طفح الكيل في بنت جبيل كما طفحت مياه الصرف الصحي. ولم يعد في اليد سوى إحراق الإطارات، كما حدث أخيراً، للمطالبة بمعالجة مشكلة تسرّب هذه المياه إلى الأحياء والطرقات العامة، والسؤال عن «ملايين الدولارت التي دفعت لإنشاء شبكات صرف صحي في أكثر من بلدة وقرية، من دون أن تجري الاستفادة منها».
مختار بنت جبيل، وحيد سعد، يسأل «أين أصبحت شبكة الصرف الصحي التي أنشأتها بلدية بنت جبيل عام 2002 بكلفة باهظة، من دون أن يتم استعمالها؟»، فيما يشدّد رئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين على أن الأمر يحتاج إلى «حلّ جذري»، لأن «معظم مشاريع الصرف الصحي مجرّد حبر على ورق، وهو سبب أدى ويؤدي إلى تلوث المياه الجوفية ومياه الليطاني». ويعطي مثالاً عن المناطق التي ينعدم فيها وجود شبكات صالحة للصرف الصحي، ومنها مثلاً مرجعيون وحاصبيا وهنا في بنت جبيل. أما تلك التي توجد فيها شبكات، ومنها بلدات تبنين ودير ميماس وبلاط، «فالأمر سيان، خصوصاً أن في بعضها محطات تكرير، لكنها لا تعمل». ويلفت إلى أن «معمل التكرير الذي أنجز في بلدة دير ميماس بعد التحرير عام 2000، توقف عن العمل عدة سنوات لأسباب مجهولة، لتصبّ المياه الآسنة مباشرة في حقول البلدة، ومنها الى النهر». وفي 2003 «بنت البعثة البابوية محطة لتكرير الصرف الصحي لبلدتي القليعة وبرج الملوك الواقعتين على كتف النهر، ولكن لم يتم تشغيلها… بعدما سرق المولد الكهربائي وثلاثة توربينات مخصصة لعملية التكرير إضافة الى خزان المازوت، لترمى مياه الصرف الصحي في الحقول القريبة من الليطاني». وقبل نحو 4 سنوات، وافق الصندوق الكويتي على تمويل محطة تكرير ضخمة لخدمة 9 بلدات في قضاء مرجعيون، لكن بعض البلديات اعترضت على مكان المحطة في سهل مرجعيون وطالبت بتعديل المكان كي لا يكون له أثر سلبي على المزارعين ومزروعاتهم. وفي وادي السلوقي، تقرر إنشاء محطة تكرير على مقربة من نبع الحجير، لكن النائب علي فياض رفض اعتماد هذا المكان، طالباً نقله الى مكان بعيد عن المحمية.
وهنا، يحيل الزين المشكلة إلى الدولة، وتحديداً «إلى مصلحة مياه لبنان الجنوبي، المسؤولة قانوناً عن بناء وتنفيذ مشاريع الصرف الصحي»، مشيراً إلى وجود «13 محطة تكرير صغيرة بين البقاع ومرجعيون، لكنها غير كافية، ومياهها المكررة تصبّ في النهر، وعند أيّ عطل أو خلل في التكرير، فذلك يعني أن التلوث سيصبّ في النهر مباشرة. وعليه، يجب إيلاء دعم جاد لقضية معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في لبنان».
وبحسب الخطة الرئيسية لمياه الصرف الصحي الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه، والتي وردت في الاستراتيجية الوطنية لقطاع مياه الصرف الصحي عام 2012 «هناك فقط محطتان عاملتان هما بعلبك واليمونة من أصل 42 محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وهاتان المحطتان تعملان بأقل من طاقتيهما: 10% و50%». ما عدا ذلك، «فمحطات في طور التنفيذ وأخرى منفذة ولكنها لا تعمل لأسباب تشغيلية». وهو ما يؤكده نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، لافتاً إلى أنه «يوجد في بعض المناطق محطات لتكرير المياه لكن لا يتم تشغيلها، وتصبّ مياه الصرف الصحي في الأنهر»، وكاشفاً عن أنه «في مدينة زحلة التي تضم أكثر من 200 ألف نسمة لا يتم تشغيل محطة التكرير، فيما المياه تنحدر نحو نهر الليطاني من دون أن يحرّك أحد ساكناً».