يحاول الباحثون منذ سنوات عدة كشف ألغاز الحياة في أعماق البحار، وأسباب تراجع نسبة الاحياء البحرية. وفي حين شكّل موضوع التغير المناخي السبب الاكبر بحيث وضعت  منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “FAO” دراسات عديدة في هذا المجال، توصّل العلماء منذ فترة الى ما حقيقة مفادها أن الضجيج الذي يصدر عن البشر يعرّض حياة الثروة البحرية للخطر.

في هذا السياق، وبعد أن أصبحت المحيطات أكثر صخباً منذ عقود، نتيجة للضوضاء التي تحدثها الأنشطة البشرية، من حفارات النفط والملاحة البحرية والبناء، وما يترتب عليها من إجهاد على مستوى الحياة البحرية التي تشمل الحيتان التي تزحف إلى الشاطئ وصغار السلطعون، أعدّت وكالة اتحادية في الولايات المتحدة الاميركية خطة قد تفرض تقليص الأنشطة التي تسبب ضجيجا، بما في ذلك التنقيب عن النفط والتجريف والملاحة البحرية قرب الساحل.

وعبّر كبير المستشارين العلميين لوكالة المصايد في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ريتشارد ميريك ، عن شعوره بالقلق بشأن ضوضاء المحيط منذ عقود منذ السبعينات، من القرن الماضي، وفي حين سأل ما الذي يتعيّن فعله في هذا الاطار، دعت مسودة الخطة إلى فرض قيود على الضوضاء وإنشاء نظام استماع موحد. فضلاً عن إنشاء أرشيف لبيانات الضوضاء، يمكن أن تتضمن تسجيلات تصل إلى آلاف الساعات، قد يستخدمها العلماء كمرجع مقابل بيانات بشأن مكان تجمع الحياة البحرية.

وتحث الخطة على إجراء مزيد من الأبحاث على تأثير الضجة على المخلوقات البحرية وزيادة التنسيق مع جماعات البيئة والصناعة والجيش والحكومة. ويعترف العلماء الذين يقفون وراء المشروع بأن المحيطات لم تكن هادئة قط، فهي تزخر منذ ملايين السنين بأصوات تتراوح بين رعد العواصف وأصوات الحيتان. ولكن العلماء يشيرون إلى أن الأسماك والثدييات البحرية تطورت بطريقة تتعايش مع تلك الأصوات.

وقال رئيس برنامج الصوتيات في المحيطات التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي جاسون جيداميك: “قبل مئة سنة لم يكن المحيط هادئا، كان مكانا يعج بالأصوات، ولكن الآن هناك قدرا أكبر من الضوضاء البشرية هناك”.

رغم ذلك، وبغض النظر عن اعتياد الاحياء البحرية على ضوضاء معيّنة، الا انها طبيعية، لكن تلك التي هي من صنع الانسان – مثل عمليات الحفر والتجريف والأدوات المستخدمة في التنقيب عن النفط وأجهزة السونار وطواحين الهواء المولدة للكهرباء وعمليات تكسير الجليد – فقد زادت من مستوى الصوت بشكل كبير.

 

الضجيج وارتفاع ضحايا الاحياء البحرية

 

ارتفاع اعداد ضحايا الاحياء البحرية بالضوضاء الناجمة عن استعمالات البشر، وثّقها العلماء في دراسة نشرت في موقع BBC.COM في العام 2015، ففي تحريات حصلت اثر نفوق حوت في جزر الكناري منذ سنوات، اتضح للباحث  مايكل أندريه  ان الارتباط بات واضحاً بين مقتل الحوت والزيادة في التلوث الصوتي الصادر عن السفن.

ويقول أندريه الذي يدير مختبر العلوم البحرية التطبيقية في جامعة برشلونة: “لقد أصبحت الحيتان لا تبالي بضجيج السفن المقتربة، وتصطدم بها بطريقة مميتة، لم يخطر ببالنا أن هذا شيء قد يتسبب في نفوق هذه الحيتان”.

قضى أندريه 20 عاما في تطوير نظام متقدم لتسجيل أصوات الضجيج تحت مياه البحر لكي يفهم بشكل أفضل السبب وراء وقوع حوادث من هذا النوع. وقد كشفت مكبرات الصوت تحت المائية التي طورها أندريه عن عالم كبير من الأصوات، والضوضاء، والتواصل بين الحيوانات البحرية لم يحدث أن تمت ملاحظته بهذا الوضوح من قبل.

 

ضحايا بالجملة

 

في دراسة أخرى، أثبت باحثون أنه قبالة ساحل كاليفورنيا ارتفع مستوى الضجيج تحت سطح الماء إلى عدة أضعاف خلال بضعة عقود، وذلك إلى حد ما نتيجة زيادة في حركة الملاحة.

وتتداخل الضجة المتزايدة مع الأصوات التي تستخدمها الثدييات البحرية في التواصل والصيد والانتقال من مكان لآخر. وعلى سبيل المثال تستخدم الحيتان الزرقاء التي يزيد حجمها مرتين عن حجم الحافلة المدرسية وحيتان الزعانف الملساء أغان للعثور على الطعام والتزاوج.

ويعثر الدولفين ذو الأنف الشبيه بعنق الزجاجة على الأشياء بإطلاق موجات صوتية أمامه، وتستخدم يرقات الأسماك والسلطعون أصوات الشعاب المرجانية لتحديد اتجاهاتها.

كما تنتج أنواع من الروبيان فقاعات تصعق أصواتها الفريسة ويمكن بها تفادي المخلوقات المفترسة.

 

معالجات متعددة

 

هذه الخطة التي وضعتها الولايات المتحدة لم تكن الاولى، وفي هذا المجال، أشار موقع  BBC Future، الا ان منظمة الأمم المتحدة لشؤون البحار أصدرت دليلاً إرشادياً  عام 2014 عن كيفية إسكات أصوات السفن، لكن النتائج بعيدة المدى خصوصاً وان التطبيق يتوجّب تعاون شركات النقل والسفن معا في هذا الإطار.

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This