الغذائية في المتاجر الألمانية ووُجِدَ أن 50 بالمئة من المواد الغذائية الموجودة في هذه العينات تحتوي على زيت النخيل.

وبات هذا الموضوع لافتا للنظر منذ فترة، ولذلك فقد تم إلزام مصانع المواد الغذائية في ألمانيا منذ كانون الأول (ديسمبر) من العام 2014، بأن تحدد نوع الزيت الموجود داخل المادة الغذائية، وتوضيح ما إذا كان هذا الزيت هو زيت الزيتون أو زيت جوز الهند أو زيت النخيل، ويجب أن تكون هذه المعلومة مقروءة على علبة المادة الغذائية.

وقود حيوي

 

ومن ناحية ثانية، اعتبر زيت النخيل كأي زيت من الزيوت النباتية الاخرى، أي مادة أساسية لإنتاج زيت الوقود الحيوي للسيارات.
وقد أصبح زيت الوقود الحيوي محط اهتمام دولي كمصدر للطاقة المتجددة، وذلك لفائدته في تقليل انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون الى الجو، ولتنوع مصادر الطاقة الوطنية في البلدان المنتجة له.
من أشهر الدول المنتجة لزيت النخيل – كما أسلفنا – ماليزيا واندونيسيا، وهما تمثلان 86 بالمئة من الانتاج العالمي، وتعتبر ماليزيا من الدول الرائدة في انتاج زيت الوقود الحيوي، حيث افتتح عام 2007 اول مصنع بطاقة (100.000) طن سنويا، كما قامت شركة فنلندية بإنشاء مصنع آخر في سنغافورة لإنتاج الوقود الحيوي من زيت النخيل الماليزي بطاقة (800.000) طن سنويا، وسيكون أكبر مصنع بالعالم لإنتاج زيت الوقود الحيوي.
رغم كل ما ذكر سابقا، يبقى الجدل قائما حول استخدام النبات للطاقة مقابل الغذاء، ليرجح إعادة استخدام الزيوت المستعملة في القلي لإنتاج زيت الوقود الحيوي.

تأثير بيئي

 

إن زيت النخيل، الذي يطلق عليه في آسيا اسم “الذهب السائل” والذي تعتبر اندونيسيا وماليزيا – أكبر منتج له في العالم، يجد سوقا تصديرية كبيرة ولا سيما الهند والصين، فهما من أكبر مستهلكي زيت النخيل، في حين تبرز كل من باكستان وبنغلاديش كأسواق متهافتة على استهلاكه، وبالطبع، يؤثر المشترون الرئيسيون الاقبال على هذا “الذهب السائل” لا من أجل الأسعار والإنتاج فحسب، وإنما أيضا على وسائل إنتاجه المثيرة للجدل في الوقت الراهن بسبب تأثيراته الضارة على البيئة، فبالرغم من أن زيت النحيل يوفر مصدرا أعلى من الدخل بالمقارنة مع المحاصيل الأخرى مثل الأرز أو المطاط، فيمكن للمزارعين حصاد عناقيد من زيت ثمار النخيل مرتين في الشهر، في حين يمكن حصد الأرز مرتين في السنة،كما ينتج نخيل الزيت أغلى محصول في المنطقة مقارنة بالمحاصيل الأخرى.

لكن هذا الزيت الأعجوبة يحمل ثمنا بيئيا باهظا، فيقطع المزارعون الأشجار، ويشعلون النار في الغطاء النباتي، وخصوصا في الغابات الإستوائية لتأمين مساحات أكبر لزراعة نخيل الزيت، ويدمرون الغابات، ويقضون على الحياة البرية، فضلا عن سحب الدخان الملوث المتكررة أكثر فأكثر، كما حرائق الغابات المفتعلة في إندونيسيا من أجل زراعة النخيل، فهي تشعل طبقات العشب التي تخزن الكثير من غاز الميثان وغاز ثاني أوكسيد الكربون، وبسبب هذه الحرائق تتحول إندونيسيا إلى ثالث منتج لغازات ثاني أوكسيد الكربون في العالم وتسبب مشاكل في التنفس في هذه المناطق.

* أستاذ في الهندسة الغذائية – جامعة البعث (حمص)

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This