ملاك مكي – السفير
يعتبر العمال الذين يعملون جنب مكبات النفايات المفتوحة أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والهضمي بنسبة 400 في المئة من العمال الذين يعملون في أماكن بعيدة من مكبّ النفايات.
تعود هذه المعطيات الى دراسة علمية قام بها فريق من الباحثين في «الجامعة الأميركية في بيروت» بين شهري كانون الأول 2015 وشباط 2016، أشرفت عليها الأستاذة في «كلية العلوم الصحية» في «الجامعة الأميركية في بيروت» الدكتورة مونيك شعيا بمشاركة خمسة طلاب من كلية الطب هم: رامي مرسي، روان صفا، شيرين فواز، سيرج بارود، جاد فرحه.
شارك في الدراسة 221 عاملا ذكورا، تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما (111 عاملا يعملون في منطقة الدكوانة بعيدا من مكب النفايات و110 عمال يعملون قرب مكب النفايات في منطقة الكرنتينا). وارتكزت الدراسة على تعبئة الاستمارات بعيدا من صاحب العمل لعدم الشعور بأي إحراج. تعتبر الدراسة مقارنة إذ تقارن بين عيّنتين خصائصهما متشابهة: العمر، الوضع الاجتماعي وغيرهما مع اختلاف مكان العمل.
تبيّن نتائج الدراسة، وفق شعيا، أن العمال الذين يعملون قرب مكب النفايات يظهرون أعراضا جسدية حادة أكثر من العمال الذين يعملون بعيدا من مكب النفايات بنسبة 400 في المئة. وتشمل الأعراض الحادة: الشعور بالتعب، صداعا في الرأس، الأرق، الغثيان، الإسهال، التقيؤ، ضيق التنفس، العطس، السعال الجاف، البصاق، سيلان الأنف. وتحمل هذه الفوارق دلالة إحصائية ما يؤكد دقة النتائج.
تشرح شعيا أن الغازات المنبعثة من حرق النفايات تسبب أمراضا في الجهاز التنفسي، بينما من الممكن أن ينقل الذباب الجراثيم من النفايات الى الأطعمة فيلوثها ما يسبب باضطرابات في الجهاز الهضمي، على أن تسبب الروائح المنبعثة من النفايات أوجاعا في الرأس والشعور بالصداع. تلحظ شعيا أن بعض العمال اضطروا الى التغيب عن العمل وما يتسبب ذلك من ضائقة مالية خصوصا أن العمال بمعظمهم يتقاضون راتبا يوميا، كما اضطر بعضهم الى تناول الأدوية وحتى الدخول الى المستشفى.
تلفت شعيا الانتباه الى أن هذه النتائج تبيّن فداحة أثر النفايات على صحة العمال الذين ينعمون، مبدئيا، بصحة جيدة فكيف الحال بأثر النفايات على الأطفال أو كبار السن الذين يكونون، في العادة، أكثر عرضة لالتقاط الأمراض وأكثر هشاشة في مواجهتها.
تعود فكرة الدراسة، وفق شعيا، الى أنه يوجد الكثير من الشكاوى المتعلقة بأزمة النفايات في لبنان إذ يشكو المواطنون كثيرا من الآثار السلبية لهذه الأزمة من دون أي يكون هناك وقائع علمية وإثباتات واضحة وملموسة مرتبطة بأثر النفايات على الصحة العامة. فبذلك تشكل هذه الدراسة دليلا علميا على أن أزمة النفايات في لبنان تهدد الصحة العامة.
توصي الدراسة بضرورة منع إنشاء مكبات نفايات عشوائية ومفتوحة، وبأهمية تعزيز فرز وإعادة تدوير النفايات، وضرورة اتخاذ إجراءات وقائية لحماية العمال مثل وضع الأقنعة، وعدم رمي أكياس النفايات بشكل عشوائي دون ربطها، والمحافظة على النظافة الشخصية وخصوصا غسل اليدين دوريا للوقاية من انتقال الجراثيم والإصابة بها.