ايمان ابراهيم عبد العال – السفير
إن لبنان هبة الليطاني.
نهر الليطاني، اسم كبير لبلد صغير بحجمه، فعّال بدوره.
تحدثوا عن «مجنون» قضية ما، يمكن اعتبار أول «عاقل» لقضية الليطاني، هو المهندس إبراهيم عبد العال، الذي كرّس وضحّى بحياته لاستغلال هذه الثروة الوطنية. وأما حامل الراية والعين الساهرة فهي المؤسسة التي تحمل اسم المهندس عبد العال. لنقول معه ومع سينيك: «ليس لأن الأمور صعبة لا نجابهها بل لأننا لا نجابهها فهي صعبة».
سبق وكتبنا أن الليطاني هو، بدون أي شك، عامل وحدة، وعامل الوقوف عز وكرامة للوطن وإنسانه.
كان يُضني عبد العال، منذ خمسينيات القرن الماضي، أن يرى المشاريع تُرتجل في بلاده والمخططات الضخمة الجديرة بعناية الدولة، تنهار أمام السياسات الصغيرة نتيجة عدم الاستقرار الإداري وفقدان الفكرة الواعية الموجهة المستمرة، فكان يدعو إلى إيجاد الفكرة الرابطة، إلى تعيين الروح التي يجب أن تسود سياسة الدولة، فتصف الأغراض العامة التي يحسن الاتجاه نحوها وتبيّن الطرق العملية التي تحقق الوصول إليها. هيهات على أيام الخمسينيات، أمام ما نشهده اليوم من انهيار مفهوم وطن كريم، يتمتع بدولة قادرة على حضن شعبها، وشعب يتمتع بالحس الوطني، ويمارس حقوقه وواجباته.
شاهدنا المساعي الكريمة التي تقوم بها الحكومة، والسادة النواب، من أجل معالجة التلوث على نهر الليطاني. شاهدنا اللجان التي تتآلف الواحدة تلو الأخرى بهذا الشأن. لنصل إلى أين؟
خطة المعالجة واضحة المعالم، موجباتها واضحة. لبنان يشكو دائماً من عدم التنسيق بين الوزارات والهيئات المعنية بموضوع معيّن. والآن نضيف إلى هذه المشكلة الخطيرة، تأليف لجان متعددة لمعالجة مسألة التلوث على الليطاني. تحدثوا عن اهتمام المؤسسات الدولية والإقليمية بمساعدة لبنان بهذه المهمة، ولكن مع مَن ستنسّق هذه الجهات؟ مع أي لجنة؟ هذا إذا لم ندخل بموضوع الهبات والقروض!
انشغلنا بموضوع نوعية مياه نهر الليطاني، ولكن كي لا ننسى، الموضوع الذي تجب أيضاً متابعته بسرعة فائقة، هو موضوع كمية المياه في النهر وإنجاز المشاريع التي خطط لها عبد العال على النهر. هو الذي ردد دائماً: «لقد توفرت لنهر الليطاني ظروف استثنائية جعلت منه نهراً قويماً مستديماً عظيم الإمكانات، فقد تضافرت الشروط الجيولوجية والطوبوغرافية والمناخية والمائية لتجعل منه مجموعة فريدة في لبنان بل في الشرق العربي، يمكن استثمارها للري الزراعي ولتوليد الطاقة الكهربائية على نطاق واسع.
يتحدثون عن أن التنظيف الآني لمجرى النهر غير مجدٍ، بل يجب العمل على تنفيذ خطة الحدّ من مصادر التلوث، وهي تعني البنى التحتية، التي تحتاج إلى الوقت والمال، وما إلى هنالك من أمور فنية وإدارية وقانونية، هذا وبالحالة التي يقبع فيها الوطن. ولكن لنساعد النهر وننفذ حملات تنظيف آنية، تخفف من الضرر، ونحن المؤمنين بإرادة الله تعالى، نعرف أن موسم الأمطار آتٍ، وندعو أن يكون موسماً ماطراً، بالإضافة إلى عامل أشعة الشمس المطهّرة. نكون أعطينا حفنة من المعالجة للنهر.
إلا أننا نكرر ونصرّ على أن لا ننسى موضوع إعطاء أيضاً الأولوية إلى البدء واستكمال جميع المشاريع المخطط لها على النهر.
وهكذا نكون أعطينا مجنون الليطاني حقّه في إنقاذ أعظم مورد اقتصادي للبلاد.