يوم الجمعة، الساعة الخامسة من بعد الظهر، سار ناشطون، مهندسون ومواطنون من أجل الدفاع عن الأملاك العامة التي تستباح على الشاطئ .اللبناني، وتحديداً أمام مشروع “الإيدن روك” المخالف بكل المعايير

شاركت عدة جهات في الاعتصام، تحت شعار “الشط للسباحة مش للاستباحة”، ومنها “اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني”، “التيار النقابي المستقل”، تيار المجتمع المدني”، “الحزب الشيوعي اللبناني”، “الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة”، “حركة المواطنة”، “حركة جايي التغيير”، “مؤسسة الأمل للمعوقين”، “من أجل الجمهورية” وجمعية “نحن” التي تابعت ولا تزال الملف بتفاصيله.

وشدّد المعتصمون على مطالب عدة، رفعوها للجهات المسؤولة، وأبرز تلك المطالب توجهوا بها إلى محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، حيث طالبوه بتجميد كل الأعمال الجارية وإلغاء كل الرخص الحائز عليها المشروع، إذ أنها أعطيت بالرغم من عدم اكتمال ملف التحقيق والمستندات المطلوبة وعلى هذا الأساس “نعتبرها غير قانونية”. كما طالبوا المحافظ بإرسال طلب رسمي لوزارة الداخلية والبلديات لإزالة كل التعديات الحالية على الواجهة البحرية.

وبالتوازي، طالب المعتصمون، رئيس ومجلس بلدية بيروت المنتخب ان يكونوا أول من يدافع عن الشاطئ العام، وان يقفوا مع ناخبيهم في الدفاع عن الأملاك العامة. كما طالبوهم بإرسال طلب رسمي لوزارة الأشغال العامة لتحديد الأملاك العامة البحرية بأسرع وقت، لتقديم كل الدعم من أجل الإسراع بهذه العملية، وكذلك بإرسال طلب رسمي لمديرية التنظيم المدني لتغيير نسب الاستثمار على ساحل المدينة، بما  يحمي الواجهة البحرية لبيروت.

من جهة أخرى، طالبوا وزير الأشغال العامة والنقل، بما انه “الوصي الأول على الاملاك العامة البحرية، البدء فوراً بإجراءات تحديدها، بناءً على أحكام قانون 1925، الذي يعتبر أملاكاً عامة كل ما هو رملي، وحتى أبعد نقطة تصل إليها الأمواج في الشتاء.

كذلك طالبوا وزير البيئة بإرسال طلب رسمي لمحافظ مدينة بيروت لإلغاء رخصة البناء، لضرر المشروع الواضح بالبيئة ولاستناد الرخصة على دراسة أثر بيئي منتهية الصلاحية.

وفي حين اعتلى بعض الشبان الآلة التي تستمر بالعمل في المشروع، التقينا بشاب معه لوح للتزحلق على المياه، وعند سؤاله عن سبب إحضاره إلى المكان، قال “أريد ان يكون الشاطئ العام في بيروت نظيفا كي نتمكّن من السباحة فيه وان نمارس الرياضات المائية”. لكن رؤية الأعمال المستمرة بالقرب من الشاطئ، لا يعد بمستقبل زاهر لحلم الشاب العشريني بشاطئ نظيف. فالشاطئ نظيفا كان أم لا، يبدو وكأنه سيمحى.

ومن المستغرب ان تكون أعمال البناء متوقفة في المشروع على الجهة الموازية للطريق، لكن مستمرة قرب الشاطئ. وفي مقابلة لموقعنا greenarea.info مع المدير التنفيذي لجمعية “نحن” محمد أيوب، قال ان “الرخصة في المشروع الموازي للطريق لم تؤخذ بعد، علماً ان صاحبها يحاول الحصول عليها من خلال مراسيم استثنائية وغيرها، لكن الأعمال على الشاطئ مستمرة لأنه أخذ إذنا للاستمرار بالأعمال”. وأضاف أيوب ان “ما يحصل مخالف للقانون، خصوصاً انه عليه ان يبعد عن الشاطئ حوالي الخمسة والعشرين متراً، لكن صاحب المشروع اقترب حوالي العشرة أمتار من الأملاك البحرية”.

