مع اقتراب موعد ترسية العقود، وتسلم المتعهدين الجدد مهام جمع ونقل ومعالجة النفايات في محافظة جبل لبنان، وبانتظار مصير مناقصة الكنس والجمع للعاصمة بيروت المفترض ان يتم اطلاقها خلال اسابيع، تجددت تحركات عمال شركتي “سوكلين” و”سوكومي”، الذين يتخوفون من مصير مشؤوم.
صباح اليوم نفذ عدد من السائقين العاملين في شركة “سوكلين” اعتصاماً امام مقر الشركة في الكرنتينا، معربين عن تخوفهم من الصرف التعسفي، وانضم اليهم ايضاً عدد من عمال الكنس والجمع. ولاحقاً اجتمع ممثلون عن العمال مع مدير عام الشركة هاشم عيتاني وسلموه لائحة مطالب خطية، أبرزها تعهد الشركة امام المراجع الرسمية المختصة، إعطاء الاجير راتب شهر عن كل سنة خدمة في العمل حسب الراتب المصرح عنه في الضمان الاجتماعي، اضافة الى اعطاء الاجير ١٢ شهراً اضافية، وذلك بدل الصرف التعسفي، والالتزام بدفع جميع مستحقات الضمان الاجتماعي بما فيها المنح المدرسية للعام ٢٠١٦-٢٠١٧، والتعاطي بطريقة خاصة مع الموظفين ذوي الحالات المرضية الناتجة عن الاصابة اثناء العمل، وعدم صرف اي موظف الا بعد نيله جميع حقوقه. في المقابل تعهد العمال بالعمل كالمعتاد لحين طلب إدارة الشركة منهم التوقف عن العمل بعد اعطائهم كامل حقوقهم. وأمهل العمال ادارة الشركة ٤٨ ساعة للرد على ورقة المطالب، حيث سيتم اتخاذ قرار بتصعيد التحرك أو وقفه بناء على رد الادارة.
واعلنت شركتي سوكلين وسوكومي بأن العمل يجري بشكل طبيعي وان الشركتين لم تتوقّفا عن العمل وانّهما تنسّقان مع مجلس الانماء والاعمار لجهة تسليم الاعمال والمنشآت وفقاً لما تنصّ عليه العقود الموقّعة مع الحكومة اللبنانية.
امّا بالنسبة للعمّال والسائقين ومخاوفهم في ما يتعلّق بمستقبل وظائفهم وعملهم “يهمّنا ان نؤكّد بأن سوكلين وسوكومي تعملان وفقاً للأصول والقوانين المرعيّة الاجراء، وتبذلان كل الجهود مع السلطات المعنية من مجلس الانماء والاعمار والوزارات المختصّة لضمان استمرارية عمل العمّال والموظفين من خلال انتقالهم الى المتعهّدين الجدد.”
وعلم موقع greenarea.info أن غالبيه المعتصمين هم من العمال الذي تم ابلاغ وزارة العمل قبل أشهر بنية صرفهم، بعد اغلاق مطمر الناعمة – عين درافيل، وقد ابلغت شركة “سوكومي” الدائرة المعنية في وزارة العمل عن طريق طلب تشاور، بنية صرف ٩٥ عاملاً بسبب الظروف الاقتصادية المرتبطة بعمل الشركة.
وسبق للشركة ان ابلغت قبل اشهر دفعة من العمال بنية صرفهم، ولقد لجأ هؤلاء الى “الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين”، بغية تشكيل ملف قانوني ورفع دعوى امام محكمة العمل لتحصيل كامل حقوقهم.
ويؤكد رئيس الاتحاد كاسترو عبدالله انه تابع ملفات ١١ عاملاً مصروفاً من “سوكلين”، وتم التوصل الى تسوية قَبِلها الطرفان، وقضت بالحصول حقوقهم. وأضاف: “عادة لا يتابع العمال المصروفون ملفاتهم القانونية حتى النهاية للحصول على كامل الحقوق، ويكتفون بتعهدات شفهية من اصحاب العمل، ولاحقاً يتم التملص من هذه التعهدات”.
