تبنت دولة قطر منذ العام 2005 “مشروع حماية السلاحف البحرية” Marine Turtle Conservation Initiatives في منطقة “رأس لفان” Ras Laffan والمناطق الشمالية الغربية، وهو من المشاريع المهمة على صعيد الاستدامة وحماية الأنواع المهددة.
وتعتبر الشواطئ القطرية من أكبر مناطق تجمّع سلاحف، خصوصا “السلاحف صقرية المنقار” Hawksbill Sea Turtle، وهي مدرجة على قائمة السلاحف المهدّدة بالانقراض، واسمها العلمي Eretmochelys imbricata.
وتعيش “صقرية المنقار” حول الشعب المرجانية في الخليج العربي، وتكثر حول جزيرة جانا في المياه الإقليمية قبالة السعودية على ساحل الخليج العربي، وأيضا في جزيرة كاران في الجبيل في المنطقة الشرقية من السعودية، وتتواجد أيضا على امتداد سواحل البحر الأحمر، وبخاصة في المناطق ذات الكثافة العالية من الطحالب والأعشاب البحرية، وهي موجودة أيضا في معظم محيطات العالم، وتواجه خطر الانقراض بسبب صيَّادي السمك، إذ يصنِّفها “الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة” International Union for Conservation of Nature كنوعٍ معرض لخطر الانقراض بشدَّة، كما أن هذا النوع ظل لفترةٍ المصدر الرئيسي لأصداف السلاحف التي تصطاد ويُتَاجر بها للتزيين، وهي محميَّة بموجب اتفاقية التجارة العالمية بالأنواع المهددة بالانقراض (سايتس)، التي تحظر صيد السلحفاة أو المتاجرة بها أو بمنتجاتها.
وتأتي الخطة القطرية للحد من اصطياد هذا النوع من السلاحف للحصول على الدرقة أو القوقعة لاستخدامات الزينة، فضلا عن شيوع جمع بيوضها واستخدامها كنوع من الطعام في بعض دول الخليج، فضلا عن مواجهة ما تتعرض له الصغار من أخطار بسبب افتراسها من قبل الثعالب والكلاب والطيور، وبخاصة عند عودتها إلى البحر .
إطلاق 1717 من صغار السلاحف في البحر
ومن ضمن إسهامات “مشروع حماية السلاحف البحرية” تمّ العمل على حمايتها وفق إجراءات عدّة من بينها إغلاق “شاطئ فويرط” من بداية شهر نيسان (أبريل) حتى آب (أغسطس) من كل عام، لتوفير بيئة مناسبة للتعشيش وتهيئة الأعشاش وتوفير متطلبات سلامتها، وبحسب الخبير البيولوجي ورئيس قسم الحياه الفطرية بوزارة البلدية والبيئة محمد مبارك المري، في حوار مع “الراية” القطرية، فقد بلغ عدد الأعشاش هذا العام 31 عشاً في منطقة فويرط فقط، كما تمّ وضع خمسة أجهزة تتبع للسلاحف، وتم تزويدها بأرقام لإمكانية حصرها وتصنيفها، فضلا عن جمع عينات منها وتحليل الحمض النووي لها.
وبحسب الخبير المري أيضا، فقد أسفر الموسم عن نتائج إيجابية كثيرة من بينها أن جميع الأعشاش تمّت فيها عملية الفقس بنجاح، باستثناء عشين فقط، أي بنسبة إجماليّة بلغت أكثر من 70 بالمئة، كما تمّ إطلاق 1717 من صغار السلاحف في البحر.
قاعدة بيانات التنوّع البيولوجي في قطر
تجدر الإشارة إلى مشروع حماية السلاحف البحرية “صقرية المنقار”، ينفذه قسم الحياه الفطرية بوزارة البلدية والبيئة بالتعاون مع “شركة قطر للبترول” و”جامعة قطر”، وحقق هذا الموسم نجاحا كبيرا، خصوصا وأن نسبة الفقس بلغت أكثر من 70 بالمئة، وهو معدّل غير مسبوق منذ بداية المشروع في عام 2005.
وكشف المري عن مشروع إنشاء قاعدة بيانات التنوّع البيولوجي في قطر، متضمنه أنواع وأعداد الكائنات الفطرية وأماكن تواجدها، بالإضافة إلى صورها وتصنيفها العلمي وهو في مرحلة إعادة طرح مناقصة خاصة.
وكشف أيضا عن طرح المشروع للمناقصة بين الشركات المتخصصة، وبالفعل تقدّم لها عدّة شركات، لكن العروض المقدّمة لم تحقق جميع جوانب المشروع بنفس الكفاءه، خصوصا وأن المشروع يتعلق بعمل قاعدة بيانات معلوماتيّة، وفي الوقت نفسه حصر وتصنيف كافة أنواع الحياة الفطرية في قطر، وهو ما يتطلب متخصصين في الحياة الفطرية البرية والبحرية وليس مجرد مختصين في نظم المعلومات.
وأكد أن المشروع سيعمل على إنشاء أول قاعدة للبيانات والمعلومات المتعلقة بالتنوّع البيولوجي وأنواع وأعداد الكائنات الفطرية في قطر وأماكن تواجدها، وكذلك تحديد مناطق الحساسية البيئية وأنواع البيئات ومكوّناتها في الدولة، وهو ما سيستفيد منه جميع المهتمّين بالأبحاث البيئية داخل وخارج قطر، بالإضافة إلى تحديد وتوجيه مشاريع الأبحاث المستقبليّة لتشمل جميع جوانب الحياة الفطرية، وعدم تكرار الأبحاث في نفس المجال أو لنفس النوع من الكائنات الفطرية.