اعتمدت الأمم المتحدة اليوم العالمي للسلام The International Day of Peace في 21 أيلول (سبتمبر)، وتحديدا منذ العام 1981، وقد شهد العالم مظاهرات ونشاطات سلمية عدة لـ “جماعات التأمل”، ومسيرات سلمية ومعارض فنية ومؤتمرات تعليمية، واقتباسات لعلماء ومفكرين بطرق وملهمة لنشر فلسفة اللاعنف، ومكنت شبكة الانترنت من التواصل بين الشعوب في هذه الاحتفالية، وكيف يحتفي بها الآخرون في كافة أنحاء العالم، ومنها صفحات التواصل الإجتماعي، وخصوصا “فيسبوك” في مبادرة لإطلاق حملة واسعة من أجل السلام وذلك بإرسال علامة القلب ليتفاجأ العديد أنهم ينثرون القلوب نثرا، في إشارة إلى أن المحبة موازية لمفهوم السلام، ولتعميم الفكرة، كما ساهم تطبيق go live on facebook على الهواتف المحمولة بإرسال ملايين الرسائل في هذا اليوم.
كما أطلقت جمعية Peace One Day، هاشتاغ PeaceDay # ، و#21Sept، واقتباسات كثيرة منها واحدة للعالم الراحل أينشتاين
#world #peace #quotes #AlbertEinstein #EmC2 #relativity #WorldPeaceDay #IshaUSA #happy #life pic.twitter.com/wk6rTCVpeE
— World Peace Day (@WorldPeaceDay) January 26, 2016
كرسالة عالمية من أجل السلام، إلا أن السلام يعاني في عالم تستمر فيه 5 حروب في سوريا، العراق، أفغانستان، المكسيك والصومال حصدت هذا الشهر أكثر من 100 ألف قتيل.
في لبنان
وشارك لبنان العالم بالاحتفالات العالمية بالسلام بنشاطات عدة منها: إقامة لقاء للصلاة من اجل السلام في مزار “سيدة لبنان” في حريصا، ويتزامن اللقاء مع الاجتماع العالمي الثلاثين من أجل السلام الذي سيعقد في مدينة أسيزي الايطالية، والذي دعا إليه البابا فرنسيس بعنوان “متعطشون إلى السلام: ديانات وثقافات من أجل الحوار”.
وزرعت جمعية “الصوت الثالث لأجل لبنان” شجرة زيتون في باحة الحرس الجمهوري في قصر بعبدا، وقال متحدث باسم الجمعية أن “زَرْعَ الشجرة في هذا الموقع الرمز تعبير عن الإمتنان للجنود الذين يسهرون على الموقع والمؤسسة، وعن الرغبة في ترسيخ العمل على بناء السلام في لبنان”، في دعوة الى “ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت لملء الفراغ”، وشاركت قوات “اليونيفيل” في الجنوب بهذا اليوم، وقدمت اليونيفيل الايطالية لبلدة طيرحرفا مضخة مياه، واليونيفل الكورية لوحات رسم في الشوارع تحت عنوان الفن من أجل السلامART4PEACE .
البيئة والسلام
وأمام هذا الواقع الأليم، يواجه العالم حربا ضروس غير معلنة، متمثلة في تغير المناخ وتداعياته، والذي يؤثر على السلام العالمي المنشود، وتحصد هذه الحرب الصامتة ملايين من الأرواح، فضلا عن مهجري المناخ في كافة أنحاء الأرض، وليس ذلك فحسب، بل تجتاح مواطن التنوع الحيوي فتقلب الموازين رأسا على عقب، وقد تتعافى هذه الأنظمة البيئية خصوصا في البيئات البحرية، إلا أن معظمها يعاني من تدهور سريع قد يؤدي إلى فناء كثير من أعدادها أو انقراض في أنواع كثيرة.
خبير بيئي
وقال نائب رئيس الطاقة النظيفة Clean Energy في صندوق الدفاع عن البيئة Environmental Defense Fund جيم مارستون Jim Marston : “لا يسعني إلا أن أفكر بآثار تغير المناخ على الحالة الراهنة للسلام العالمي. وبينما هناك عدد قليل من منكري المناخ، فأولئك الذين تابعوا العلوم يقولون تغير المناخ يشكل تهديدا خطيرا على الأمن والسلام العالميين”، وأضاف “لحسن الحظ، فقد وافقت الأمم المتحدة أن تركز في اليوم العالمي للسلام لهذا العام على الأهداف الإنمائية المستدامة، وقد اعتمدت بالاجماع من قبل جميع الدول الأعضاء الـ 193في الأمم المتحدة، وتم تقسيم الأهداف الإنمائية المستدامة إلى 17 مجالا، وهي أجزاء من خطة أوسع لمحاربة عدم المساواة والظلم، وتغير المناخ بحلول العام 2030”.
