مرّ “اليوم العالمي للحيوانات” الذي يصادف في 4 تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، دون نشاطات وفعاليات بمستوى ما تواجه الحيوانات في لبنان من أخطار تضع قسما كبيرا منها على قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، وبدلا من أن يتحول هذا اليوم مناسبة وطنية للتوعية حيال ما يتهدد هذه الكائنات نتيجة ممارسات عبثية، ودورها المهم في التوازن البيئي وأهميتها الإيكولوجية، لم تحرك الوزارات المعنية ساكنا، ما يعني أننا محكومون إلى أجل غير مسمى بالفوضى، فيما الجمعيات البيئية والأهلية الناشطة تجذف وحدها في بحر الإهمال والتسيب، ولا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة، من أصل أكثر من مئة جمعية.

ما يزال العمل البيئي في لبنان في مداه الرسمي والخاص، مجرد وقفات إعلامية، وربطة عنق ومناسبات لا تسمن ولا تغني من جوع، لكن وسط ما هو قائم، تبقى هناك محطات مضيئة، نعول عليها وحدها، في التصدي لحال الترهل مع جمعيات ومؤسسات ناشطة في حدود إمكانياتها، وتعوض بعضا من غياب الدولة، حتى أن ناشطا بيئيا، قال لـ greenarea.info أن “دولة غير قادرة على معالجة أزمة النفايات لا يُعول عليها في حماية الحياة الطبيعية”.

 

القديس فرنسيس الأسيزي

 

يرقى “اليوم العالمي للحيوانات” World Day for Farmed Animals إلى مطلع القرن الماضي، واعتمد كيوم عالمي في المؤتمر الدولي لـ “حركة حماية الطبيعة” الذي انعقد في فلورنسا – إيطاليا عام 1931، لأنه وكما هو معروف يصادف يوم إحياء ذكرى القديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226)، الذي كان ينادي بالرفق بالحيوانات.

وتقام في هذا اليوم الصلوات الكنسية في العديد من البلدان، وتنشط جمعيات الحيوانات في كافة أنحاء العالم، مع الجمعيات البيئية في مجال تنظيم مجموعة متنوعة من المناسبات العامة سنويا، ففي روسيا على سبيل المثال، يحتفل بهذا اليوم منذ عام 2000، بناء على مبادرة من “الصندوق الدولي للرفق بالحيوان” International Fund for Animal Welfare، ويشهد اليوم العالمي للحيوانات، نشاطات تهدف إلى رفع مستوى الوعي العام بضرورة حماية البيئة، وتعزيز نشاط الرفق بالحيوانات.

 

1-1

 

أما في لبنان، فيقتضر الأمر على مبادرات خاصة، من جمعيات بيئية وأهلية وناشطين وبعض المبادرات التربوية، علما أن “اليوم العالمي للحيوانات” من المفروض أن يصبح ثقافة يومية، لا مجرد مناسبة سنوية.

 

إدريس: لتحسين بيئتنا والمحافظة عليها

 

رئيسة “حملة البحر الازرق” big blue عفت إدريس تحدثت لـ greenarea.info عن “أهمية نشر ثقافة بيئية سليمة في المجتمع”، لافتة إلى أن هذا ما نقوم به من خلال النشاطات المختلفة على مدار السنة”، ودعت إدريس “بمناسبة اليوم العالمي للحيوانات الى حملة اعلامية هادفة وموجهة، للإضاءة بشكل علمي على بعض الحيوانات التي تعيش في بيئتنا ومحيطنا، بالتعاون مع خبراء مختصين، بهدف تعريف الناس على الانواع الموجودة في لبنان والتي كانت مجهولة عند البعض، ممن استهجنوا واستغربوا عند مشاهدتها وهم لا يعلمون بوجودها، وهذا ما تسبب بارتكاب أخطاء في طريقة التعاطي معها كالدلافين على سبيل المثال، بالاضافة الى تجاوزات كبيرة عرضت الكثير منها للخطر”، واضافت إدريس “اننا نركز خلال عملنا كحملة  على حماية الشاطئ اللبناني والأحياء البحرية”.

