وضع عامل المختبر عيّنة من مياه الليطاني سحبتها بلدية زوطر الشرقية من منطقتها، وانتظر النتيجة: جاء رد فعل آلة الفحص التحليلية غير متوقع «خطأ..خطأ». عند التدقيق في الوضع والأسباب تبين أن عينة الماء هي عبارة عن طين، طين عطّل الآلة فتوقفت. إنه طين المرامل والكسارات ومغاسل الرمول التي قضت على ما تبقى من نهر الليطاني بعدما ضخت إليه وفتحت مياه بحيرة القرعون بملوثاتها من مياه آسنة ونفايات صناعية وأخرى صلبة، عائدة سواء للمنازل أو للمزارع أو حتى للمستشفيات.
يقول رئيس بلدية زوطر الشرقية إن البلدية انتظرت حتى أصدر المدعي العام البيئي قراراً بوقف المرامل، وأعادت أخذ عينة من النهر بالتعاون مع دائرة المختبرات في مصلحة مياه لبنان الجنوبي، وجاءت النتائج لتؤكد تلوث النهر «أردنا التحقق من التلوث علمياً لكي لا يبقى مجرد كلام». تقول النتائج إن نسبة الأحياء القولونية الإجمالية في مياه الليطاني هي أكثر من 80 في كل مئة مليليتر، بينما المسموح هو أقل من واحد، وكذلك الأمر بالنسبة لـ «إشريشيا كولاي»، وهي جراثيم تتأتى عن نفايات الصرف الصحي. كما جاءت النتائج «كارثية» وفق رئيس بلدية زوطر حيث ثبت وجود نفايات دباغات أيضاً، من ضمن التلويث الصناعي للنهر.
مع المياه الملوثة من البقاع، تسلط بعد سد القرعون مياه الصرف الصحي ليحمر وسحمر إلى الليطاني مباشرة، ومن دون أي معالجة في المنطقة القريبة من «عين الزرقا» أول الينابيع التي تصب في الحوض الجنوبي. بعد أودية قرى قضاء جزين التي تعتدي على الليطاني بمراملها وكساراتها ومغاسل الرمول، يسلّط جزء من مياه الصرف الصحي لبلدات بلاط والقليعة وبرج الملوك إلى النهر مباشرة.
وفيما يؤكد رئيس بلدية دير ميماس جورج نكد لـ «السفير» أن لدى بلدته محطة تكرير «ونحن لا نلوث الليطاني»، يشير رؤساء بلديات في المنطقة الى أن محطة دير ميماس تشتغل حيناً وتتوقف أحياناً، ويذهب البعض إلى القول إنها حتى وهي تعمل «لا تكرر جيدا وتبقى المياه آسنة ملوثة».
يرد العديد من العارفين في الجنوب تلوث النهر إلى تقاعس البلديات عن تشغيل محطات التكرير عندما يكون هناك محطات: «هم يوفرون في الكلفة، ويوقفون المحطات دون الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة، وهذا يحدث بقاعاً وجنوباً»، وفق أحد رؤساء بلديات الجنوب.
وينقل رئيس بلدية زوطر الشرقية عن خبير بيئي ومهندسة زراعية اطلعا على نتائج تحاليل مياه النهر «أن المحتوى يدل على تلوث شبيه بتلوث بحيرة القرعون، وهذا بسبب المياه الآتية من البقاع ومعها طبعا مياه الصرف الصحي والرمول جنوباً».
ويشير إلى أنهم حملوا رغيف خبز وقصدوا النهر في منطقة ليطاني قرى الشقيف ورموا الخبز إلى الأسماك «خرجت الأسماك لالتهام الخبز ولكنها لم تتمكن فتح فمها من التلوث»، يقول.
وعليه، وبناءً على تحاليل النتائج شكل رؤساء بلديات المنطقة في اتحاد بلديات الشقيف، برئاسة رئيس الاتحاد الدكتور محمد جميل جابر، لجنة بعضوية بلديات أرنون ويحمر الشقيف وزوطر الغربية وزوطر الشرقية وقعقعية الجسر للبحث في معالجة المشكلة والاتصال بالمعنيين للتنسيق والتعاون.
وإثر مباحثات واجتماعات اقترحت اللجنة:
ـ الفصل بين مجرى الليطاني في البقاع ومجراه في الجنوب، لمنع الملوثات من القرعون.
ـ وقف تسليط كل الصرف الصحي على النهر من جميع البلدات ومعالجتها في محطات التكرير.
ـ وقف غسل الرمول والمرامل المخالفة والمضرة بالنهر نهائياً.
ـ وضع خزانات صحية وبيئية للاستراحات والمتنزهات على الليطاني وتفريغها عند امتلائها في محطات التكرير لمعالجتها.
وبجانب المقترحات، «كان علينا أن لا نهجر النهر وأن نقف بجانبه»، كما يقول رئيس بلدية زوطر فنظمنا «سمبوزيوم» لرسم النهر بمشاركة فنانين لبنانيين وعرب لتأكيد ارتباط النهر بحياة الناس.