مجزرة جديدة تطاول الطيور المهاجرة، تستهدف هذه المرة طيور “أبو جراب” White pelican المعرضة للانقراض، مسرحها البقاع الشمالي، وما يثير الانتباه أن من ارتكبها وثقها على “فيسبوك”، غير أية عقوبة أو محاسبة، وبدت الصور استعراضية وصادمة، تعكس حالة العبث والاستهتار والفوضى، وتدين الدولة المفترض أن تكون حاضرة لقمع المخالفات، وتسطير محاضر ضبط وتغريم المعتدين وسحب السلاح منهم، والسجن إذا اقتضى الأمر.

نضع بعضا من هذه الصور برسم وزارة البيئة وكل من هو معني بهذا الملف، علنا نوصل “صوت” هذه الطيور وهي تباد في عبورها الموسمي فوق لبنان، خصوصا وأن سمعة لبنان باتت في الحضيض كبلد لا يحترم القوانين والاتفاقات الدولية التي تحرم صيد الطيور المصنفة على القائمة الحمراء، ومنها طائر “أبو جراب” بنوعيه الـ White pelican والـ Dalmatian Pelican.

3-1

يأكل غلة مصر ويبيض في العراق

وللاطلال على هذا النوع من الطيور التي باتت نادرة، التقينا خبير الطيور الدكتور روجيه سعد لـ greenarea.info، فأشار إلى أن “هذا الطائر ممنوع صيده وهو معرض للإنقراض، وهو ينتمي إلى فصيلة من الطيور تعرف باسم White pelican“، وقال: “لونه أبيض وأطراف جوانحه سوداء، ومنقاره طويل قليلا، ومن الناحية السفلية هناك جعبة تتسع لحوالي ثلاثة عشر ليتر مياه، ويمكن أن يملأها سمكا أيضا، وفراجه ممكن أن تتناول منها الطعام، ويعشش هذا الطائر في أوروبا، ويعبر فوق لبنان والشرق الأوسط، ويبحث عن الدفء في أفريقيا خلال فصل الخريف، ويمر فوق لبنان في هجرته الموسمية مرتين، ويمكن أن يعيش ضمن مجموعات كبيرة، ويصل وزنه إلى خمسة عشر كيلوغرام، وهو أكبر طائر بحري على وجه الأرض، وإذا ما أفرد جناحيه يمكن أن يصل اتساعهما إلى ثلاثة أمتار وستين سنتيمترا، ويعيش معظم حياته قرب المياه، لأنه يحب السمك ويعتبر مصدر غذائه الأساس، ولأنه بحاجة يوميا كحد أدنى إلى كيلو وكيلو ونصف سمك، ويعشش ضمن مجموعات وليس فرادى، وهذا الطائر وفي لأنثى واحدة”.

وأشار إلى أن “هناك مقولة طريفة عنه، تقول انه يأكل غلة مصر ويبيض في العراق حيث يحافظ الناس على أعشاشه، وأحيانا يأكلون بيوض هذا الطائر”، ولفت إلى أن الـ White pelican يمكن أن يقطع مسافة 500 كيلومترا ليلا نهارا دون توقف”.

وأكد سعد أن “هذا الطائر ممنوع صيده بتاتا لأنه، كما أسلفنا، معرض للانقراض، وهو طائر جميل جدا”، وتمنى “من الصيادين عدم صيده ومن المواطنين إذا عثروا على أحد هذه الطيور مصابا ان يعالجوه ليعود إلى حياته الطبيعية، لأن هذا الطائر لا يمكن تدجينه ولا يعيش مع الانسان”، وقال: “هناك نوع آخر يعرف باسم Dalmatian Pelican، وهو أكبر حجما، ويمر فوق لبنان ولكن بأعداد قليلة، وممنوع صيده بتاتا، ومصنف على القائمة الحمراء للطيور المعرضة للانقراض من قبل جمعية حماية الطيور”.

واشار سعد إلى أنه “بالنسبة للقانون رقم 580 المادة 15، يعاقب من يعرض صور أو يقتل طيورا ممنوع صيدها، ولا سيما الطيور المهاجرة”، وأكد أنه سيتقدم “بدعاوى قضائية بحق مرتكبي المجازر”.

 

خسارة عالمية

الناشط البيئي وسيم بزيع كان قد نشر على صفحته في “فيسبوك” صورا لمجزرة “أبو جراب”، مستنكرا ما تعرضت له، ودعا الى نشر الخبر والصور على نطاق واسع لتصل هذه التجاوزات الى المعنيين في وزارة البيئة، وأيضا إلى وزارة الداخلية والبلديات، بهدف “التحرك لوقف هذه التعديات”.

وقال لـgreenarea.info : “لمسنا تفاعلا ايجابيا من الناس وقد عبروا عن استيائهم، ووصلت المشاركات إلى خمسمئة وجميعهم أعاد نشر الصور، وهذا جيد وينم عن وعي بيئي واحساس بالمسؤولية تجاه البيئة، لكن يقلقني ما يحدث من مجازر بحق الطيور، خصوصا وأن تأثيرها كبير ومهم على التوازن البيئي، وفي المقلب الآخر، هناك جهل بيئي كبير للدورة الحياتية التي تشاركنا فيها كل الكائنات على وجه الارض، ولا تقوم حصرا على البشر”.

وأضاف بزيع أن “البيئة كقضية لا تقل أهمية عن مشاكلنا السياسية والمعيشية، ولذلك نستنكر تعرض الطيور المهاجرة للقتل عند مرورها فوق لبنان، الذي يعتبر ممرا مهما لها، وبالتالي، فإن خسارتها ليست خسارة لبنانية فحسب، بل هي خسارة عالمية، ويجب بشكل أو بآخر وقف هذه التجاوزات”.

وختم: “ألفت النظر الى ما تقوم به بعض المواقع وبعض وسائل الاعلام لجهة تصوير هؤلاء القتلة، وتظهرهم (أبطالا)، وهنا الحلقة الاخطر التي تؤثر سلبا على نشر الوعي والثقافة البيئية”.

2-2

طائر برمائي

رئيس “مركز التعرف على الحياة البرية” والأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية – كلية العلوم البروفسور منير أبي سعيد أكد لـ greenarea.info أن هذا “هذه الطيور المقتولة تعرف باسم Pelican ويطلق عليها في لبنان اسم “أبو جراب”، وفي اللغة العربية تعرف بـ “الرهو الأبيض”، واسمها العلمي الاسم العلمي  Pelecanus onocrotalus“، ولفت إلى أن “هجرتها من أوروبا إلى أفريقيا ومن أفريقيا إلى أوروبا، وهي الآن تنتقل من أوروبا إلى أفريقيا”.

وعن إمكانية صيده وهو من الطيور الضخمة، قال أبي سعيد: “لأن حجمه كبير يمكن إصابته بسهولة”، وقال: “عالجنا هذه السنة طيورا عدة من (أبو جراب)، وهو طائر برمائي”، لافتاً إلى أن “الطيور التي تصاب بكسور في أحد الجناحين لا يعود بإمكانها الطيران لأنها تقطع مسافات طويلة فتصبح غير قادرة على العودة إلى بيئتها الطبيعية وينتهي بها الحال في الأسر”.

وأشار أبي سعيد: “لدينا في المركز الآن طائرين من نوع (أبو جراب) كنا قد عالجناها منذ نحو سنتين، ولكنها محكومة بالأسر لعدم قدرتها على استعادة حريتها، ونقوم برعايتها إلى جانب عشرات الأنواع من الطيور التي تعرضت لإصابات بليغة”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This