جلسة “خجولة” لم يتجاوز الحضور فيها أكثر من ثلاثين شخصاً، انعقدت بدعوة من الشركة الاستشارية Libanconsult AGM، واستضافتها بلدية برج حمود، بهدف “مشاركة العامة” في تقرير دراسة الاثر البيئي لمشروع تلزيم مركز مؤقت للطمر الصحي في منطقة برج حمود الجديدة – البوشرية – السد، والاعمال الهندسية اللازمة للانشاءات، بما فيها الانشاءات البحرية.
ويهدف المرسوم رقم 8633 – الصادر بتاريخ 7/8/2012 إلى تحديد الأصول التي ترعى تقييم الأثر البيئي للمشاريع العامة والخاصة، تلافياً للنتائج البيئية الهامة المحتمل حدوثها عند إنشاء المشاريع المذكورة وتشغيلها وتفكيكها.
ويرتكز التقرير، الذي يفترض ان يعده استشاري متخصص ومعترف به من قبل وزارة البيئة، على نتائج التحقيقات والخلاصة والتوصيات العملية مدعومة بملخصات المعلومات التي تم جمعها.
كما يتضمن تقرير “تقييم الأثر البيئي” إلزامياً محضر مشاركة العامة، وما قدموه من معطيات ومعلومات وتوصيات حول المشروع المنوي تنفيذه.
الواضح ان جلسة أمس لم تعكس الحد الادنى لمفهوم مشاركة العامة، ان لجهة عدد المشاركين ومضمون المداخلات في الجلسة. وتقول بلدية برج حمود انها وضعت اعلاناً على مدخل البلدية طلبت فيه من السكان المشاركة في الجلسة، كما نشر اعلان عن الجلسة في ثلاث صحف محلية، لكن القاعة الصغيرة في الطابق الثاني لمبنى البلدية، كانت اكثر من كافية لاستقبال عدد المشاركين الذين لم يتجاوز عددهم ثلاثين شخصاً، بمن فيهم ممثلين عن المتعهد (خوري للمقاولات) والشركة التي تتولى مراقبة الاعمال (رفيق خوري وشركاه) والشركة التي تولت تصميم المطمر، ولاحقاً تم تكليفها بوضع دراسة الاثر البيئي للمشروع (Libanconsult AGM).
تؤكد المهندسة نجلا الشويري من المكتب الاستشاري Libanconsult AGM ان الانطباع السائد بأن المشروع بدأ، وبالتالي ليس هناك جدوى لدراسة الاثر البيئي، هو انطباع خاطئ، فتحديد نوع الأثر البيئي في مشروع مطمر صحي، ومعرفة حجمه وطبيعته ومداه وتوقيته ومدته واحتمال حدوثه وعكسيته، كلها مسائل ذات اهمية قصوى، ويمكن التخفيف منها لا بل تفاديها في الكثير من الاحيان.
وعرضت الشويري لتفاصيل المشروع الذي يتضمن اعمال ردم بحري، وانشاء سنسول لحماية مطمرين سيتم انشاؤهما قبالة شاطئ برج حمود وشاطئ الجديدة، ولقد تم وضع تخطيط هندسي مفصل للمناطق التي ستشملها اعمال الطمر، اضافة الى تحديد حجم الخلايا وترقيمها.
وبحسب الشويري، فإن المشروع مخطط ليستوعب مليون وسبعين الف طن من النفايات لفترة اربع سنوات. كما عرضت الشويري للتفاصيل التقنية المتعلقة بأعمال الطمر والبنية التحتية المطلوبة، من العوازل المطاطية الى نظام إدارة العصارة والغازات وغيرها. ونظراً لوقوع المطمر ضمن منطقة تضم أنابيب لنقل الغاز والفيول من السفن الى خزانات النفط التابعة لاكثر من سبع شركات لبنانية واجنبية، عرضت الشويري لمشروع تنظيم هذه الانانبيب ضمن مساحة بحرية تقع في منتصف المشروع بين المطمرين في برج حمود والجديدة، لافتة الى ان نقل هذه الانابيب واعادة تنظيم موقعها سيعود بالفائدة على الشركات نفسها وعلى المشروع بطبيعة الحال.
في الجلسة بعض الاستفسارات من اصحاب الاراضي الواقعة بالقرب من المطمر، حول ما اذا كانت اعمال الطمر والإشغال المؤقت ستشمل ملكيتهم، فرد ممثل “مجلس الانماء والاعمار” طلال فرحات، ان الإشغال يقع بأكمله ضمن الاملاك العمومية البحرية، ولا يضم إشغال املاك خاصة. ومعلوم ان اصحاب اكثر من ٥ عقارات في محيط المشروع تقدموا بدعاوى امام مجلس شورى الدولة، وطالبوا بوقف فوري للمشروع، كما طالبوا بتعويضات في حال قرر القضاء الاداري ان المشروع يتعلق بمصلحة الدولة العليا، وبالتالي تجاهل الخروقات الادارية التي تضمنها وهي كثيرة.
المستغرب ان الجلسة لم تشهد مشاركة ممثلين عن شركات النفط التي تقدمت بدورها بمراجعات لدى مجلس شورى الدولة، ونظمت حملة احتجاج واسعة في السابق ضد المشروع. وبحسب مصدر متابع للملف، فإن هذه الشركات كانت تراهن في السابق على وقف المشروع، وعندما تيقنت ان المشروع سيبدأ لا محالة، تراجعت عن اعتراضها وبدأت تفاوض الحكومة للحصول على مساعدات بدل كلفة نقل الانابيب وإعادة تركيبها.
النقطة الابرز التي تجاهلتها الجلسة، تتعلق بالقدرة الاستيعابية للمشروع، فبحسب الخرائط المرفقة، يفترض ان يستوعب مليون وسبعين الف طن لفترة اربع سنوات، أي ان المعدل الاقصى للطمر يومياً يجب ان لا تتجاوز ٧٥٠ طنا، في حين تشير المعطيات الميدانية إلى انه منذ بدأ التخزين المؤقت في برج حمود بتاريخ ٢٨ آذار (مارس) ٢٠١٦ ولغاية اليوم، يدخل ما لا يقل عن ١٤٠٠ طن يومياً، واذا احتسبنا الكمية التي تم تخزينها (قرابة ٣٠٠ الف طن) مع حجم التدفق اليومي للنفايات (مع احتساب رفع القدرة الاستيعابية لمعمل المعالجة في الكورال من ٣٠٠ الى ٧٥٠ طن ضمن فترة تسعة اشهر)، فإن مطمر برج حمود سوف يغلق نهائياً في ٢٨ نيسان (أبريل) ٢٠١٨.
هذا في برج حمود، فماذا عن الشويفات التي يستضيف مجلسها البلدي اليوم جلسة مماثلة، حيث ستعرض شركة رفيق خوري لدراسة الاثر البيئي لمشروع تلزيم مركز مؤقت للطمر الصحي في منطقة مصب نهر الغدير الشويفات (الكوستابرافا)، والاعمال الهندسية اللازمة للانشاءات، بما فيها الانشاءات البحرية. وتنفذ المشروع شركة الجهاد للمقاولات ويراقبه الاستشاري (دار الهندسة – نزيه طالب وشركاه). وتزامناً مع الجلسة تنفذ حملة الشويفات منا مزبلة اعتصاماً احتجاجياً عند الساعة الرابعة والنصف.