اتفاقية باريس والسلام
وكان الحدث الأبرز في نيويورك والذي تمثل باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة UN general assembly في النسخة 71 منها في 20 أيلول (سبتمبر) وحتى 29 منه، وشهد الإجتماع وقائع هامة، ومنها المرة الأخيرة التي يتحدث فيها كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والرئيس الأميركي باراك أوباما أمام 140 من قادة الدول، بالإضافة إلى توقيع 31 دولة على اتفاق المناخ، إلا أنه لم تصل النسبة إلى 55 بالمئة من الانبعاثات المأمول خفضها، مع توقع السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أن يتم التصديق بالكامل على اتفاق بشأن المناخ العالمي بحلول نهاية العام.
وقال بان كي مون في يوم السلام العالمي” أنا أكثر ثقة الآن من أي وقت مضى، من أن اتفاق باريس سيدخل حيز التنفيذ هذا العام”، وأضاف “أناشد جميع القادة لتسريع الترتيبات المحلية لهذه السنة”، واعتبر أن “ما بدا مستحيلا في إحدى الفترات، يبدو الآن أمرا لا مفر منه، وعندما ينتهي هذا العام، آمل أن نتمكن جميعا من النظر إلى الوراء بكل فخر مع علمنا أننا اغتنمنا الفرصة لحماية وطننا المشترك”.
وتحدث وزير الخارجية الأميركية، جون كيري John Kerry في الإجتماع وقال: “المشكلة التي نواجهها تستمر في النمو، فكل يوم على هذا الكوكب وهو على هذه الحال، يصبح أكثر خطورة”، وأشار إلى أنه “إذا كان ثمة أي شخص يشكك في العلم، فإن كل ما عليه القيام به هو أن يشاهد ويشعر بما يحدث في العالم اليوم، فإن العالم يواجه بالفعل عواقب ارتفاع درجات الحرارة والناس يموتون نتيجة لذلك ويفتقرون إلى الماء، ولدينا بالفعل لاجئي المناخ”.
وقد وقع أكثر من 170 من زعماء العالم على اتفاق باريس للمناخ، لكنه لن يصبح نافذا حتى تقدم 55 دولة تمثل 55 بالمئة على الأقل من الانبعاثات العالمية التزاماتها الداخلية. وكان من المتوقع في البداية أن يستغرق الأمر عدة سنوات، ولكن 28 دولة – من بينها اثنتان من أكبر الدول في نسبة الانبعاثات في العالم، الولايات المتحدة والصين وتمثل 39 بالمئة منها، كما البرازيل التي تعد السابعة في الانبعاثات العالمية وتقدر نسبتها بين 10 و12 بالمئة، وعلى الرغم أن عدد الدول الموقعة وقدمت التزاماتها هو 60 دولة إلا أن النسبة وصلت إلى 47،7 بالمئة من الانبعاثات العالمية، صدقت بالفعل على الاتفاقية.
وقد أرسلت المانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وكندا واستراليا وكوريا الجنوبية وغيرها برسائل مصورة تعد بالتصديق على اتفاق باريس في الأشهر المقبلة.
ووعدت استراليا على لسان رئيس وزرائها مالكولم تيرنبول Malcolm Turnbull “ببذل قصارى الجهد للتصديق على الاتفاق في عام 2016″، وقالت وزيرة البيئة الألمانية باربرا هندريكس Barbara Hendricks أن “بلادها تعتزم التصديق على الاتفاق قبل وقت كاف من اجتماع الأمم المتحدة في مؤتمر المناخ المقبل COP22، في مراكش في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل”، كما قدمت المملكة المتحدة وعدا مماثلا.
وعلى أمل أن تشهد نهاية هذا العام بعيد مؤتمر المناخ في نسخته المغربية COP22 ومن قلب الحدث في القارة السمراء التي تعاني من تداعيات هذا التأثير المناخي بشكل كبير، اتفاقات ملزمة، تساهم بجعل يوم السلام بيئيا ومستداما على مدى الأيام والسنين القادمة.