يواجه العالم التداعيات الكارثية لتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، ولا سيما منها الأخطار التي تهدد بانقراض انواع من الكائنات الحية، فضلاً عن ذوبان القطب الجليدي والحفاظ على التنوّع البيولوجي، ويبدو ان بعض التغيّرات الماثلة الآن، تتطلّب تدخّلاً جديّا للحدّ من تكاثر بعض الانواع الضارة والتي تهدد غيرها من الكائنات وتؤثر على التوازن البيئي في بعض النظم الايكولوجية.
في هذا السياق، يعمل باحثون من شركة “آي روبوت” للتكنولوجيا على إيجاد طريقة للتخلص مما اعتبروه انه أحد أكثر المخلوقات تدميراً لنظام المحيطات الإيكولوجي، أي “سمكة التنّين” Pterois.
سمكة شرسة وسامة
تكمن خطورة سمكة التنين في قدرتها على تحويل الشعاب المرجانية المزدهرة إلى أراضٍ قاحلة في غضون أسابيع. كما تؤثر في الأسماك المحلية التي تجهل وجود أنواع جديدة من الأسماك في بيئتها ولا تعرف طريقة تجنبها، إذ تفترس أسماك التنين التي تعتبر من أشرس الكائنات المفترسة في السلسلة الغذائية، كمية كبيرة من الأسماك من دون توقف.
ولسمكة التنين زعانف صدرية مبهرجة وطويلة، وهي سمكة شرسة وسامة، ويوجد السم فيها داخل ما يشبه الابر في صف من الزعانف الظهرية التي يصل عددها الى 18. وهي تعتمد على التمويه، وتمتلك ردات فعل سريعة للغاية، لذا تتمكن من اصطياد الفريسة من السمك والروبيان.
تأثيرات خطيرة
كانت دراسة سابقة نشرت في مجلة “مارين يايودايفرسيتي ريكوردز” قد حذّرت من اجتياح “سمكة التنين” السريعة التكاثر لمياه البحر الابيض المتوسط، نتيجة التغيرات المناخية وازدياد حرارة مياه البحار، الامر الذي سيؤدي الى تأثيرات بيئية واجتماعية خطيرة.
ينتشر هذا السمك في الشعاب المرجانية والشقوق الصخرية في محيطات العالم، وله اسماء كثيرة مثل: سمك الاسد، والسمك الرومي ودجاجة البحر. ومنذ وصول هذا النوع إلى المياه الأميركية في ثمانينيات القرن العشرين، بدأت آثاره السلبية تطاول ساحل المحيط الاطلسي ابتداء من رود آيلاند وصولاً إلى فنزويلا.
من المحيط الهندي… الى قبرص
وبينما تعود أصول هذا النوع إلى جنوب المحيط الهادي والمحيط الهندي، الا ان الباحثين أكدوا مؤخراً ان هذه الاسماك قد شكلت مستعمرات قرب جزيرة قبرص، قبل أن تسبح نحو قناة السويس، معللين ذلك بعثور الغواصين وصيادي الاسماك على عيّنات منها على مدى عام كامل في تلك المنطقة الممسوحة. ووفقًا لشهادة الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة، فقد رصدت الاسماك الخطرة مؤخرا في المياه اللبنانية والتونسية.
الباحث في مختبر الابحاث البيئية في ليماسول في قبرص ديمتريس كليتو أكد رصد اعداد متزايدة من سمكة التنين حديثاً، كما أكد استعمارها خلال عام واحد كل الساحل الجنوبي لقبرص.
في الاطار نفسه، أثنى البروفسور في كلية علوم البحار والهندسة بجامعة بلينوث البريطانية جيسون هال سبنسر على حديث كليتو، واشار الى ان “مجموعات من سمكة التنين قد تناسلت كما يبدو لاول مرة داخل مياه البحر الابيض المتوسط، لذا يجب التوجه لوضع خطط لمكافحتها”، خصوصاً وانها تتكاثر بسرعة مولدة نحو مليوني بيضة جيلاتينية في السنة، وبإمكانها الانتقال بسرعة عبر التيارات المائية نحو غربي الاطلسي. فضلاً عن ان عمودها الفقري السام يؤهلها الدفاع عن نفسها والحفاظ على استمرارية نسلها.
وتتكاثر بسرعة كبيرة وتعتبر مرنة وقابلة للتكيّف إلى حد كبير، ما يجعل السيطرة على تقدمها تحدياً كبيراً لأنصار حماية البيئة، وتلقّف العلماء هذا التحدي باهتمام، واستطاعوا استنباط وسيلة أملوا ان تكون فعالة للحد من انتشار تلك الانواع من الاسماك المضرة للتنوع البيولوجي. فطوّروا تقنية قد تساعد في الحد من تكاثر هذا النوع المدمر من الأسماك، وهي “الروبوتات القاتلة”. وتجمع هذه التصاميم بين مركبة تعمل من بعد وجهاز صعق كهربائي. وسيعمل الجهاز بآلية رقابة تسيطر عليه بعد إسقاطه في المياه، فيستطيع المتحكم بالجهاز تحريكه مستخدماً تقنيات الكاميرات المزودة للجهاز، بهدف الاقتراب من الأسماك والضغط على الزناد لصعقها.
محاولات سابقة
يذكر أن هذه الأسماك تسببت في الخراب البيئي بعد انتشارها في البحر الكاريبي، إذ تم تسجيل وجود سمك الأسد في كوبا عام 2007، وفي غضون عامين انتشرت في المياه المحيطة بالجزيرة، فيما نظمت رابطة الدول الكاريبية قمة لمناقشة سبل مكافحة انتشار هذه السمكة السامة، وشجعت كوبا وكولومبيا وجزر البهاما سكانها على البدء في تناول هذه الأسماك لتقليل عددها، وتنظم كوبا حاليا بطولة صيد لهذه الأنواع سنوياً، وبدأت المطاعم في تقديم لحوم هذه الأسماك الذي يعد طعاما شهيا في اليابان.