تعرف الزلزال على انها عدد من الاهتزازات المتلاحقة تحصل في القشرة الخارجية التي تتكون منها الكرة الأرضية، وتحصل هذه الاهتزازات بسبب البراكين أو بسبب الصدوع، ما يؤدي، وبشكل رئيسي وأساسي إلى اهتزاز القشرة الخارجية لسطح الكرة الأرضية، فيعمل هذا الاهتزاز على تكوين ونشوء ما يعرف بالموجات الزلزالية، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى ستة موجات زلزالية متتابعة، حيث أن هناك موجتين ستضربان جزء الأرض الداخلي، في حين تضرب المواجات الأخرى الجزء الخارجي من سطح الكرة الأرضية.
اما ابرز الاسباب التي تؤدي الى حصول الزلازل فتتلخّص بالاضطراب في توازن طبقات الارض، نتيجة انتقال كميات كبيرة من الرسوبيات وعلى فترات طويلة من الزمن على مساحة من الأرض، بالتالي زيادة الثقل على تلك المنطقة التي تتدنى عن مستواها السابق، وتؤدي إلى إحداث اختلال بمستوى الطبقات الأخرى، فتتحرك طبقات من القشرة الأرضية، فضلاً عن العمليات التي تحصل في باطن الارض نتيجة لارتفاع درجة الحرارة في جوفها، وبذلك تنصهر العديد من العناصر المكونة للطبقات الصخرية، وبالتالي تتآكل مساحات معينة من الطبقات الصخرية وتبدأ هذه الطبقات بالحركة تلقائياً، بعد ذلك يحدث الزلزال.
على فترة طويلة من الزمن، اختصرت الاسباب بتلك المذكورة آنفاً، الا ان الدراسات التي أنجزت في السنوات العشر الاخيرة قد أدّت الى ظهور اسباب أخرى.
فقد بينت نتائج دراسة نشرت في مجلة “نايتشر جيو ساينس” ان خطر وقوع زلازل قوية قد يزداد عندما يكون القمر بدراً أو جديداً (محاق).
وكشف الباحثون اليابانيون الذين أشرفوا على هذه الدراسة، أن مراقبة حركة المد والجزر في المناطق المعرضة للزلازل قد تساعد في تقييم الأخطار. فالقمر والشمس يمارسان جاذبية على الأرض لا يستهان بمفعولها. وعندما يتواجد القمر والشمس على محور مستقيم مع الأرض، كما هي الحال عندما يكون القمر بدراً أو جديداً، تزداد قوى الجاذبية ويتضاعف مفعولها. وهذه الجاذبية مسؤولة عن حركة المد والجزر، وكلما ازدادت آثارها اشتدت هذه الظاهرة.
وقال ساتوشي إيدي الباحث في جامعة طوكيو الذي ساهم في إعداد هذه الدراسة “أظهرت أبحاثنا وجود علاقة بين قوة حركة المد والجزر ودرجة الهزات الأرضية ووتيرتها”. وللوصول إلى هذه الخلاصة، قام إيدي وزملاؤه بدمج البيانات المتعلقة بالهزات الأرضية في العالم، وتلك الخاصة بقوة حركة المد والجزر على شكل إحصاءات.
وأظهرت تحليلاتهم أن بعض الزلازل التي تعد من الأقوى خلال السنوات العشرين الماضية حدثت في فترة المد، أي عندما كان القمر بدراً أو جديداً. كذلك، يرتفع عدد الزلازل القوية مع اشتداد قوة حركة المد والجزر.
وقدمت الدراسة بعض الأمثلة عن الزلازل التي تقع عندما يكون القمر مكتملاً أو جديداً، مستعرضة ذاك الذي وقع في 26 كانون الأول (ديسمبر) 2004 في سومطرة (إندونيسيا)، والذي تلاه تسونامي هائل أودى بحياة أكثر من 220 ألف شخص، فضلاً عن الهزة التي ضربت وسط تشيلي في 27 شباط (فبراير) 2010 وراح ضحيتها 523 شخصاً.
وذكرت الدراسة أيضاً الزلزال الذي هز الساحل الشرقي لليابان في 11 آذار (مارس) 2011 وأودى بحياة 19 ألف شخص. وقد تكون بالتالي خطوط الصدع الخاضعة أصلاً لضغوطات أكثر عرضة لقوى الجاذبية الصادرة عن الشمس والقمر. لكن الباحثين أكدوا أن وحدها الزلازل القوية تتأثر بالنجوم وهذه المعادلة لا تنطبق على ما يبدو على الهزات الخفيفة.
دراسات سابقة
لم تكن تلك الدراسة الأولى من نوعها، فقد ذكر موقع “نوفوستي” الروسي انه من المتعارف عليه ان دوران كل من القمر والارض والشمس لا يجري في دوائر مثالية بل متفاوتة في البعد والقرب. وينتج عن اقترابها وابتعادها ما يسمى بقوى المد التي تجر الغلاف الجوي والمحيطات للأرض صوب القمر، الامر الذي يسبب بدوره في وقوع المد والجزر. وتحدث العمليات نفسها في جوف أقمار الكوكبين العملاقين، وهما المشتري وزحل، ويسمح هذا الأمر بوجود بحار الماء السائل تحت جليد قمر زحل إنسيلادوس وقمر المشتري أوروبا.
وكشف الباحث بول جونسون في مختبر لوس الاموس القومي الأميركي وزملاؤه تجليا غريبا لتلك الظاهرة من خلال دراستهم لسلسلة من الهزات الأرضية الضعيفة التي تضرب ولاية كاليفورنيا يوميا في ضواحي صدع سان أندرياس.
ودلت الحسابات التي أجراها العلماء على أن كثرة الهزات الأرضية وقوتها تخضع لدورات الـ 14 يوما (نصف الدورة الكلاسيكية لتغير مراحل القمر) نفسها التي تؤثر على قوة المد. وما أثار دهشة العلماء هو ارتفاع قوة الهزات الأرضية مع تلاشي قوى المد وليس العكس كما اعتقد علماء الجيولوجيا سابقا.
تحصد الهزات والزلازل مئات آلاف الارواح سنوياً، وكل التوقعات المستقبلية تشير الى المزيد من الكوارث المتأتية عن هذه التغيرات الطبيعية، فهل يشكّل هذا الاكتشاف بارقة أمل لاستشعار الزلزال قبل حدوثه؟