ولفت عبدالله الى “ان العمال المصروفين من (سوكلين) يجب ان يتم التعاطي معم بطريقة استثنائية، لأنهم دفعوا من صحتهم وحياتهم، وبالتالي يجب أن ينالوا تعويضات استثنائية، لا ان يتم صرفهم بهذه الطريقة العشوائية”.
بدوره أكد رئيس نقابة سائقي سيارات نقل النفايات في لبنان طه نصار، في اتصال مع موقع greenarea.info ان “النقابة مستنفرة لمتابعة خطوات الصرف التعسفي المتوقع ان تطاول العديد من العمال”.
نصار الذي كان يعمل في شركة “سوكلين” قبل ان يتم صرفه بعد تأسيس النقابة، يؤكد ان “النقابة انتدبت ممثلين في جميع المراكز التي يتواجد فيها عمال النظافة، سواء في مقر شركة سوكلين في الشويفات، أو في مركز الفرز في الكرنتينا”.
وأسِف نصار لكون العديد من الذين عملوا في النقابة في فترات سابقة، تم شراؤهم بالاموال والخدمات وتخلوا عن العمال وحقوقهم، وباتوا ابواقاً لدى الاحزاب السياسية، في حين بقيت النقابة تعمل من أجل جميع العمال والسائقين، وسوف تسعى جاهدة الى تحصيل كامل حقوقهم. معلناً عن اجتماع سيعقد، مساء اليوم، لتنسيق الجهود بين جميع السائقين، وتفادي الخطوات الارتجالية وغير المنظمة والتي لا تؤدي الى اي نتيجة، بل على العكس، تسيء الى العمال وتضيع حقوقهم.
وأكد نصار ان “الحد الادنى في ما يتعلق بتعويضات الصرف التعسفي، تقضي بدفع رواتب ٦ اشهر للاجير الذي عمل من شهر الى سنة. اما الاجير الذي أتم من سنة الى 5 أعوام، فيعطى 24 شهرا، والاجير الذي أتم من 5 أعوام وما فوق، يعطى 36 شهرا”.
وأعرب عن أسفه “لكون الحكومة اللبنانية لم تلحظ في دفاتر الشروط للمناقصات الجديدة ان تلزم الشركات الفائزة بالتعاقد مع العمال الحاليين، وهذا ما يحصل في جميع الدول، اذ لا يمكن التخلي عن جيش من العمال من اصحاب الخبرة الذي خدموا في قطاع ادارة النفايات بكل تفان ولسنوات طويلة، على انهم خارج الخدمة، لمجرد فوز شركة جديدة بعقود النظافة”.
وأردف: “طبعاً يحق للشركة الجديدة، ان تجري امتحان تأهيل للعمال، لكنه يجب ان تكون ملزمة بموجب دفتر الشروط ان توظف ما لا يقل عن ٦٠ بالمئة من هؤلاء العمال، وبنفس الشروط التعاقدية السابقة، وان تراعي سنوات الخبرة، وإلا فإننا مقبلون على كارثة انسانية كبرى ستطاول مئات المهندسين والاداريين والسائقين والعمال”.
وختم نصار “الاساس هو تضامن العمال وجهوزيتهم للتحرك في المكان المناسب من أجل تحقيق مكاسبهم وتحصيل حقوقهم”.
وتتولى شركة “سوكلين” اعمال الكنس والجمع والنقل لنفايات محافظتي بيروت وجبل لبنان ما عدا قضاء جبيل، في حين تتولى شركة “سوكومي” اعمال الفرز والمعالجة والطمر من خلال تشغيل مركزي الفرز في الكرنتينا والعمروسية، ومعمل المعالجة في موقع “الكورال” في بيروت، والطمر في مطمر الناعمة – عين درافيل الى حين اغلاقه في ٢٠ أيار (مايو) ٢٠١٦، حيث انتقلت الشركة الى التخزين المؤقت للنفايات في مواقع حددتها الحكومة اللبنانية، في موقعي برج حمود ومصب نهر الغدير في الشويفات.
