بدا واضحا خلال اليومين الماضيين أن بعض القوى السياسية أرادت تظهير انتصارات موهومة في قضية تلوث نهر الليطاني، فارتأت مواجهة أصحاب المنتزهات والاستراحات، والتصويب عليهم كونهم الحلقة الأضعف، علما أن الملوثين الحقيقيين لم توجه إليهم محاضر جلب واستدعاء، ولم يسطر بحقهم محضر ضبط واحد، من بلديات ما زالت تحول مياه الصرف الصحي إلى النهر، ومعامل ترمي مخلفاتها بما فيها الملوثات الكيميائية الخطرة، فضلا عن الدباغات ومعامل الألبان.
هذه الانتقائية في التصدي لمشكلة تلوث الليطاني وبحيرة القرعون، تطرح علامات استفهام كثيرة، خصوصا وأن المطلوب ملاحقة كل الملوثين، بعيدا من الاستنساب، أخذا في الاعتبار ضرورة أن تلتزم المنتزهات بالشروط الصحية، التي تحمي النهر ومرتاديه، خصوصا وأن هذه المنتزهات تمثل وجهة سياحية لمتوسطي الدخل، ودورة اقتصادية وإنمائية في عشرات القرى والبلدات.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يبدي صاحب منتزه في الجنوب امتعاضه من أن “السلطات لم تتحرك لمواجهة حيتان المال وسارقي الأملاك البحرية، فيما تحركت لقمعنا”، متسائلا: “هل القانون يطبق فقط على من لا سند لهم؟”، هذا مع العلم أن جميع من التقاهم greenarea.info أكدوا على “الالتزام بالشروط الصحية والبيئية لأننا معنيون بحماية النهر ولأنه مصدر رزقنا، فكيف نقبل بتلويثه؟”.
وفي هذا السياق، واكبنا هذه القضية من على ضفة محايدة، همنا الأول أن يكون نهر الليطاني بعيدا من كافة أشكال وأنواع التلوث، وأن نرتقي إلى تكريس مفهوم السياحة البيئية القائمة على احترام معايير الاستدامة.
صير الغربية
لقاؤنا الأول كان مع علي معتوق صاحب منتزه في صير الغربية، فأشار لـ greenarea.info إلى أن “هذه المنتزهات موجودة من 40 سنة”، وقال: “البارحة اتصلوا بنا من سرية الدرك وأبلغنا أنهم بصدد تسطير محاضر ضبط، لكن ثمة مساعٍ تبذل الآن وننتظر إلى ما ستؤول إليه التطورات”.
وإذ لفت إلى وجود نحو 25 منتزه واستراحة في صير الغربية، وتساءل معتوق: “هل يريدون تطبيق القانون علينا نحن أبناء الجنوب؟ وماذا بشأن الأملاك البحرية؟”، وقال: أٌمهلنا ثمانٍ وأربعين ساعة قبل تحويل الدعاوى إلى القضاء، والآن نراجع كأصحاب منتزهات بعض الجهات المعنية، وعلمنا أنه نتيجة الاتصالات تم تأجيل استدعائنا إلى 31 الشهر الجاري، ولا نعرف ماذا سيستجد خلال هذه الفترة”.
وقال معتوق: “كانت هناك لجنة مشتركة مع منتزهات طيرفلسيه، وقمنا بجولة على كل المنتزهات، ولم نجد منتزها واحدا ولا استراحة تحول مجاري الصرف الصحي على النهر، والدليل أنه الآن لا يوجد أحد في الاستراحات، ونجد أن المياه تعلوها (رغوة) ناجمة عن الصرف الصحي، علماً أنه خلال الصيف لم يكن التلوث باديا كما هو الآن، وإذا كانت الحجة أن هناك استراحات، فالآن جميعها مقفلة”.
منتزهات طيرفلسيه
حسين عياد صاحب منتزه في طيرفلسيه، قال لـ greenarea.info: “أملك عقارا يحمل الرقم ٣٧٥٠ متر، وهو مفروز وقانوني، وقد بنيت وفق شروط التنظيم المدني، وأقمت عامل جورة صحية بعيدة ٦٠ مترا عن النهر، ومقسمة لخمسة أقسام، وهي مستوفية الشروط الصحية والقانونية”. وقال: “نحن كأصحاب منتزهات طيرفلسيه تبلغنا أنهم يريدون تسطير محاضر ضبط بحق من ليس لديهم رخص بناء، ويريدون رفع كتاب لوزارة السياحة بأن المنتزهات ليس لديها رخص سياحية، وطلبنا أن يشمل هذا الإجراء كل الأنهر والشواطئ البحرية، فلماذا نحن فقط مستهدفون؟”.
