التزم ممثلو أكثر من أربعين شركة ومؤسسة من القطاع الخاص في لبنان، التقوا الثلاثاء الماضي، في أول جلسة تدريبية تستهدف رفع الوعي حول آلية انخراط هذا القطاع في الحد من تغير المناخ، لجهة تصميم وإعداد أنشطة من شأنها ان تخفف من البصمة الالكترونية لهذه الشركات.
الحدث من تنظيم مبادرة “ليبانون كلايمت آكت” Lebanon Climate Act، ضمن سلسلة من جلسات تهدف الى تعميق المعرفة حول آليات الحد من تغير المناخ، وسبل مساهمة شركات القطاع الخاص في هذه الآليات.
وتهدف مبادرة Lebanon Climate Act الأولى من نوعها في دول شرق الأوسط وشمال افريقيا، التي انطلقت في شهر حزيران (يونيو) 2016 الى دعم النمو الاقتصادي بشكل يعود بالفائدة للمجتمع، وذلك من خلال مواجهة تحديات التغير المناخي، عبر اقتصاد منخفض الكربون، ولقد انضم اليها منذ تأسيسها اكثر من 120 شركة ومؤسسة من القطاعين الخاص والاهلي في لبنان.
على المستوى العالمي تزداد رغبة الشركات والمستثمرين في الالتزام بالأعمال التجارية المربحة والمراعية للبيئة، وقد سجلت 2090 شركة وخمسمئة من المستثمرين التزامهم بشأن المناخ، من خلال بوابة UNFCCC NAZCA.
وســهل إنشــاء منصــة “نــازكا” NAZCA تتبــع مبــادرات مخطــط عمــل ليمــا – باريــس. وتــم إطلاق هـذه المنصـة سـنة 2014 مـن قبـل الرئاسـة البيروفيـة لـ “كـوب 20″، لتشـكل فضـاء للفاعليـن غيـر الحكومييـن للعمـل المناخـي. وتـم تسـجيل 11615 إجـراء بتاريـخ 20 حزيران (يونيـو) 2016، عـدد منهـا صـادر عـن منطقـة البحـر الأبيـض المتوسـط بدرجـات متفاوتـة: ففي تركيـا، مثـلا، 25 فاعلا منخرطـا فــي أنشــطة تعاونيــة و 73 إجــراء فرديــا. وعلــى ســبيل المقارنــة، لــم تنخرط الشركات اللبنانية في هذه المنصة الى الآن. ومن المتوقع ان تبادر الشركات اللبنانية، بعد تلقي التدريب اللازم بالتسجيل ضمن هذه المنصة التي تديرها سكريتاريا الاتفاقية الدولية للحد من تغير المناخ، وتضم كبريات الشركات من مختلف انحاء العالم.
وتنفذ مبادرة Lebanon Climate Act جمعية Green Mind بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، بدعم من مصرف لبنان، وبالشراكة مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان. ويدعم المنصة المعرفية لقطاع الأعمالBusiness Knowledge Platform التي تنظمها مبادرة Lebanon Climate Act خلال العامين 2016 -2017، مشروع “كليما ساوث” Clima-South الاقليمي، الممول من الاتحاد الاوروبي، لدعم التخفيف والتكيف مع آثار تغير المناخ فى دول جنوب الإتحاد الأوروبي.
ويهدف مشروع “كليما ساوث” Clima-South الى تعزيز الحوار والتعاون بشأن تغير المناخ بين الاتحاد الأوروبي وبلدان جنوب وشرق المتوسط، ودعم عملية الانتقال في البلدان الشريكة نحو اقتصاد منخفض الكربون ومرونة التكيف مع المناخ، في سياق التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون الإقليمي وتبادل المعلومات وتطوير القدرات في مجال التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، وتشجيع التنمية فى مجال خفض الكربون واستخدام الطاقة وبناء القدرات الوطنية فى مجال صياغة الإستراتيجيات المتكاملة الخاصة بالتغيرات المناخية والتي تتعلق بالتخفيف من والتكيف مع تغير المناخ.