ومع اعلان نتائج المناقصات الجديدة التي اطلقها “مجلس الانماء والاعمار”، فاز ائتلاف شركة “رامكو” للتجارة والمقاولات (المملوكة من وسيم عماش) مع شركة Atlas Yapı San التركية، بمناقصة جمع النفايات في قضاءي المتن وكسروان، كما فاز ائتلاف شركة “معوض وإده” مع شركة Soriko البلغارية، بمناقصة جمع النفايات في اقضية الشوف وعاليه وبعبدا. وسبق ان تم الاعلان عن فوز إئتلاف شركة “الجهاد للمقاولات” (المملوكة من جهاد العرب) مع شركة Soriko البلغارية بمناقصة فرز ومعالجة النفايات في محافظتي بيروت وجبل لبنان، اضافة الى فوز شركة “خوري للمقاولات” بمناقصة انشاء مطمر برج حمود – الجديدة- البوشرية، وشركة “الجهاد للمقاولات” بمناقصة انشاء مطمر الكوستابرافا – الشويفات، وبذلك تكون شركتا “سوكلين” و”سوكومي” قد خرجتا بشكل شبه كامل من ادارة النفايات المنزلية الصلبة في لبنان (راجع https://greenarea.com.lb/ar/181779)، بانتظار مصير مناقصة كنس وجمع النفايات في العاصمة بيروت، ومناقصتي معالجة وطمر النفايات في قضاءي الشوف وعاليه اللتين تنتظران تحديد موقع لم يتم الاتفاق عليه داخل مجلس الوزراء، وفشلت حتى اللحظة البلديات المعنية، في التوصل الى تسوية بشأنه.
ومع الفشل الذريع الذي اصاب الحكومة في معالجة ملف ادارة النفايات منذ اندلاع الازمة في تموز (يوليو) ٢٠١٥، يتوقع ان تنضم ازمة “عمال النظافة” الى سلسلة الازمات التي تطاول اليد العاملة في لبنان، وموجات الصرف التعسفي التي تطاول العمال والمستخدمين.
تمثلت الخطيئة الحكومية الكبرى في عدم لحظ دفاتر الشروط التي أعدها “مجلس الانماء والاعمار” مصير العمال، ما يمثل فضيحة بجميع المقاييس، وكارثة اقتصادية واجتماعية تطاول آلاف العمال وعائلاتهم.
تصرفت الحكومة على قاعدة ان عمال “سوكلين” هم من الأجانب، وكأن ذلك يسقط حق أي عامل بغض النظر عن لونه وجنسيته في المطالبة بإنصافه، وانتقاله الى العمل في الشركات التي ستوقع معها العقود الجديدة. لكن الارقام تؤكد ان نسبة كبيرة من هؤلاء العمال هم من اللبنانيين، وهم أيضاً يجب ان تكفل الحكومة انتقالهم للعمل في الشركات التي ستتولى ادارة هذا القطاع، نظراً لانعدام فرصة تشغيلهم في مرافق أخرى، لكون قطاع النفايات في لبنان، هو من القطاعات شبه الحصرية.
علماً ان مجموعة “أفيردا” (سوكلين وسوكومي) كانت قد طلبت من “مجلس الإنماء والإعمار” في بداية العام ٢٠١٥، ان يكفل انتقال العمال في المناقصات المنوي اطلاقها، لكن الاخير ابلغ الشركة أنه لا يمكنه فرض انتقال عمال النظافة إلى الشركات الأخرى التي ستفوز بالعقود، مع تفهمه أن ترك هؤلاء من دون عمل سيخلق أزمة اجتماعية كبيرة!