أعلن “المركز الأميركي لتوقعات المناخ” مؤخراAmerican Center for climate forecasts عن توقعاته بتشكل ظاهرة “النينيا” La Niña بشكل كبير خلال النصف الثاني من العام الحالي، مع تراجع ظاهرة “النينيو” El Nino التي تؤثر على العالم منذ العام الماضي. في المقابل، توقعت “هيئة الأرصاد الأميركية” American Meteorological Agency أن تحدث ظاهرة “النينيا” المناخية خلال الفترة الممتدة من آب (أغسطس) إلى تشرين الأول (أكتوبر) هذا العام.
وقال مركز التوقعات المناخية التابع لهيئة الأرصاد الجوية الوطنية في توقعاته الشهرية إن نسبة احتمال حدوث ظاهرة النينيا المناخية خلال خريف وشتاء 2016-2017 تتراوح بين 55 و60 بالمئة، وتتمثّل هذه الظاهرة بحسب تعريف “ناسا” بـ “التفاعل بين المناخ والمحيطات، وغالبا ما ينجم عنها فيضانات وأعاصير”.
وكانت الارصاد الأميركية، قد أشارت في شباط (فبراير) 2016 الى إنه من المتوقع بصورة كبيرة هيمنة ظاهرة “النينيا”، وهي الظاهرة المقابلة لـ”النينو”، خلال الأشهر المقبلة لأول مرة منذ سنوات، والتي تتسم ببرودة غير عادية لسطح المياه في المحيط الهادي.
ووفقا لـ “رويترز”، فقد ظهرت “النينيا” آخر مرة في آب (أغسطس) من عام 2011، وألحقت أضرارا بالمحاصيل الزراعية في الأرجنتين والبرازيل، وتسببت في موجات جفاف وأعاصير في تكساس والمناطق الساحلية الأميركية.
موجات سيبيرية باردة
وفيما تؤدي “النينيو” إلى تدفئة كوكب الأرض بشكل عام، تسجّل سلبيات ظاهرة “النينا” على انها تسبّب الموجات السيبيرية الباردة والجافة وبعض الكتل الهوائية القطبية الباردة الجافة. تحدث ظاهرة “النينيا” يسبب برودة غير عادية لسطح المياه في المحيط الهادي بعكس ظاهرة “النينيو”، وتحدث بصورة مفاجئة كل سنتين إلى سبع سنوات وتظهر في خريف نصف الكرة الأرضية الشمالي.
الشتاء في الوطن العربي أكثر غزارة!
لـ “النينيا” تأثيرات مناخية أقل حدة من آثار “النينو”، لذلك ستتعرض بعض البلدان لسلسلة من الامواج الرطبة، إضافة إلى حدوث فيضانات وأمطار غزيرة ستلحق أضرارا بالغة في هذه البلدان. كما سيحصل جفاف غير معهود في الجزر الاستوائية الوسطى من المحيط الهادي وشرق أفريقيا وافريقيا الشمالية، وسيشمل “غضب” الـــ “نينيا” الولايات المتحدة الأميركية حيث ستتعرض لجفاف شديد ورطوبة عالية.
ويتركز تأثير ظاهرة “النينيا” على الوطن العربي بغزارة الأمطار في مناطق المغرب العربي وبرودة الأجواء، كما ترتفع الحرارة وتقل الأمطار في أجزاء واسعة من المشرق العربي.
ويعني ذلك أن الموسم الشتوي المقبل سيكون عكس الموسم الحالي من حيث توزيع الأمطار، حيث يتوقع أن تكون الأمطار غزيرة في المغرب والجزائر وتونس، فيما تكون أقل من المعدل في أجزاء واسعة من الجزيرة العربية.
ويتوقع أن تكون درجات الحرارة أعلى من معدلاتها العامة، وخصوصا في مناطق المشرق العربي، مع بعض الفترات الباردة القوية خصوصا في منتصف فصل الشتاء.