 

وقالت: “ان اكثر ما يهمنا في موضوع الأحياء البحرية ان نعّرف الناس على أن البحر اللبناني هو بحر يمتاز بغناه وتنوع نظمه الايكولوجية، ومن الضروري جدا المحافظة عليه، خصوصا واننا كنا قد شهدنا في فترة غير بعيدة اي بعد الحرب تحسنا ملموسا في أعداد وأنواع الأحياء البحرية، لكنها عادت لتنخفض تدريجيا مع انتشار أزمة النفايات، لما تشكله من خطر عليها، خصوصا النفايات الصلبة والبلاستيك، وكنا قد سجلنا حالات اختناق لسلاحف وأحياء بحرية ابتلعت اكياس بلاستيكية، بالاضافة الى حالات اخرى سجل فيها وجود قطع البلاستيك في أحشاء السمك والدلافين والطيور، لذلك علينا مكافحة هذا التلوث للمحافظة على هذه الثروة التي لا تقدر بثمن”.

وأضافت إدريس: “ان من هذه الاحياء البحرية السلاحف التي بدأت أعدادها تزداد نسبيا والفقمة، وثلاثة أنواع من الدلافين تعيش بأعداد كبيرة، أي بالمئات، وهي موجودة في بحرنا، بالاضافة الى حصان البحر الاسود النادر عالميا وكلاب البحر وبعض انواع القرش”.

 

2

 

وأشارت الى انه “في هذا اليوم اصدرت مؤسسة Medasset خارطة للسلاحف في البحر المتوسط، حددت فيها موقعين لبنانيين يعنيان بمعالجتها، هما موقع الرملة البيضاء والمنصوري”، وختمت ادريس داعية إلى “ضرورة العمل لتحسين بيئتنا والمحافظة عليها”، طالبة بالاتصال بـ “حملة الازرق الكبير” من أجل “الاخبار عن أي حالات مصابة  لمعالجتها، وايضا التبليغ عن الحالات النافقة لتسجيلها ودراستها”.

 

سعد: قمة الاجرام

 

الخبير في مجال طيور الدكتور روجيه سعد، قال لـ greenarea.info: “ان هذا اليوم العالمي يدعو إلى الرفق بسائر أنواع الحيوانات، وفي هذا اليوم نعلم الأولاد والتلامذة أن كل الحيوانات البحرية والبحرية مهمة للإنسان ولدورة الحياة على الأرض، حتى السام منها والمفترس”، ولفت إلى أنه “كان ثمة نوع غير مهم لما خلقه الله”، منوها إلى أن “هذا اليوم أقر في ذكرى القديس فرنسيس الأسيزي الذي نادى بالرفق بالحيوانات”.

وأضاف سعد: “في هذه الفترة نشهد هجرة موسمية لأنواع كثيرة من الطيور، وهذه نعمة للبنان، لكن للأسف ما هو قائم الآن، أن هذه الطيور تتعرض لإبادة ممنهجة في كافة المناطق، وفي الشمال بشكل خاص، ولا سيما منطقة الضنية، وبشكل أكبر في منطقة (عياشة) في بلدة عاصون (الضنية)، وتتعرض الطيور للإبادة ليلا نهارا، وفي البقاع أيضا، لكن منطقة الشمال تشهد هذه الارتكابات كونها تعتبر ممرا مهما للطيور الحوامة المهاجرة والنسور والبواشق، فضلا عن الأنواع المقيمة أو المحلية، ومنها: الحسون، الحجل والبلبل وأنوع أخرى تتعرض أيضا لاعتداءات، من خلال (الدبق) أو الشباك، بهدف بيعها بعد ذبحها وإعدادها للتسويق في المطاعم والسوبر ماركت، أو الاتجار بها من خلال محال بيع الطيور، وهذا قمة الاجرام”.

