لا يني العلماء والخبراء يحذرون من تداعيات تغير المناخ على البيئة ونوعية الحياة على كوكبنا الأزرق، خصوصا وأن بعض النتائج الكارثية يمكن التحكم بها، عبر الحد من ممارسات بشرية خاطئة، إلا أن الكوارث الطبيعية – وإن كان بعضها هو نتاج لتغير المناخ – إلا أنه لا يمكن مواجهة أخطارها وتبعاتها المدمرة.
ففي السنوات الـ 73 الأخيرة، زادت قوة الاعاصير التي ضربت شرق آسيا وجنوب شرقها بنسبة تراوحت بين 12 و 15 بالمئة، وتضاعفت نسبة العواصف من الفئة القصوى 4 أو 5 مرات، ويشكّل الاحترار المحلي لسطح المحيط الأطلسي قرب هذه المناطق، الناتج بدوره عن التقلبات المناخية سببا رئيسيا لهذه العواصف والأعاصير.
عاشت دول آسيوية كثيرة هذه الكوارث الطبيعية، إلا انه وفي حال استمرت الاضطرابات المناخية الناجمة عن النشاط البشري، من خلال انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحترار المناخي، فإن حرارة مياه البحار ستستمر بالارتفاع، وبالتالي فإن النتائج سوف تصبح كارثية أكثر!
في دراسة نشرت في صحيفة “نايتشر جيو ساينس”، توقّع العلماء أن يزيد التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات خصوصاً، من قوة الاعاصير التي تهب على الصين وتايوان واليابان والكوريتين.
وكتب الباحثان واي ماي وشانغ بينغ تشي من جامعة “كاليفورنيا – سان دييغو” وجامعة “كارولينا الشمالية” أن “هذا الامر يدفع الى الاعتقاد بأن قوة الاعاصير التي ستضرب شرق الصين وتايوان وكوريا واليابان ستزيد”. وأضافا أنه “نظرا الى الاضرار الهائلة التي تنجم عن الاعاصير الكبيرة ، فإن ذلك سيشكل تهديدا متعاظما على السكان والممتلكات في المنطقة”.
في السياق نفسه، يقول خبراء آخرون أن آسيا، القارة الأكثر عرضة لخطر الكوارث الطبيعية، هي أيضاً الأكثر ضعفاً تجاه الأعاصير. فبينما يتعرض 119 مليون شخص سنوياً في المتوسط على مستوى العالم لخطر الأعاصير الاستوائية، يتركز أكثر من 85 بالمئة من الوفيات السنوية المتوقع أن تنجم عنها في بنغلاديش والهند وحدهما. أما الدول الخمس التي يعتبر سكانها الأكثر تعرضاً للخطر، فهي: الصين والهند واليابان والفلبين وبنغلاديش وجميعها في آسيا.
وأشار المتخصص في إدارة مخاطر المناخ في المناطق الحضرية لدى المركز الآسيوي للتأهب للكوارث في بانكوك، سيناكا باسناياكي الى أن “تأثير الكوارث أكبر بكثير في آسيا مقارنة بالولايات المتحدة التي تتعرض للأعاصير بشكل متكرر أيضاً، وذلك بسبب الظروف الاقتصادية ووجود ثغرات في آليات الإنذار المبكر”.
ووفقاً للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة، فإن الاكتظاظ السكاني في المناطق الساحلية والدلتا مقروناً بتدني مستويات التنمية البشرية في العديد من البلدان الآسيوية، يجعلان سكان هذه المنطقة عرضة للخطر بوجه خاص.
أعاصير مدمرة
ليس بجديد على دول آسيا ان تجتاحها الاعاصير، ورغم تعرض مناطق عدة لأعاصير متعددة في السنوات الاخيرة، الا ان تلك الاكثر قسوة والتي سببت خسائر بشرية ومادية هائلة حصلت ما بين العامين 1839 و2008.
ففي أيار (مايو) 2008، ضرب إعصار “نرجس” دلتا إيراوادي في ميانمار، وخلّف 140,000 قتيلا ومفقودا، وتسبب في تدمير البنية التحتية والممتلكات وسبل العيش في منطقتي إيراوادي ويانغون. وقد ألحق الإعصار أضراراً بأكثر من 2.4 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد.
وفي 29 نيسان (أبريل) 1991، لقي حوالي 143,000 شخصا حتفهم في بنغلادش عندما ضرب إعصار B02 الساحل الجنوبي للبلاد، مع ارتفاع المد الجزري بمقدار 4.6 متر. كما تسبب الإعصار في تشريد حوالي 10 ملايين شخص.
أما في 5 آب (أغسطس) 1945، فقد أودى إعصار “نينا” في الصين بحياة أكثر من 100,000، وتسبب في تدمير 100 كيلومتر من السكك الحديدية، وخلف خسائر اقتصادية قدرت بحوالي 1.2 مليار دولار.
في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) اجتاح اعصار “بهولا”، شرق باكستان وبنغلاديش المناطق المنخفضة على ساحل البنغال، ودمر مدينة شيتاغونغ وعشرات القرى، وأودى بحياة أكثر من 500,000 شخص. وقد وصفته الإدارة الوطنية الأميركية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي بأنه “أكبر كارثة استوائية في القرن”.
وفي 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1942، ضرب إعصار خليج البنغال بالقرب من الحدود الشرقية بين باكستان والهند وأسفر عن مقتل 40,000 شخص.
في 2 آب (أغسطس)، ضرب إعصار سواتو الذي كان مصحوباً بمد جزري مدينة شانتو الصينية، ما أدى إلى مقتل ما يقدر بنحو 50,000 شخص وتدمير جزء كبير من دلتا نهر هان وجرف السفن على بعد 3.5 كيلومتر شمالاً. وفي آب (أغسطس) 1912، ضرب إعصار الساحل الشرقي للبلاد وأودى بحياة 50,000 شخص.
في 15 ايلول (سبتمبر) 1881، شهدت مدنية هايفونغ في خليج تونكين في فييتنام، أحد المسارات الأكثر عرضة للأعاصير في آسيا والمحيط الهادئ، دماراً كبيراً ومقتل 300,000 شخص.
في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 1864، ضرب إعصار قوي كالكوتا في الهند، وأسفر عن مقتل 60,000 شخص وتدمير الجزء الأكبر من الميناء.
وفي 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 1839، تعرضت الهند لاعصار مصحوب بأمواج بلغ ارتفاعها 12 متراً، ما أدى إلى تدمير 20,000 سفينة ومقتل ما يقدر بحوالي 300,000 شخص.