انحفاض الحرارة 2017
وفي حين ساهمت الغازات المسببة للاحتباس الحراري وظاهرة “النينيو” المناخية التي ترفع حرارة شرق المحيط الهادي في ان يكون شهر تموز (يوليو) الماضي أشد الأشهر حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة في القرن التاسع عشر، توقع خبراء المناخ انخفاض حرارة الأرض في 2017 عن المستويات القياسية شديدة الحرارة، التي عززت عزم الدول العام الماضي على التوصل إلى اتفاق لمكافحة التغير المناخي. وقالت “إدارة الطيران والفضاء الأميركية” Federal Aviation Administration (ناسا) إن فرص أن يصبح عام 2016 أشد الأعوام حرارة تتجاوز 99 بالمئة، ليتقدم على 2015 و2014، فضلاً عن ان احتمالات تسجيل رقم قياسي جديد في 2017، تقلّ مع تلاشي تأثير ظاهرة “النينيو” المناخية التي تغير أنماط المناخ في أنحاء العالم كل عامين إلى 7 أعوام.
الاستعداد لظاهرة “النينيا”
في حين بات أكثر من 60 مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم، منهم 40 مليون في منطقة شرق وجنوب أفريقيا وحدها، عرضة لانعدام الأمن الغذائي بسبب ظاهرة “النينيو” المناخية، حث مديرو الهيئات الأممية الثلاث، التي تتخذ من روما مقراً لها “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” Food and Agriculture Organization of the United Nations (فاو)، “الصندوق الدولي للتنمية الزراعية” International Fund for Agricultural Development (إيفاد) و”برنامج الأغذية العالم” World Food Program، على ضرورة تعزيز الاستعداد للتعامل مع احتمال حدوث ظاهرة “النينيا” المناخية في وقت لاحق من هذا العام، وهي الظاهرة المرتبطة بظاهرة النينيو ذات الآثار المدمرة على القطاع الزراعي وعلى الأمن الغذائي.
وكانت مناطق القرن الأفريقي وجنوب أفريقيا، والممر الجاف في أميركا الوسطى وجزر الكاريبي وجنوب شرق آسيا وجزر المحيط الهادي الأكثر تضرراً من هذه الظاهرة المناخية.
ويتوقع العلماء زيادة في احتمال حدوث ظاهرة “النينيا” المناخية المعاكسة، والتي ستؤدي إلى زيادة متوسط هطول الأمطار والفيضانات في المناطق المتضررة من الجفاف الناجم عن ظاهرة “النينيو”. وفي الوقت نفسه، ستزيد من احتمال حدوث الجفاف في المناطق التي غمرتها المياه بسبب ظاهرة “النينيو”، وتقدر الأمم المتحدة أنه في حال عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة، فإن عدد الأشخاص المتضررين من الآثار المجتمعة لظاهرتي “النينيو” و”النينيا” قد يتجاوز 100 مليون شخص.
وعلاوة على ذلك، تعمل منظمة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي على مضاعفة جهودهما للتخفيف من حدة الآثار السلبية لظاهرة “النينيا”، والاستفادة من الفرص الإيجابية المحتملة لها في الأشهر المقبلة. وهذا يعني التصرف بشكل حاسم للتحضير لموسم هطول الأمطار الذي من المتوقع أن تزداد فيه حدة الهطول عن معدلها في بعض المناطق وظروف الجفاف المحتملة في مناطق أخرى.
وفي هذا الصدد، قال مدير عام منظمة (فاو) جوزيه غرازيانو دا سيلفا أن تأثيرات “النينيو” على سبل المعيشة الزراعية كان هائلاً، وأكد أن “النينيو تسبب في أزمة تتعلق بالأغذية والزراعة بشكل أساسي”، وأعلن أن الـ (فاو) ستعمل على الحصول على مزيد من التمويل “لتمكينها من التركيز على العمل المبكر خاصة بالنسبة للزراعة والأغذية والتغذية لتخفيف التأثيرات المتوقعة للنيني،ا وتعزيز قدرات الاستجابة الطارئة من خلال استثمارات الاستعدادات المحددة”.