في الثلاثين من أيلول (سبتمبر) 2016، كتبت BEC CREW في موقع Science alert موضوعاً بعنوان “اكتشف العلماء للتو مصدرا رئيسيا جديدا للغازات المسببة للاحتباس الحراري”، وهو عبارة عن بحث علمي، نُشر حديثاً في مجلة “العلوم الاحيائية” Bio Science.
بالأمس فقط، تخطت الأرض عتبة رئيسية (ومخيفة جدا)، حيث أعلن العلماء أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي قد تجاوزت رسميا 400 جزءا في المليون، وأن أملهم ضئيل بإمكانية إعادتها إلى مستويات آمنة في أي وقت ما.
والآن، تبدو الأمور أسوأ، لأن دراسة جديدة حددت مصدراً جديداً لم يسبق لنا النظر فيه لانبعاثات هذه الغازات، وهو مسبب لما يفوق انبعاث دولة كندا بأكملها من غاز 2CO والميثان إلى الغلاف الجوي.
لوضع هذا المصدر بمنظار جدي، فإننا نتحدث عن ما يلفظ قرابة واحد مليار طن من ثاني أوكسيد الكربون سنويا (أو ما يعادل 1.3 بالمئة من جميع غازات الاحتباس الحراري التي تنتجها البشرية) إلى غلافنا الجوي كل هذا الوقت ولم يكن لدينا أية فكرة عنه، فإن كنت تعتقد أن الوضع كان سيئاً من قبل، فقد أصبح الآن أسوأ بكثي، .فتريث حتى تعلم أن المصدر المكتشف حديثا لغازات الاحتباس الحراري هو: السدود وأحواض المياه الصناعية المستخدمة لتوليد الطاقة “النظيفة” الكهرومائية، ولري المحاصيل في ما يقارب المليون من المنشآت حول العالم.
ما يثير القلق بشكل خاص، هو أن نسبة مذهلة، وهي 79 بالمئة من الغاز الناجم عن هذه الأحواض هو الميثان الذي قد تصل احتمالاته بالاحترار العالمي إلى 36 ضعف تلك الناتجة عن غاز ثاني أوكسيد الكربون – وهو مقياس يأخذ في الاعتبار قدرة الغاز على امتصاص الطاقة ومدة بقائه في الغلاف الجوي. كما وجد أن ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز يشكلان بالترتيب 17 بالمئة و 4 بالمئة المتبقية من انبعاثات هذه الأحواض.
جاء هذا الاكتشاف من قبل فريق دولي من العلماء الذين أنهوا أكبر دراسة حتى الآن عن انبعاثات الأحواض والبحيرات الصناعية للغازات المسببة للاحتباس الحراري، حيث قام الباحثون بتحليل أكثر من 200 دراسة سابقة عن الانبعاثات المحتملة من 267 سدا وحوضا من جميع أنحاء العالم، والتي تبلغ مساحات أسطحها مجتمعة حوالي 77699 كيلومترا مربعا. عندما جمعت هذه المعلومات وجد الباحثون أن هذه المنشآت المائية هي أسوأ بكثير للبيئة مما كان متوقعا.
قالت بريدجيت ديمر Bridget Deemer، وهي واحدة من فريق جامعة ولاية واشنطن لكريس مونيChris Mooney من صحيفة الواشنطن بوست: “كان هناك نوع من (الانفجار في المعلومات) نتيجة البحث عن الجهود المبذولة لتقدير الانبعاثات من الأحواض المائية الصناعية، لذلك قمنا بتجميع كافة التقديرات المعروفة عن الأحواض على مستوى العالم، منها ما يستخدم لتوليد الطاقة الكهرومائية وغيرها من المهام، مثل السيطرة على الفيضانات واستخداماتها في الري.”
وأضافت: “وجدنا أن تقديرات انبعاثات الميثان لمساحة ما من حوض مائي هي حوالي 25 بالمئة أعلى مما كان يعتقد سابقا، وهي نتيجة هامة نظرا للازدهار العالمي في بناء السدود، ومنها ما يكون قيد التنفيذ حاليا.”
كما تشير ديمرDeemer إلى أن منشآت توليد الطاقة الكهرومائية ليست الوحيدة التي تساهم في هذه الكميات الضخمة، وغير المحسوبة سابقاً من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بل كل السدود الصناعية والأحواض المائية. فجوهرياً، إذا قمنا عمدا بغمر مناطق من الأراضي لتوليد الطاقة أو لري محاصيلنا أو للسيطرة على الفيضانات، فنحن نسهم في الاحترار المتسارع للكوكب.
ويوضح الفريق أن الأحواض والبحيرات الصناعية غالباً ما تغرق مساحات شاسعة تحتوي على كميات كبيرة من الحياة العضوية، مثل مخلفات الأعشاب والأوراق (الخث)، كلها دفعة واحدة. عندما تغرق هذه المخلفات الغنية بالكربون في الماء، فإنها سرعان ما تنفذ من الأوكسجين، وهذا يؤدي إلى ارتفاع في زيادة تنفس الكائنات الحية الدقيقة وإطلاق المزيد من 2CO وبالنهاية إنتاج الميثان كمنتج ثانوي.
إضافة لذلك، يتم أيضاً تغذية العديد من هذه السدود بمياه الأنهار العذبة التي تحمل معها أيضاً مجموعة كبيرة من المواد العضوية الجديدة، مما يعني أن الدورة يمكن أن تستمر لفترة طويلة بعد تعفن وتآكل المواد الأصلية. أما بالنسبة للجريانات الطبيعية للمياه، مثل البحيرات والبرك والأنهار والأراضي الرطبة، فتطورت أكثر بشكل تدريجي، وهي أقل عرضة للنفاذ من الأوكسجين الحاصل عند السدود والأحواض الصناعية.
أضاف جون هاريسون، واحد من فريق جامعة ولاية واشنطن لصحيفة الواشنطن بوست: “اذا كان الأوكسجين متوفراً، يحول الميثان إلى 2CO، واذا لم يكن الأول متوفراً، فيمكن أن يطلق الكربون إلى الهواء كغاز ميثان.” هنا سؤال يطرح نفسه: هل يعني ذلك أن الطاقة الكهرومائية لم تعد خيارا قابلا للنمو؟
هذا ليس بالضرورة، يقول الباحثون، ولكنهم يؤكدون أننا بحاجة أن نكون أكثر اطلاعا على الآثار الجانبية الضارة المحتملة لهذه المنشآت الضخمة، مثل السدود والأحواض التي تؤدي إلى تغيير جذري لمساحات شاسعة من الأراضي بسرعة كبيرة، وأن نأخذ ذلك بعين الاعتبار حين دراسة مدى الإجراءات اللازمة لتخفيض كربون الاقتصاد العالمي.
واضاف هاريسون: “نحاول تزويد صانعي القرار السياسي والشعب بالصورة الأكثر اكتمالاً لعواقب إقامة سد على نهر.”