تنتظر خطة إدارة النفايات المنزلية الصلبة ثلاثة استحاقات نهاية هذا الاسبوع ومطلع الاسبوع المقبل، في وقت لا تزال هذه الخطة التي أقرتها الحكومة بشكل مبتور في آذار (مارس) الماضي تترنح بين تعطيل وتنفيذ وسط تفأوت واضح بين مختلف المناطق.
الاستحقاق الأول يتمثل بجلسة فض عروض اسعار مناقصة جمع النفايات في اقضية الشوف، عاليه وبعبدا التي يتنافس فيها خمسة ائتلافات لشركات لبنانية وأجنبية، هي: سوكلين، إئتلاف يضم شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET (المملوكة من غبريـال وميشال الشويري)، مع شركة نلسون البلغارية، ائتلاف شركة حمود للتجارة للمقأولات (المملوكة من قاسم حمود) مع شركة اسيياس الفنزويلية، ائتلاف شركة معوض وإده مع شركة Soriko البلغارية، وائتلاف شركة الجنوب للإعمار (المملوكة من رياض الأسعد) مع شركة علوان السعودية.
وبحسب مصادر متابعة للملف، فإن مجلس الادارة في “مجلس الانماء والاعمار” سوف يصادق غداً الخميس على قرار اللجنة الاستشارية التي درست ملفات الشركات المتقدمة، وتبين بحسب النتائج الأولية انه تم استبعاد ائتلاف شركة الجنوب للإعمار (المملوكة من رياض الأسعد) مع شركة علوان السعودية، وذلك بسبب عيب في الكفالة المصرفية كونها مقدمة من الاسعد بشكل شخصي ولا تشمل الشركة السعودية، بحسب الاصول المتبعة في المناقصات. في المقابل يؤكد الاسعد لموقع greenarea.info ان قرار استبعاده “أعد مسبقاً”، وذلك لكي لا يتم فتح عروض الاسعار التي تقدم بها، ويقول الاسعد ان الاستشاري الذي درس الملفات الفنية راجع الشركة مرات عدة، وان الحجة المعلنة لرفض الملف ان هناك نقصا في المعدات التي تضمنها الملف الفني المقدم من قبل شركة الجنوب للإعمار، علماً ان كمية ونوعية المعدات التي تعهدت الشركة تقديمها بحسب ما يقول الاسعد، هي اكثر من تلك التي تعهدت بها خلال مناقصة عام ٢٠١٥ التي فازت بها الشركة قبل ان يتم الغاؤها مع بقية المناقصات ،بقرار صادر عن مجلس الوزراء.
في المقابل ينفي مصدر في “مجلس الانماء والإعمار” صحة المعطيات التي أعلنها الاسعد، مؤكداً ان العيب الاساسي في ملف الاسعد هو إداري وليس تقنيا، ويتمثل بعدم قانونية الكفالة المصرفية التي تقدم بها و”فقط لا غير”.
اذاً خلال جلسة فض الاسعار سوف تنحصر المنافسة بين اربع شركات، وسط ترجيحات تشير الى ان الشركة التي “حرقت اسعارها” وسوف تكون مرشحة للفوز بالمناقصة، هي ائتلاف شركة معوض وإده مع شركة Soriko البلغارية، وان هذه الشركة اقدمت على هذه الخطوة بتغطية من “شركة الجهاد للمقأولات” المملوكة من المتعهد جهاد العرب واخوانه، علماً ان الاخير نفى في حديث سابق لموقع greenarea.info ان يكون له اي صلة بائتلاف شركة معوض وإده مع شركة Soriko البلغارية، رغم ان الشركة البلغارية شريكة مع العرب في مناقصة المعالجة التي فاز بها لتشغيل جميع مراكز الفرز والتسبيخ في بيروت وجبل لبنان!
وبمعزل عن نفي العرب ارتباطة مع معوض واده في مناقصة الجمع في الشوف وعاليه وبعبدا، ومع شركة رامكو في مناقصة الجمع في كسروان والمتن، يسود اعتقاد جازم في أوساط المتعهدين، ان العرب يقف وراء تمويل جميع المناقصات الفائزة، بالمعدات والعتاد ورأس المال، وان وحده دون سواه، من يملك السيولة لبدء العمل وانفاق مبالغ ماليه طائلة من دون ان يحصل على اي دفعات مالية من قبل الدولة، كونه ينوي بشتى الوسائل ان يكون الوريث الحصري لشركتي سوكلين وسوكومي في ادارة هذا القطاع.