وأشار إلى “اننا نحاول إيقاف هؤلاء بمجهود شخصي، ولكن هناك صعوبات كبيرة”، ولفت إلى أنه “في كل العالم يقتلون الطيور لأكلها، إلا في لبنان يقتلونها للتسلية، وترمى الأنواع غير الصالحة للأكل على الطرقات”، وقال سعد: “يهمنا في مناسبة اليوم العالمي للحيوانات التذكير بالقانون الذي وضعته وزارة البيئة في العام 2004، وضرورة التوعية حيال هذا القانون وتسهيل تطبيقه، وممارسة الصيد ضمن ما ينص عليه القانون، خصوصا وأن ثمة أنواعا يسمح صيدها، وأخرى ممنوع صيدها، مع الالتزام بفترات محددة، بما يتيح للطيور التكاثر، وكل ما نطلبه هو تفعيل القانون والتوعية”.

وأكد على “أهمية المحميات الطبيعية في لبنان وعدد خمس عشرة محمية تهتم بها وزارة البيئة، فضلا عن المجموعات المدينة والأهلية التي تعنى بها أيضا، إن كان في الشوف أو الجنوب أو إهدن وجبل موسى وغيرها”، وقال: “توجد في هذه المحميات أنواع عديدة من الحيوانات والطيور، لكن هذا المجهود يتطلب دعما من مؤسسات دولية، خصوصا وان لبنان يمر بظروف صعبة، ولا بد من تكثيف الجهود لدعم هذه المحميات والمحافظة على التنوع البيولوجي والايكولوجي، في كل المجالات بما فيها النبات والفراشات وغيرها، فيما الدعم البلدي غير كافٍ ولا بد من دعم”.

وأشار سعد إلى أنه “بالأمس رصدنا خمسة عشر طائر من نوع اللقلق الأبيض تم قتلها، وأرسلنا صورا للجهات المعنية مع معلومات وتفاصيل، ومن قتلها، لكن للأسف لم يتحرك أحد”.

 

مركز التعرف على الحياة البرية

 

وأشار رئيس “مركز التعرف على الحياة البرية والمحافظة عليها” The Animal Encounter في مدينة عاليه الدكتور منير أبي سعيد لـ greenarea.info الذي يعمل بالتعاون مع الجامعة اللبنانية – كلية العلوم إلى أن “هذا اليوم يتزامن مع بدء استقبال المركز لوفود من التلامذة من مختلف المناطق اللبنانية”، لافتا إلى أن “نشاطنا لا يقتصر على اليوم العالمي للحيوانات، فكل يوم بالنسبة إلينا مناسبة للتوعية والتثقيف وإجراء الدراسات والندوات”.

وأسف لأنه في “هذا العام استقبل المركز مئات الطيور المصابة”، ولكنه أكد أن هناك “وعينا يزداد يوما بعد يوم، ويؤكد أن عملنا يؤتي ثمارا، فقبل نحو ثلاثة أيام اتصل بنا أحد المواطنين، وأبلغنا أنه أسر ضبعا مخططا فتعاونا وأحضرناه إلى المركز لمعاينته قبل إعادة إطلاقه في البرية”.

 

3

 

وقال أبي سعيد: “يوم أمس أحضر مواطنون ذئبا مصابا ونقوم بمعالجته، وعملنا لا يتوقف، إذ نستقبل المئات من الطيور والحيوانات، ومن بينها الثعالب وغيرها”.

ووجه دعوة للمواطنين في “اليوم العالمي للحيوانات” للتنبه إلى المخاطر التي تترتب على الانسان من انقراض هذا الحيوانات، وقال: “يجب أن نتعايش معا نحن والكائنات التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب”.

وعن الأنواع المهددة في لبنان، قال أبي سعيد: “كل الأنواع في لبنان مهددة باستثناء الجرذان والخنازير، وباقي الأنواع جميعها مهددة، من الهر البري إلى الغرير والضبع المخطط، الغزلان لم تعد موجودة والدب الأسمر انقرض من لبنان”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This