ما زال العلماء يرصدون آثار ونتائج التغير المناخي على التنوع البيولوجي في العالم، ويحللون ما بدأ يواجه بعض الأنواع من مخاطر، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وحالات الطقس المتطرفة، جفافا وأعاصير وفيضانات وتصحر واضطرابات مناخية، ويبدو من الدراسات التي تتوالى تباعا من مراكز أبحاث عالمية، أن هذه المخاطر تتهدد الكثير من الأنواع، أكثر بكثير مما كان متوقعا.
فقد أكدت دراسة بريطانية نشرت نتائجها قبل نحو ثلاثة أيام في المجلة العلمية Journal of Animal Ecology المتخصصة، أن ثمة مخاوف حقيقية تتهدد فراشات العالم، فهل سنفقد هذه الكائنات الصغيرة الرائعة؟ وما هي المخاطر المحدقة بها؟
تراجع أعداد الفراشات
أجابت الدراسة عن بعض الأسئلة، لافتة إلى أن الطقس المضطرب والمتذبذب، والذي يراوح بين موجات الحر الشديد والبرد القارس والفيضانات وموجات الجفاف، بات يشكل تهديدا من شأنه أن يؤدي إلى تراجع أعداد الفراشات في المستقبل، محذرة في الوقت عينه من أن “الظروف المناخية المتقلبة رأساً على عقب المرتبطة بالتغير المناخي ستكون سيئة جداً بالنسبة للحشرات”، في فصل جديد من فصول تغير المناخ ونتائجه السلبية على مجمل الكائنات.
ورصدت الدراسة التي أعدها فريق من العلماء والخبراء في “جامعة ايست أنغليا” University of East Anglia في بريطانيا، أن جميع المعطيات أكدت أنه بالرغم من أن ارتفاع درجة الحرارة في الصيف يزيد من أعداد الفراشات، إلا أن ارتفاعها في فضل الشتاء له تاثير سلبي وخطير، بحيث يعجل الطقس الدافىء شتاءً بخروجها في وقت مبكر جداً من شرانقها.
وبحسب الدراسة، التي نشرت أيضا في بعض المواقع العلمية المتخصصة، قام الباحثون بتحليل بيانات نظام مراقبة الفراشات التابع للمملكة المتحدة (بريطانيا)، والتي تم جمعها من أكثر من 1800 موقع من كافة أنحاء البلاد على مدى 37 عاما، ووجدوا أن هطول الأمطار الغزيرة في الشتاء الماضي (2015) أضر بأكثر من ربع أنواع الفراشات في المملكة المتحدة، فيما يبقى الضرر الأكبر، هو ذلك الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة. وجاء في الدراسة، بحسب موقع صحيفة “الدايلي ميل” البريطانية، أن هذا الأمر يؤثر على أكثر من نصف الأنواع الموجودة في المملكة.
الأحداث المناخية غير المعتدلة
وقال العلماء في “جامعة ايست أنغليا” بأن النتائج والآثار السلبية الكلية المؤثرة على أعداد الفرشات، والناجمة عن انخفاض درجة الحرارة في الشتاء يفوق ما قد يؤدي إليه ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف الذي بدوره يزيد أعداد الفراشات لأكثر من ثلث الأنواع. وقالت الباحثة المشاركة في إعداد الدارسة الدكتور آلدينا فرانكو Aldina Franco من University of East Anglia في بريطانيا: “انه على الرغم من أن الصيف كان حاراً هذا العام، إلا إن أعداد الفراشات كانت منخفضة بشكل كبير”.
وأضافت فرانكو: “على سبيل المثال، ربما تكون قلة الأعداد المسجلة لفراشة السلحفاة الصغيرة وفراشة الفاصلة، وحارس البوابة، والطاووس الزرقاء، ناجمة عن الاستجابة السلبية لارتفاع درجة الحرارة في الشتاء”.
وقال معد الدراسة أوسجير ماكديرموت لونغ Osgur McDermott-Long، التي نشرت في “مجلة علم البيئة الحيوانية” Journal of Animal Ecology: “إن الدراسة أثبتت حساسية الفراشات المعروفة مسبقاً من الأحداث المناخية غير المعتدلة، والتي أصبحت شائعة بسبب التغير المناخي”.
وأضاف لونغ: “تشير بعض هذه الآثار بما لا يرقى إليه الشك إلى أن أعداد الفراشات في خطر في المستقبل بسبب ارتفاع درجة الحرارة في الشتاء”.