ولفت عياد إلى أن “بلدية طيرفلسيه تقوم بجمع النفايات عن النهر منذ ١٠ سنوات، ومدت شبكة مياه للاستراحات، وتوزع مناشير للحفاظ على النظافة وعدم رمي الاوساخ في النهر”.
وأضاف: “نحن دافعنا عن هذا النهر وحافظنا عليه سنة ٢٠٠٣، ومنعنا قطع اي شجرة، بينما في مناطق مختلفة من النهر لم يُـحمَ النهر ولا اشجاره، وتبلغ اصحاب المنتزهات في طيرفلسيه ان هناك محاضر ضبط مالية بسبب عدم حيازة المنتزهات على رخص قانونية من الوزرات المختصة حصرا في الليطاني، ايها الناس هل التلوث هو في هذه المخالفة، اما مجارير زحلة وغيرها قبل القرعون وبعد البحيرة نزولا، والمعامل والمصانع والمرامل والكسارات وتسكير الينابيع في جبل العيشية التي كانت ترفد النهر، بحسب تقرير الخبراء ليست مخالفة؟”.
الضعيف هو الضحية
واعتبر أن “الضعيف هو الضحية في دولتنا، اننا نبارك لمزارعي التفاح على ما حصلوا عليه من تعويضات، لأن وراءهم خلفهم قيادات تحافظ على لقمة عيشهم”.
وقال عياد: “هناك قوانين ومراسيم صدرت منذ سنين على مساحة الوطن لمشاريع ما زال بعضها جامدا وآخر لم ينجز، لانني من ابناء النهر اذكر لكم ما يلي، سنة 2003 لزمت الدولة متعهدا لازالة التعديات، حضر مع الآليات، سحب الرمل من القعر وأخذه وقطع الاشجار وباعها، وكسر الباطون ورماه في المجرى، وكل من سبح من الاطفال جرح، واخيرا نلفت انتباه الساده النواب ان السلطه تستدعي اصحاب المنتزهات لاجراء محاضر ضبط مالية، لانه ليس معهم رخص سياحية، نتمنى ان يحدد مصير هذه المنتزهات وبشكل منصف قبل الربيع القادم ليعلم كل صاحب منتزه ما عليه القيام به”.
وأكد عياد أن “وزارة الطاقة كشفت على ٣٢ منتزه في طيرفلسيه، تبين من خلال هذا الكشف انه هناك جورة واحدة غير مطابقة للمواصفات”.
عزالدين
رئيس بلدية زوطر الغربية حسن عز الدين ومنسق “الحملة الوطنية الشعبية لإنقاذ الليطاني”، قال لـ greenarea.info: “نعمل حاليا على تهدئة الأمور، وتقدمت باقتراح إلى الجهات المعنية وأتمنى العمل بموجبه، بأن تتبلغ قيادة الدرك وتوعز للبلديات، بالعمل كل بلدية ضمن نطاقها، وتقوم البلدية بإحضار خبير وطوبوغرافي وإعداد خاطة للنهر لمعرفة مواقع التعديات”.
وأشار إلى ان “هناك استراحات غير متعدية، أما تلك المتعدية فيطلب منها إزالة التعدي”.
قعقعية الجسر
كما ان اصحاب المنتزهات في بلدة قعقعية الجسر، تبلغوا بدورهم قرارا من قوى الامن الداخلي، يقضي بإزالة المنتزهات والاستراحات، لانها تصب مجاريرها في نهر الليطاني، ما دفعهم الى قطع طريق جسر القعقعية بالاطارات المشتعلة قبل يومين، احتجاجا على القرار، واعتبروا أن هذا الأمر انه سيؤدي الى الحاق الاذى المادي والمعنوي بهم، وستكون الخسائر كبيرة، علما أنهم أكدوا التزامهم بالشروط الصحية التي من شأنها أن تمنع التلوث عن النهر.