ورد أيوب على سؤالنا عما أجاب المحافظ عند سؤاله عن سبب استمرار الأعمال على الأملاك البحرية، بالقول: “من الواضح ان المياه تصل لغاية هذه النقطة، وهذا يعني أنها أملاك عامة بحرية، لكن الأعمال مستمرة لأن الرخص لم تكتمل بعد، تحتاج إلى مراسيم استثنائية، ومع العلم ان الرخص لم تكتمل للجزء قرب الشاطئ، إلا ان الأعمال مستمرة لأن هناك ضغوطات سياسية، فـ”مرقولوا للزلمي كيف ما كان”. واستغرب أيوب ان تكون الرخصة قد أعطيت من دون اكتمال دراسة الأثر البيئي ومن دون الالتزام بالبعد المحدد في القانون.

وفي حين يرى ان المواجهة تكون عبر الدعوى القضائية، أكّد ان الضغط الشعبي والمظاهرات مهمة جداً  لحماية الأملاك العامة.

من جهتها، قالت ناهدة خليل انه “خلال الندوة التي أقيمت مع محافظ بيروت، أصرينا على فتح الأوراق كلها التي تبين المخالفات في ملف الأربع عقارات التي تتم عليها أعمال البناء حالياً”. وأوضحت ان “الرخصة قد أعطيت من دون خرائط، وفي حين جمّد المحافظ الأعمال في شهر حزيران (يونيو) لحين اكتمال بعض المطالب، إلا انها (المطالب) لم تتوفّر. وأبرزها معرفة السبب التي أزيلت الإشارات عن العقارات”، مضيفة “عندما طبقوا المكننة، اختفت الصحف العقارية التي يوجد عليها انه لا يبنى على هذه العقارات”.

كما نقلت لنا ما حصل عند زيارة المحافظ ما بعد الندوة العامة، علما ان “بيروت مدينتي” أرادت الاطلاع على ملف الرخصة، لكن هذا لم يتم. وما حصل هو انه تم الاطلاع على المستندات التي بني على أساسها ان الرخصة قانونية، وفيها صحف عقارية من ثلاثينيات القرن الماضي تقول ان الارض رملية، وبالتالي يسري عليها القرار 144 عام 1925، والذي يعتبرها أملاكاً عامة. ورؤية هذه الأملاك يؤكد ذلك. وشددت خليل على المطالب عينها كما باقي المعتصمين، مؤكدة ان “بيروت مدينتي” مستمرة في التحرك.

أما عبير، من”بيروت مدينتي”، فأكدت ان “حماية الأملاك العامة، وخصوصا الشاطئية منها كان ضمن برنامجنا الانتخابي، واليوم تعطى الأولوية للاملاك الخاصة، فمن الضروري ان نناضل من أجل المدافعة عن كل شاطئ بيروت إعلامياً، مفاهمياً، وقانونياً”. وشددت على أهمية تشكيل رأي عام حول حماية الأملاك العامة.

من جهته، أفادنا شادي أيوبي من “اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني” ان “مجيئنا إلى الرملة البيضاء هو بداية لسلسلة تحركات، لأن التعديات موجودة هنا، ونقف أمام مشروع عاشور، كما سنقف أمام مشاريع أخرى قد تصادر حقوق الناس المنصوص عنها في القانون.

المدافعة عن الأملاك العامة لا تقتصر على القاطنين في المدينة التي يتم فيها الاستيلاك على تلك الأملاك فحسب، ولهذا السبب اعتبرت كلارا الخوري من حملة “أنقذوا كفرعبيدا” في انه “من الضروري دعم كل من يحب لبنان وشاطئه، لأنها أصبحت موضة ان يقضوا على البيئة المحيطة بنا”، مضيفة ان “التحركات لحماية الأملاك العامة البحرية مستمرة وستكبر أكثر”.

بينما يعتصم عشرات الأشخاص من أجل حماية الأملاك العامة البحرية ويحاولون منع التعديات عليها من خلال طرق عديدة، قضائية كانت، أم غيرها، من المستغرب ان نرى سكوتا تاما مسيطرا على فئات كبيرة من الناس، ربما انتخبت من لا يدافع عن هذه الأملاك اليوم. وحتى لو، أليس الشاطئ العام للجميع، أوليست المساحات العامة من أجل كل القاطنين في هذا البلد بشكل عام والمدينة بشكل خاص؟… ماذا ينتظر البيروتيون للدفاع عن حقّهم في متنفّس لهم؟

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This