السفير
يرد الخبير البيئي الدكتور ناجي قديح ما يحصل في الليطاني و «هو إعدام سريع» للمواطنين في حوضه، وليس اعداماً بطيئاً، إلى جملة من الأسباب التي تنطلق من ضرورة تناول الموضوع ككل وليس بشكل مجتزأ يختصر المشكلة بالتلوث فقط. ويرى أن اختصار القضية بالتلوث من شأنه حجب المسؤولية التاريخية للسلطات التي تخلت عن تنفيذ القوانين وصلاحياتها وواجباتها تجاه الثروة المائية ومجاري الانهر وحياة الناس.
فالنهر، وفق قديح، ليس كمية مياه تتحرك في مجرى أو في فضاء خارجي بلا مقاييس، بل هو منظومة بيئية عالية التكامل في نهر له مساره وفضاؤه ووسطه الحيوي وأحياؤه المائية ومواصفات وخصائص جغرافية وفيزيائية وصخور، وعليه، تجب محاكمة السياسات المائية التي اعتمدت على مدار حكومات الاستقلال وحتى الآن. فالطبيعة، وعبر مئات ألوف السنين، وفق قديح: «تخلق هذا التوازن في المنظومة البيئية، وليس لأحد الحق بإحداث اضطراب فيها، أو التعامل معها بشكل مجتزأ»… ولكنهم تعاملوا تاريخيا في لبنان مع الليطاني ككتلة ماء بقوة 750 مليون متر مكعب لاستثمارها. ومن هنا كان «بناء سد القرعون التدخل الاكثر ايذاء لنهر الليطاني عبر التاريخ» وفق قديح.
وينطلق قديح من الارقام العلمية ليقول إن «النهر ينبع من ارتفاع ألف متر في العلاق، بينما بني السد بمستوى 800 متر ثم سحبت منه القناة 900 ليضخوها من 800 متر إلى الأراضي على ارتفاع 900 متر، وهي خطوة خاطئة». ويرى انه كان يمكن استعمال مياه السد لري أراضي الجنوب على 800 متر وما تحت ولتوليد طاقة نظيفة.
ومع ذلك ما زالوا مستمرين، وفق قديح، في السياسات الخاطئة «إذ يحولون مياه الليطاني اليوم إلى بسري ويحجزونه بعد القرعون ويتركون مجراه جافاً لغاية نفق معمل مركبا بالقرب من عين الزرقا، ثم يعودون لحجبه في الزرارية حيث يضعون مياه النهر في قناة يجرونها للري. ليس لنا الحق في تجفيف النهر نهائياً، كما يرى قديح، إذ يجب ان نبقي على الحد الأدنى من التدفق لاحترام منظومته البيئية وصولاً إلى مصبه في بحر صور. وعليه تقطعت أوصال الليطاني في أكثر من مكان فيجف هنا نهائياً ويغزر هناك.
ويشير قديح إلى أن السياسات المائية في لبنان لم تحترم حتى الديناميكية الخاصة للينابيع التي تتفجر في حوضه.
ويرى ان توليد نحو 10 ميغاوات من الكهرباء من كل مشروع الليطاني اليوم هو «ضحك ع حالنا، في مقابل تخريب النهر الذي حصل».