يستمر التغير المناخي، ولا سيما ذلك الناجم عن النشاطات البشرية بتهديد البيئة والتنوع الحيوي، وهو ما يشكل تحديا يواجه العلماء نظرا لتأثيراته الخطيرة على التوازن الطبيعي، خصوصا النحل، فهذه الحشرات الملقّحة مسؤولة عن “لقمة” من أصل ثلاث “لقمات” يتناولها الإنسان، إلا أن هذا النوع من الحشرات أصبح يعاني تهديدات كبيرة ظهرت مؤخرا على شكل تراجع حاد في الأعداد مع فناء نسبة كبيرة من المستعمرات.

في هذا السياق، قامت “خدمة الحياة البرية والأسماك في الولايات المتحدة الأميركية” The US Fish and Wildlife Service، وفي سابقة لم تعرف مثيلا لها الولايات المتحدة، بإضافة النحل ضمن قائمة الأنواع المهددة بالانقراض، موضحة أن من بين الكائنات المهددة بالانقراض، سبعة أنواع من النحل الأصفر المحلية الموجودة في هاواي.

وأُعلِنَت القائمة الأسبوع الماضي بعد دراسة أجرتها “مجموعة زيرسيس” The Xerces Society لسنوات بالتعاون مع مسؤولين حكوميين وباحثين مستقلين، وأظهرت أن أعداد تلك الحشرات المهددة بالانقراض انخفضت بشكل متسارع بسبب فقدان الأنواع النباتية المحلية نتيجة حرائق الغابات والأنواع المدمرة لهذه النباتات.

 

فقدان الموائل

 

ويلعب النحل “الأصفر الوجه” Hawaiian yellow-faced bees الموجود في هاواي، دورا حاسما في تلقيح النباتات النادرة المحلية على سلسلة الجزر، وتنتمي هذه الأنواع إلى نوع هياليوس Hylaeus species، وتوجد في موائل مختلفة في جزر هاواي، تتوزع بين المناطق الشاطئية إلى المرتفعات ذات الشجيرات، وتشكل أعداد هذا النوع المتناقصة أعداده مشكلة ليس للنحل فحسب، ذلك أن هذا النحل “الأصفر الوجه” هو الملقح الوحيد لبعض الأنواع النباتية المحلية المهددة بالانقراض في هاواي، فضلا عن أصناف أكثر شيوعا من النباتات.

وقالت المجموعة في بيان أنه “بسبب الأعداد القليلة المتبقية وعزلتها، أصبح نحل هاواي الأصفر متأثرا بشكل كبير وحساس نتيجة فقدان الموائل، الافتراس، الأحداث العشوائية وتغيرات أخرى تصيب موائلها”، وأضاف البيان “أن المحافظة على هذه الملقّحات الهامة يتطلب الإدارة الفعالة للمناطق الطبيعية التي تتواجد فيها”.

وشاركت المجموعة غير الربحية “زيرسيس”Xerces  في الالتماسات الأولية لحماية هذه الأنواع من النحل، وقالت مديرة الأنواع المهددة بالانقراض والبرامج المائية director of endangered species and aquatic programmes للمجموعة في مدينة بورتلاند بولاية اوريغون سارينا جبسون Sarina Jepson “يمكن العثور على النحل الأصفر في أي مكان في العالم بما في ذلك أوروبا، أما الأنواع المدرجة في لائحة الحيوانات المهددة بالإنقراض فتوجد فقط في هاواي، بالإضافة إلى النباتات الأصلية التي تلقحها هذه الحشرات”، وعلى الرغم أن هذه النباتات يمكن أن تلقحها أنواع النحل الأخرى، إلا أن هذه النباتات النادرة تواجه خطرا كبيرا في حال انقرضت هذه الحشرات تماما.

وأضافت جبسون أن “النحل يتعرض لمجموعة متنوعة من التهديدات بما في ذلك الخنازير البرية والنمل الغازي، وفقدان الموائل الأصلية بسبب النباتات الغازية، والحرائق، وكذلك التطور الحضري، ولا سيما في بعض المناطق الساحلية”.

 

شبكة حياة متكاملة

 

وقال خبير الحشرات كارل ماغناكا Karl Magnacca ومقر عمله في هاواي، وعمل مع مجموعة زيرسيس”Xerces  في المرحلة الأولى من الأبحاث: “لقد تطلب منا الأمر عشر سنوات لنصل إلى ما وصلنا إليه، ومن الجيد أن جهودنا أثمرت أخيرا”، وأضاف “يميل النحل إلى النباتات المهيمنة في المنطقة، ويميل الناس للمحافظة على النباتات النادرة، إلا أن النباتات الأخرى العادية مهمة كذلك، ويحافظ هذا النحل على بنية وهيكلية الغابة بأكملها”.

وأضاف: “قد لا يكون صحيحا بالضرورة أن نعتبرها مهددة بالانقراض، ولكن لدينا هذا التنوع الهائل في هاواي، وعلينا العمل على حمايته”، وأشار إلى أن “هناك قدرا هائلا من العمل يتعين علينا القيام به”.

وقال مدير فريق استعادة الأسماك والحياة البرية conservation and restoration team manager for the Fish and Wildlife Service غريغوري كوبGregory Koob  في جزبرة هونولولو أن “النحل بالغ الأهمية في الحفاظ على صحة النباتات والحيوانات الأخرى في كافة أنحاء الجزر، وليس هناك منطقة معينة معرضة للخطر معنية بإدراج النحل ضمن الكائنات المعرضة للإنقراض”، وأضاف: “ان عملية الحماية لهذا النوع تسمح للسلطات بتنفيذ برامج تمويل وتعافي، مع الحد من الضرر من المؤثرات الخارجية، وعلى كافة الوكالات الفيدرالية التنسيق مع خدمة الأسماك والحياة البرية عند التعامل مع الأنواع المهددة بالانقراض”.

وقال كوب: “لا يمكن أخذ هذه الحيوانات أو فحصها أو قتلها بواسطة الأفراد، وأي بحوث تُجرى تحتاج إلى تصريح من خدمة الأسماك والحياة البرية ما لم يتم ذلك من قبل وكالة رسمية”، وشدد كوب على أن “عملية إزالة النحل من النظام الإيكولوجي تؤدي إلى أن النباتات التي تقوم بتلقيحها لن تبقى على قيد الحياة”، وأشار إلى أن “هذه النباتات لا تعد فقط مواد غذائية وأماكن ليبني النحل مسكنه، لكنها توفر موطنا لحيوانات أخرى، إنها شبكة حياة متكاملة”.

وشملت قائمة الحيوانات المهددة بالإنقراض التي صدرت يوم الجمعة الماضي في 30 أيلول (سبتمبر) حماية 10 أنواع من الحيوانات في هاواي منها النحل الأصفر، وطائر نوء ماديرانthe band-rumped storm-petrel، ونوع من الحشرات اسمه orangeblack Hawaiian damselfly ، ونوع من القريدس anchialine pool shrimp، كما أضافت القائمة 39 نوعا من النباتات المحلية في هاواي، وتبين أيضا أن نحل The rusty-patched bumble bee واسمه العلمي Bombus affinis المتواجد في كافة أنحاء الولايات المتحدة يحتاج إلى الحماية أيضا.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This