قرأت موضوعا أعجبني أنقله للأخوة القراء كما هو “حول فساد الأدمغة”، جاء فيه: “وصلت مراسلة من النائب الاقليمي لإقليم تنغير في المغرب لرؤساء المؤسسات التعليمية الابتدائية بإقليم تنغير، يخبرهم فيها بأن الدقيق (الطحين) المستعمل في الإطعام المدرسي خلال الموسم الدراسي الحالي قد انتهت مدة صلاحيته مع نهاية شهر شباط (فبراير) المنصرم، ويدعوهم إلى إيقاف استعماله إلى حين استبداله. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تزويد المطاعم المدرسية بمواد غذائية فاسدة. فقبل سنوات زودت المطاعم بزيت منتهي الصلاحية، ونحن نعلم خطورة التسممات التي تسببها الزيوت. وفي السنة الماضية زودت المطاعم بجبن رديء الجودة، ولم يتبق من مدة صلاحيته سوى أربعة أشهر. وبعبقريته المعهودة سارع النائب الإقليمي آنذاك إلى مراسلة المديرين، وأمرهم بالإسراع في استهلاك هذا الجبن قبل انتهاء مدة صلاحيته. وكأننا نتعامل مع شبابيك الكترونية وليس مع بطون آدميين”.
يُعتبر الغذاء بالنسبة للإنسان المصدر الهام في حياته الذي يحصل من خلاله على الطاقة التي تُؤهله للعيش بشكل أفضل، ناهيك عن الغذاء الُمتكامل العناصر والسليم، والذي بدوره يمنحه جسماً صحيّاً خال من الأمراض، ومِن هذا المنطلق، ونظراً للأهميّة التي يحتلها الغذاء في حياة الإنسان، كان من اللازم الاهتمام به، وذلك من خلال حمايته من التعرُّض لأي مُسبب يساهم بتلوّثه وفساده.
تفسد الأغذية بِفعل الأحياء الدقيقة المتواجدة في التربة والماء والهواء، والتي تصل إلى الطعام فتفسده في حال توافرت الظروف المُساعدة لنشاط تلك الأحياء الدقيقة، والذي يُسمى بالفساد الميكروبيولوجي. ففي حال إصابة الجراثيم للطعام تمنح الغذاء تغييرا واضحا بالشكل غير مقبول، مثل ما تكوّنه في الغالب هذه الجراثيم على سطح الأجبان والمخللات، أمّا في السوائل فقد نُلاحظ أثر هذه الجراثيم عليها من خلال الترُّسبات التي تتركها في قعر الإناء الموضوعة فيه، أو من خلال عدم صفائها وتعكُّرها. وقد نلاحظ أيضاً بعض التغييرات غير المُحببة التي تصيب الأطعمة من الناحية الصحية، وذلك أنّ بعض الجراثيم تُصيب الشخص بالأمراض من خلال ما تقوم بإفرازه من مواد سامة في الطعام، أو من خلالها هي مُباشرة، ويُسمّى هذا النوع من الجراثيم بـ “الجراثيم المُمرضة”.
هذا الواقع يدفعنا إلى طرح العديد من التساؤلات: أليس هذا هو العبث بعينه؟ ألم يفطن أحد من كل الموظفين بهذه النيابة إلى تاريخ انتهاء صلاحية هذا الدقيق قبل توزيعه؟ إذا افترضنا أن هذا الدقيق أرسل مباشرة إلى المؤسسات، فأين كان المديرون منذ بداية الموسم؟ لماذا لم يمتنعوا عن تسلم هذا الدقيق؟ ألا يمكن افتراض وجود رائحة صفقة مشبوهة بين المزود والنيابة؟ أليس حريا بالنقابات التي صمت آذاننا بعبارة “الدفاع عن مصلحة المتعلم” أن تفتح صفحة “نضالية” لفضح المفسدين العابثين بحياة الأطفال الأبرياء؟ ألا يجب أن تتخذ عقوبات رادعة بحق هذا المزود الذي يخاطر بصحة الآلاف من الأطفال، وحرمانه مثلا من التنافس على صفقات المطعم المدرسي، هذا إذا كان هناك تنافس وصفقات أصلا؟
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) .

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This