بينما تتجه اليابان لبناء خمسة معامل للطاقة الكهربائية من الفحم في مدينة فوكوشيما، وسط دهشة الباحثين البيئيين في مجال تغير المناخ، فإن قدرة العالم على توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة تجاوزت الفحم للمرة الأولى في التاريخ، وفقا لوكالة الطاقة الدولية International Energy Agency، وعلى الرغم أن الفحم لا يزال يولد أكبر كمية من الكهرباء، إلا أن الألواح الشمسية سجلت العام الماضي رقما قياسيا مع تركيب نصف مليون لوح شمسي في العالم يوميا.

ولم تقتصر الطاقة المتجددة على الألواح الشمسية فحسب، فقد وصل عدد توربينات الرياح المنشأة إلى رقم قياسي، بمعدل توربينين كل ساعة في بلاد مثل الصين وفقا للوكالة، وقدرت الوكالة أيضا أن قدرة منشآت الطاقة المتجددة وصلت في العام 2015 إلى 153 جيغاواط GW، وهي أكثر من إجمالي الطاقة المولدة في كندا.

 

تعزيز أمن الطاقة والاستدامة

 

كما بلغت قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم نحو 1985 GW، أو 31  بالمئة من قدرة الطاقة العالمية، متجاوزة قدرة الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي وصلت إلى 1951 GW.

وعلى الرغم من كل ذلك، قدرت الوكالة أن الكمية الفعلية للطاقة التي تنتجها مولدات الكهرباء المتجددة أقل بكثير من الفحم، فهي تمثل 23 بالمئة من إنتاج الطاقة العالمي، مقارنة مع 40 بالمئة تقريبا من محطات الفحم، بسبب العوامل المناخية التي تمنع انتاج الطاقة الشمسية مثلا خلال الطقس الرديء، وبالمقابل لن تنتج الطاقة من الرياح في حال عدم وجود رياح كافية، بينما يستمر الفحم بإنتاج الكهرباء دون توقف خلال اليوم.

وأكدت الوكالة أنها رفعت توقعاتها لنمو هذا القطاع خلال الخمس سنوات القادمة أي بحلول العام 2021 إلى 13 بالمئة ، نتيجة لتبني دول كبرى للطاقة المتجددة في “سياساتها الرامية إلى تعزيز أمن الطاقة والاستدامة”، لجهة خفض الضرائب كما في الولايات المتحدة الأميركية، فضلا عن تغييرات في السياسة في الصين والمكسيك والهند، مع انخفاض التكاليف، مشيرة إلى أنه “ستردم الفجوة مع الفحم مع ارتفاع مشاركة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة بهدف انتاج الكهرباء إلى 28 بالمئة”.

 

انخفاض التكاليف

 

وأشار الرئيس التنفيذي للوكالة فتيح بيرول Fatih Birol إلى أن انخفاض التكاليف المذهل ساهم وسيلعب دورا هاما في انتشار استخدام الطاقة المتجددة، وقال: “اننا نشهد تحولا في أسواق الطاقة العالمية، بتصدر استخدام مصادر الطاقة المتجددة لانتاج الطاقة الكهربائية”، مؤكدا أن “هذا الاتجاه لخفض التكاليف، والذي من المتوقع أن يستمر، سيكون عاملا رئيسيا وراء انتشار الطاقة المتجددة”، متوقعا انخفاض تكاليف الطاقة الشمسية بمقدار الربع، وطاقة الرياح البرية الى 15 بالمئة بحلول العام 2021، ومثل هذا الأمر لم يكن متوقعا منذ خمس سنوات مضت، وأنه على الرغم من أن العام الماضي فاق التوقعات بالنسبة للطاقة المتجددة، فإنه ” لا تزال هذه التوقعات متواضعة بالمقارنة مع الإمكانيات الهائلة غير المستغلة من مصادر الطاقة المتجددة”، وأضاف أن “وكالة الطاقة ستعمل مع الحكومات في كافة أنحاء العالم لتحقيق أقصى انتشار لاستخدام الطاقة المتجددة”.