لكن ما نفع ان ينتظم الجمع والنقل لنفايات قضاءي الشوف وعاليه، طالما ان هاتين المنطقتين غير مشمولتين بحسب قرار مجلس الوزراء ضمن كوتا المطامر الشاطئية التي يتم استحداثها في برج حمود – الجديدة، والكوستابرافا – الشويفات، إذ نصّ قرار مجلس الوزراء على أن يتم اختيار موقع لانشاء مطمر لنفايات هاتين المنطقتين في وقت لاحق، ورغم مرور عدة اشهر على صدور قرار مجلس الوزراء المبتور، لم تنجح جميع المساعي في ايجاد موقع للطمر، أو حتى موقع للفرز والمعالجة، ضمن الشوف وعاليه. اما النائب وليد جنبلاط، فإنه يجيب من يسأله عن هذا الموضوع انه ما يزال ينتظر قرار اتحاد بلديات اقليم الخروب، الذي زار المختارة عدة مرات في الأونة الاخيرة من دون ان يحمل معه الجواب الشافي بقبول البلديات المنضوية فيه على استخدام العقار الذي رشحه جنبلاط في منطقة سبلين، لانشاء مركز للمعالجة يعتمد تقنية تحويل النفايات الى وقود بديل لاستخدامه في معامل الاسمنت.
وفي وقت جرى تصوير توقف جمع النفايات لفترة ٥٤ يوماً في كسروان والمتن، على انها كارثة كبرى، لا تزال اعمال جمع النفايات متوقفة في غالبية بلديات الشوف وعاليه منذ ٢٠ ايار (مايو) ٢٠١٦، وللاسف تعمد البلديات الى تجميع النفايات وحرقها أو رميها عشوائياً حيث تحولت مشاعات غالبية البلدات الى مكبات عشوائية، ولعل المثال الاكثر بروزاً تحول مدخل بلدة الناعمة التي استوعبت على امتداد ١٧ عاماً ٢٠ مليون طن من النفايات، الى مزبلة تحوي بمحاذاة أوتوستراد الجنوب مئات الاطنان من النفايات، بعد ان فشلت جميع المساعي في ضمها الى كوتا الطمر في الكوستابرفا!
الاستحقاق الثاني الذي ينتظر ملف النفايات يتمثل بالموعد الذي ضربه المتعهد داني خوري لبدء استقبال النفايات في جزء من خلية الطمر الصحي في موقع برج حمود، التي يفترض ان تبدأ منذ يوم الجمعة، باستقبال النفايات بدل وضعها في موقع التخزين المؤقت، في وقت لم يبدل حزب الطاشناق موقفه من رفض استقبال النفايات التي تكدست نتيجة اعتصام حزب الكتائب امام الموقع، ولا تزال هذه النفايات مجمعة في اكياس بيضاء، ومكدسة تحت الجسور وفوقها وعلى الطرقات، ولوحظ في الفترة الاخيرة ان بعض البلديات توصلت الى اتفاقات مع متعهدين غب الطلب، لنقل هذه النفايات الى اماكن غير مصرح عنها، يرجح ان تكون في مناطق بعيدة في الاطراف شمالاً وبقاعاً، وبأكلاف مالية خيالية.
أما الاستحقاق الثالث، فيتمثل بندوة دعا اليها رئيس بلدية بيروت ورئيس بلدية كوبنهاغن الدنماركية فرانك جانسن، الاثنين المقبل، حيث ستستعرض عدة شركات دنماركية لتجاربها في انشاء محارق لتوليد الطاقة من النفايات، كما تعرض الشركة الدنماركية “رامبول” التي تولت اعداد دفاتر الشروط لاطلاق مناقصة التفكك الحراري عام ٢٠١٠ للمعطيات التي جمعتها حول هذه المناقصة وشروطها. كما يعرض “برنامج الامم المتحدة الانمائي” لرؤيته حول شروط تحويل النفايات الى طاقة.
ومعلوم ان مجلس الوزراء لم يوافق بعد على طلب بلدية بيروت اطلاق مناقصة لتحويل النفايات الى طاقة، رغم موافقته على عدم شمول العاصمة ضمن مناقصة كنس وجمع النفايات.
وفي حين بدأ الوقت يَستنزف الجميع لجهة التعجيل في اتخاذ قرار يتعلق بالمرحلة المستدامة التي يفترض ان تبدأ بعد اربع سنوات، يبدو ان الاطراف المعنية اكتفت بتحقيق “انجاز” ردم البحر لانشاء مطامر سرعان ما ستفيض بالنفايات قبل ان يكون هناك بديلاً جاهزاً، وعندها ستحين لحظة وقوع الكارثة الحقيقية، والتي ستكون مضاعفاتها اقوى بكثير من كارثة تموز (يوليو) ٢٠١٥.