بدأت الأبنية المغطاة بسجادة كبيرة من النباتات الخضراء تغزو العالم، والدليل على ذلك، أنظروا إلى “الحديقة المركزية” في سيدني أو في “بوسكا فيرتيكالة” في ميلانو، أو “فندق أواسيا” في مركز مدينة سنغافورة.

لكن، لماذا يتوجه المهندسون المعماريون والمخططون إلى الأبنية الخضراء؟ سؤال يطرح نفسه، والإجابة عنه جاءت من مجموعة شركات هندسية عالمية تسمى “آروب” Arup، مركزها في لندن، وهي معروفة منذ عام 1946، وقد نشرت دراسة تتحدث عن أهمية تغطية الأبنية بالنباتات الخضراء، وذلك للتذكير بحالات التصحر التي ساهم بها الانسان خلال الأزمنة السابقة، ومن واجبه أن يسدد الدين للطبيعة من خلال إعادة اللون الأخضر لطبيعتها السابقة، وللمساعدة في التخفيف من الاحترار العالمي.

قامت الشركة “آروب” بوضع مقاييس عدة في خمس مدن متنوعة البيئات، وهي: برلين، هونغ كونغ، ملبورن، لندن ولوس أنجلوس، لمعرفة تأثير الاخضرار الذي يمكن أن يتأمن على جودة هواء المدن.

بداية ظهر أول تأثير من خلال قدرة هذه النباتات على سحب كميات ثاني أوكسيد الكربون من الهواء وتحويله إلى أوكسجين، وكلما زاد عدد الأشجار والشجيرات المنقولة يمكن تأمين هذه العملية لتبقى مستمرة.

النباتات الخضراء أو “المسطحات الخضراء” يمكن أن تخفض بشكل واضح الملوثات الأخرى من الهواء، ويتضمن ذلك الغبار والسخام، حيث أن الأبحاث بينت أنه حتى مع وجود نباتات على المكتب المخصص لك، فإنها  تحسن من جودة الهواء داخل المنزل.

ومن خلال الدراسات تبين أن بناءين من ناطحات السحاب مغطاة بالنباتات في واجهاتها يمكن أن تخفف من  التلوث حتى 20 بالمئة.

الأبنية الخضراء يمكن أيضاً أن تبرد المدن، عن طريق إيقاف تأثير الاشعاعات الحرارية المنبعثة من الطرقات والأبنية وخصوصا في الأيام الحارة.

وقد صرحت آديل بيتر من شركة “الفاست كومباني” بأن نظام شركة “آروب” وفي ما لو استخدم هذا النموذج بشكله الصحيح، يمكن أن يخفض درجة حرارة مدينة مكتظة مثل هونغ كونغ إلى 10 درجات مئوية.

وفي حالات درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف وفي وقت الظهيرة، تبين لهم أن السطح المغطى بالنباتات الخضراء يمكن أن يحتفظ بنفس درجات الحرارة في الجو المحيط، بينما على الاسطح التي لا تحتوي نباتات خضراء يمكن أن تزداد درجة الحرارة إلى 50 خلال فترة الظهيرة.

إضافة لذلك، لا بد من تقديم الشكر للظل الذي تعطيه هذه النباتات الخضراء، وخصوصا الحرارة داخل المنزل التي تستفيد من هذا الانخفاض أيضاً، كما أن واجهات الأبنية إذا كانت مبنية بشكل صحيح، فإنها تمتص التلوث بالضجيج أيضاً.

كما أن الغطاء الورقي لن يمنع ضجة حركة النقل بالكامل، ولكن الدراسة بينت أن المجموع الورقي الكثيف له تأثير إيجابي، خصوصا عند المساء حيث يخف هذا الصوت كثيراً.

تأثير إيجابي آخر، ولكن لا يظهر بشكل مباشر، وهو تأمين الصرف الجيد للأمطار الهاطلة نتيجة اصطدام زخات المطر بأفرع النباتات وأوراقها، فهي تخفف من هطول الامطار، وبالتالي تخفف من تشكيل الفيضانات أو من انسداد مجاري الصرف الصحي.

كما أن الدراسة أضافت تأثيرات إيجابية أخرى هي بالأساس صعبة القياس، وتتمثل في تأمين هواء ذي جودة عالية في مكاتب الشركات للموظفين الذين يحبون الطبيعة، بالإضافة إلى الهواء النظيف.

والخبر الجيد هنا، أنه عند تصميم هذه الأبنية، فإن واجهاتها يمكن أن تجمّل أيضاً بالخلايا الشمسية، ويمكن الحصول على منتجات زراعية، دون الحاجة إلى استصلاح أراضٍ إضافية حسب النموذج  المطروح (التوسع  الزراعي العمودي على حساب التوسع الافقي).

المدن صديقة البيئة تكون بشكل عام أنظف وأهدأ وآمنة وباردة، ومشجعة على العمل، لذلك ليس من السيء أن نستخدم بعض النباتات للعيش معها.

يقول تقرير شركة “آروب”، نحن الآن نملك الفرصة لإعادة التفكير كيف يتم تأمين البنى التحتية للعمارة الخضراء، وفي نفس الوقت للمساعدة في التخفيف من الاحترار العالمي عن طريق تخفيف الطاقة المستخدمة في الأبنية، وتأمين هواء بنوعية جيدة للسكان .

وختاماً نذكر بأن هناك الكثير من النباتات تعيش في كل البيئات المختلفة، تتوفر للتشجير في العديد من المدن، وذات أشكال جمالية متنوعة، إن كان في شكل الورقة أو الزهرة أو الثمرة، أو في إنتاج سلعة زراعية مناسبة للأكل ذات جودة معروفة.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This