ومن العوامل وراء هذا الإنجاز، المزيد من المنافسة، دعم السياسات، تعزيز الأسواق الرئيسية والتحسينات التكنولوجية، وفيما التخفيف من آثار تغير المناخ يشكل دافعا قويا لمصادر الطاقة المتجددة، فإنه ليس الوحيد، على الرغم من أهميته في العديد من البلدان، خصوصا لجهة التخفيف من تلوث الهواء القاتل، فإن تنويع إمدادات الطاقة لتحسين أمن الطاقة تلعب جميعها دورا قويا على قدم المساواة في تنمية مصادر الطاقة منخفضة الكربون، ولا سيما في اقتصادات آسيا الناشئة.

ولفت التقرير إلى أنه “من المتوقع أن يتركز النمو على نحو متزايد في الاقتصادات الناشئة والنامية، وأن تأخذ آسيا مركز الصدارة”، وأشار إلى أنه “في السنوات الخمس المقبلة، فإن جمهورية الصين الشعبية والهند ستكون كل منهما مسؤولة عن نصف الإضافات العالمية في قدرة الطاقة المتجددة تقريبا”، وأن الصين في ستكون المقدمة بنسبة تصل إلى 40 بالمئة.

 

زيادة في معدلات إزالة الكربون

 

وتساهم الطاقة المائية بالحصة الأكبر في توليد الطاقة الكهربائية، بنسبة 71 بالمئة، وتشكل طاقة الرياح 15 بالمئة، وطاقة الوقود الحيوي 8 بالمئة، بينما تشكل الطاقة الشمسية 4 بالمئة فقط. ومن المتوقع ارتفاع نسبة استخدام الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة مقارنة مع الإتحاد الأوروبي نتيجة الحوافز الضريبية، ومع هذا التحسن، فإنه من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة ثاني أكبر سوق على مستوى العالم من حيث زيادة الطاقة الإنتاجية من الطاقة المتجددة، بينما يعاني قطاع الطاقة المتجددة في الإتحاد الأوروبي من ضعف في نمو الطلب على الكهرباء، خصوصا لجهة التشريعات المتعلقة بمصادر الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تصميم السوق والحوكمة المتعلقة بأهداف العام 2030، فضلا عن عدم اليقين في السياسة في عدد من الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالماضي، وقد ظهر انخفاض في نسبة الطاقة المتولدة من الطاقة المتجددة في المملكة المتحدة مثلا بسبب رفع الدعم عنها، باستثناء طاقة الرياح خلال هذا العقد بسبب فوزها بعقود للبناء قبل رفع الدعم.

وتوقع التقرير أن يتركز ثلثا النمو في أربع دول الصين بنسبة 32 بالمئة، الولايات المتحدة الأميركية 13 بالمئة الإتحاد الأوروبي 12 بالمئة والهند 9 بالمئة.

كما أنه وفقا للتقرير، لم تشهد الطاقة المتجددة نجاحات لافتة في مجالات أخرى، مثل النقل والتدفئة، كما أن هناك حاجة لمزيد من العمل بشأن تغير المناخ لجهة استخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء والاستخدامات الأخرى، من خلال مجموعة رئيسية من تقنيات وسياسات داعمة، للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وخصوصا ثاني أوكسيد الكربون، خصوصا لجهة استبدال معامل توليد الطاقة الكهربائية العاملة على الفحم والمنتجة لغازات الإنحباس الحراري بمنشآت الطاقة المتجددة، وأكد التقرير ضرورة “زيادة في معدلات إزالة الكربون بشكل أكبر، ما يعني استبدال الوقود الأحفوري وتسارع استعمال مصادر الطاقة المتجددة في القطاعات الثلاثة: الطاقة الكهربائية، النقل والتدفئة”، فعلى الرغم من مساهمة الطاقة المتجددة بإنتاج الطاقة بنسبة 28 بالمئة، فهي تساهم بنسبة 10 بالمئة في التدفئة و4 بالمئة في المواصلات.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This