خلصت دراسة حديثة، أعدها فريق بحثي في الجامعة الأميركية في بيروت، إلى أن تأثيرات سوء إدارة النفايات في لبنان وحرق القمامة ترفع نسبة العوارض الجسدية الحادّة للعاملين الذين يتعرّضون للنفايات بمعدّل حده الأدنى 400%، مقارنةً بالعمّال غير المعرّضين للنفايات

هديل فرفور – الاخبار

إنّ العاملين والقاطنين في مناطق تتكدّس فيها النفايات عشوائياً، ويجري حرق بعضها دورياً، مُعرّضون للإصابة بأمراض في الجهاز الهضمي والتنفسي أكثر من غيرهم بنسبة تفوق الـ 400%، بحسب دراسة حديثة صدرت عن مجموعة من الباحثين في الجامعة الأميركية في بيروت.

قد لا تكون نتائج هذه الدراسة “صادمة” لكثير من الناس الذين “ألِفوا” فكرة تنشّقهم السموم والأمراض، لكنها (النتائج) تُذكّر بالخطر المُحدق بآلاف المواطنين الذين لا يزالون “يُجاورون” النفايات. هذا الخطر يتفاقم يومياً مع استمرار تكدّس النفايات ومع إبقاء الكثير من البلديات على نهج الحرق الدوري للنفايات وللمكبّات العشوائية. وللتذكير، هناك مناطق وبلدات كاملة لا تزال غارقة بنفاياتها، كمنطقة إقليم الخروب وبلدات الشوف وعاليه، التي اُستثنيت من خطة النفايات الحكومية، ولا تزال عاجزة عن إيجاد حلّ لتصريف نفاياتها، في ظلّ صمتٍ مُطبق من قبل المعنيين.
تُظهر الدراسة، التي أعدّها فريق بحثي من طلاب الطب – سنة ثالثة في الجامعة الأميركية، النسبة “الضخمة” لإمكانية إصابة الأشخاص الذين “يتعرّضون للنفايات” (العاملين والقاطنين في مناطق تتكدّس فيها النفايات أو يجري حرقها) بأمراض في الجهاز الهضمي والتنفسي.
مثلاً، أكثر من 60% من الأشخاص الذين يتعرّضون للنفايات، يعانون من تعب، صداع في الرأس، غثيان وضيق في التنفّس، فيما يُعاني أكثر من 50% منهم من العُطاس وأكثر من 40% من السعال الجاف وأكثر من 30% مهم يُعانون من البصاق وسيلان الأنف. أما نسبة الأشخاص الذين يتعرّضون للنفايات ويُعانون الأرق والقيء والإسهال، فراوحت بين الـ %20 و30%. في مُقارنة لهذه النتائج مع الأشخاص الذين لا يتعرّضون للنفايات، تبدو هذه النسبة فادحة جداً. على مستوى التعب، الأرق، القيء، الإسهال والعُطاس، لم تتجاوز مثلاً نسبة الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض الـ 10%.
تستند الدراسة التي امتدّت بين شهر كانون الأول 2015 وشهر شباط 2016 إلى عينتين تتألفان من عمال لبنانيين ذكور تراوح أعمارهم ما بين 18 و 60 عاماً، يعملون في منطقتين مختلفتين. العينة الأولى تتألّف من 111 شخصاً يعملون في منطقة خالية من النفايات، فيما تألفت العينة الثانية من 110 أشخاص يعملون في منطقة غارقة في النفايات المرمية عشوائياً وتجري فيها عمليات حرق متعددة.
وبحسب الدراسة، “تبيّن أنّ من يعمل في المناطق الواقعة تحت تأثير النفايات، يعاني من تعب دائم وصداع وأرق، مقارنة بالعامل الموجود بعيداً عن النفايات”، مُشيرةً إلى أن بعض العاملين قرب المكبات العشوائية صرّحوا بأنهم يعانون من أعراض استدعت حدّتها إلى نقلهم إلى المُستشفى.
وخلصت الدراسة إلى القول بأن تأثيرات سوء إدارة النفايات في لبنان وحرق القمامة ترفع نسبة العوارض الجسدية الحادّة بمعدّل حده الأدنى 400% مقارنة بالعمّال غير المعرّضين للنفايات.
وأضافت الدراسة في هذا الصدد: “تدلّ هذه النسبة على أن التعرّض للنفايات، أي التواجد بقربها أو استنشاق الهواء الصادر عن عمليّات الحرق المتعدّدة، يؤدي إلى أخطار جسيمة على الصحة، وخاصّة على الجهازين، التنفسي والهضمي”، لافتةً إلى أنّ من الممكن أن يكون لهذه الأزمة تأثير أخطر على فئات حسّاسة كالأطفال وكبار السّن.
واقترحت الدراسة بعض سياسات التدخل لوضع حدٍّ لهذه الكارثة الصحية كتقليل نفايات المصانع عبر تعديل طريقة الإنتاج وإعادة التدوير، اتّخاذ إجراءات وقائية للحماية كاستخدام القناع، وضع إطار تنظيمي ومبادئ توجيهية وطنية تكون بموجبها المعالجة على المستويين الوطني والإقليمي، وتهيئة لجنة وطنية لمتابعة ومراقبة عملية تنظيم التدريب على معالجة النفايات.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This