تتراجع الموارد الطبيعية وتستنزف، وخصوصاً غير المتجددة، نتيجة إهمال الانسان واستغلاله المفرط لها، الأمر الذي أدى إلى نتائج تهدد مصير الإنسان على هذا الكوكب.
لقد أدى التقدم الصناعي منذ مطلع القرن الماضي، فضلاً عن الزيادات السكانية، الى التوسع في استخراج الفحم والوقود الأحفوري، واستنزاف المياه الجوفية، كل ذلك أثّر على قدرة الارض على تجديد مواردها الطبيعية، الأمر الذي أدى الى تحولات قد تهدد مستقبل الاجيال القادمة.
وفيما تشير كافة التوقعات الى ان الحروب المقبلة سيكون عنوانها النزاع على مصادر الطاقة والمياه، يحاول العلماء استنباط طرق بيئية وصحية تحافظ على استمرارية الحياة، ولم تقتصر الامور على استخراج الطاقة من الرياح أو الشمس أو حتى المياه فحسب، بل ان الامور قد تخطّت هذا الواقع لتطاول الكوارث الطبيعية والبشرية!
فبعد ان سبق لوكالة “رويترز” ان اشارت في العام 2015 الى مشروع مرحاض مبتكر يولّد الكهرباء من البول، بعد أن اختبره بنجاح طلبة في المملكة المتحدة في إطار مشروع للتعاون بين وكالة “أوكسفام” للاغاثة و”جامعة وست إنغلاد” في بريستول، تحدثت آخر المعلومات عن استخراج الطاقة من الاعاصير وعجلات السيارات ايضاً!
بالنسبة للمرحاض، فهو يحوّل الميكروبات الحية التي تتغذى على البول الى طاقة كهربائية، وبحسب الوكالة “طور الباحثون خلايا وقود ميكروبية تستخدم البكتيريا التي تتغذى على البول وحولوها الى كهرباء. وفي عام 2013 استخدموا 24 من خلايا الوقود الميكروبية ليثبتوا ان البول يمكن ان يولد كهرباء تكفي لتشغيل هاتف محمول”.
وقد طور هذا الابتكار ايضاً هذا العام باحثون في جامعة “كوين ماري” في لندن ومركز بريستول للطاقة البيولوجية. وتعتمد خلية الطاقة البولية هذه على سلسلة من العمليات الحيوية تحول المواد العضوية في البول إلى طاقة كهربائية. فعندما يمر البول في الخلية الميكروبية، تتحول البكتيريا الموجودة فيه إلى طاقة. ويمكن لهذه الطاقة أن تخزَّن وتستخدم بشكل مباشر في الأجهزة الكهربائية.
ربّ ضارة نافعة… الطاقة من الاعاصير
ومع كثرة الاعاصير التي تجتاح مناطق عدة من العالم، خصوصاً في اليابان وكوريا، اعتبر المهندس الياباني أتسوشي شيميزو، ان في هذه الاعاصير السر لزيادة الطاقة الخضراء في اليابان، خصوصاً وانها تعني القوة الخارقة التي لا تنتهي في أمد زمني قريب.
ولطالما سعت اليابان اليابان إلى سد 60 بالمئة من حاجتها للكهرباء عن طريق المفاعلات النووية، وفق خطة تمتد إلى العام 2100. الا ان زلزالاً كبيراً قد تسبب في آذار (مارس) العام 2011 بتسونامي هائل، أدى إلى انفجار مفاعل فوكوشيما النووي، الامر الذي قاد البلاد إلى إيقاف نشاط عديد من مفاعلاتها النووية، واستيراد 84 بالمئة من حاجتها للطاقة. ولم تتمكن اليابان من الاستفادة من طاقة الهواء لتوليد الكهرباء كما هو الحال في أوروبا، نظراً لاستيراد البلاد التوربينات الأوروبية غير المهيّأة لاحتمال قوة الأعاصير، والتي كانت تتدمّر بالكامل.
لذلك، أسس شيميزو شركة “تشالينيرجي” في العام 2013، واخترع أول توربين ينتج الطاقة باستخدام رياح الأعاصير، يضم مراوح متصلة بمحاور عمودية قادرة على الحركة في كافة الاتجاهات مهما اختلف مجرى الرياح، الامر الذي يضمن صمود مراوح التوربين أمام أقوى الأعاصير ومنع طيرانها أو خروجها عن السيطرة.
وبحسب مختبر علوم المحيطات والأرصاد الجوية في المحيط الأطلسي، يمكن إنتاج نصف كمية الطاقة الكهربائية التي يتم توليدها حول العالم من طاقة إعصار كبير، ما يكفي لمد اليابان وحدها بالطاقة لـ 50 عاماً، بحسب شيميزو.
… ومن عجلات السيارات
لم تتوقف الابتكارات عند هذا الحد، وكما تجتاح الاعاصير مناطق آسيوية، فإن ازدحام حركة المرور في ولايات اميركية فتح أبواب توليد الطاقة من ضغط عجلات السيارات على الطرق.
فقد ذكر موقع Phys.org الالكتروني أن سلطات ولاية كاليفورنيا الأميركية تدرس مشروعاً يهدف لاستخدام حركة السيارات على الطرقات لتوليد الطاقة. وقال “ميشيل غرافيلي” نائب رئيس لجنة الطاقة في ولاية كاليفورنيا الأميريكية “إن توليد الطاقة من حركة السيارات في الشوارع سيكون مشروعاً ناجحاً في ولاية كاليفورنيا، كون شوارع الولاية تكتظ دائما بالحركة المرورية وتزدحم بالسيارات”.
وفسّر غرافيلي فكرة المشروع، بأن تقوم الحكومة بتغطية الشوارع الرئيسة للمدن الكبيرة بمولدات “كهروضغطية” لاستخراج الطاقة من حركة مرور السيارات على الطرقات.
هذه المولدات هي عبارة عن أجهزة يمكنها تحويل الضغط الميكانيكي المطبق عليها إلى تيار كهربائي يمكن الاستفادة منه، وهو ما سعى إليه الكثير من العلماء للاستفادة من تلك الأنظمة للحد من خسائر التيار الكهربائي في المنشآت الصناعية.
ورغم ان عدداً من العلماء يسعى في الأونة الأخيرة إلى تطوير تلك التقنية لـ”دمجها” في الملابس أو نعال الأحذية لاستخدامها في شحن الهواتف الشخصية النقالة أو غيرها من الأجهزة. الا ان البعض الآخر منهم، وبالأخص الخبراء في مجال الطرق، يرون أن مثل هذه العملية ستعود بفائدة اقتصادية أو تجارية، كونه يتوجب تغيير سطح الطرقات بشكل كامل مرة واحدة كل بضعة عقود.
تفتك الاعاصير بدول آسيوية كثيرة، كما ان الازدحام المروري يشكلّ أزمة حقيقية في غالبية دول العالم ومنها لبنان، فهل يصحّ القول “رب ضارة نافعة”؟