تلتقي الأفكار والمبادرات التي طرحت خلال الجلسة التدريبية، التي واكبها موقع greenarea.info حول مجالات عدة للعمل، تشمل تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتخفيض الملوثات المناخية القصيرة العمر، والحد من إزالة الرقعة الخضراء، والزراعة المراعية للمناخ، والعمل المناخي في المدن، وتشجيع النقل المنخفض الكربون، وتحسين القدرة على مجابهة آثار تغيُّر المناخ عن طريق التكيف والحد من أخطار الكوارث.
وقدم الاستشاري البيئي رواد مسعود والمدربة الدولية اغلايا انتيلي، خلال الجلسة، مجموعة من الاقتراحات التي يمكن للشركات العمل على تبنيها كنهج جديد لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في مجالات عدة من قبيل المباني، والإضاءة، والأجهزة، والمركبات، والتدفئة.
وكانت وزارة البيئة وبرنامج الامم المتحدة الانمائي قد سلما اواخر العام 2015، إفادات للشركات الخاصة التجارية والصناعية، والتي صرحت طوعياً لوزارة البيئة عن انبعاثاتها في عام 2014 للغازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري وتساهم بتغير المناخ على المستوى العالمي، وذلك وفقاً لقرار وزير البيئة رقم 99/1 تاريخ 11/4/2013.
وبحسب التقارير العلمية الصادرة عن وزارة البيئة للعام 2016، والمتعلقة بالتوقعات المناخية، فإن معدّل درجات الحرارة سيرتفع بحلول سنة 2050 الى 1.7 درجة مئوية، والى 3.2 درجات بحلول سنة 2100.
كما يعاني لبنان من ارتفاع مستويات مياه البحر، ومن الممكن أن يشهد تراجعا في الامطار وفصول صيف أكثر حرارة وجفافا، ومزيدا من الظروف المناخية المتطرفة مثل الفيضانات. والسياحة والزراعة والصحة من بين أكثر القطاعات المعرضة لهذه الظروف. وفي كثير من الحالات ستفاقم التغيرات المناخية أزمتي المياه والطاقة في لبنان، فضلا عن تلوث الهواء وغيره من المشكلات البيئية.
وتركز التقارير العلمية على ضرورة أن تبلغ الانبعاثات العالمية ذروتها عام 2015، وتعود مستوياتها عام 2020 إلى ما كانت عليه عام 1990، ومن ثم تعود وتنخفض بنسبة 80 بالمئة من هذا المعدل عام 2050.
وقبل اسبوع، أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، أن مستوى تركيز الغازات المسببة للاحترار المناخي بلغ معدلات قياسية جديدة في العام 2015. وأن تركيز ثاني أوكسيد الكربون تجاوز 400 جزءا في المليون في الغلاف الجوي. ويعد تجاوز تركيز ثاني أوكسيد الكربون عتبة الـ 400 تحدياً خطيراً للحفاظ على درجة حرارة الأرض، فالوقوف عند ارتفاع يصل في حدّه الأقصى إلى درجتين مئويتين، يتطلب إعادة تركيز غازات الدفيئة على ما يعادل 350 جزءاً في المليون من ثاني أوكسيد الكربون.
وقبل انعقاد مؤتمر الاطراف الـ 22 لاتفاقية تغير المناخ في مدينة مراكش في المغرب، من غير المتوقع ان يبادر لبنان الى المصادقة على إتفاقية باريس، والتي أحيلت الى المجلس النيابي بمرسوم يجيز للبنان الانضمام الى الاتفاقية المناخية التي وقع عليها حتى اليوم 197 بلد، ومن بينهم لبنان. وصادق عليها، الى الآن 74 بلدا تعادل انبعاثاتهم من غاز ثاني أوكسيد الكربون وغيرها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري 58.82 بالمئة من اجمالي الانبعاثات، وبذلك ستدخل الاتفاقية حيز النفاذ في غضون شهر من الآن.