من أجل المحافظة على البيئة، وتبني مبدأ الاستدامة، خصوصا في قطاع النفايات، يلزمنا الكثير من العمل للوصول إلى ثقافة “الرسكلة”، أو إعادة التدوير، لا سيما وأن ثمة مبادرات كثيرة ارتقت بـ “الرسكلة” من إعادة التصنيع إلى فن إعادة التدوير The art of recycling، ما شرع المجال نحو آفاق فنية واسعة، أساسها تطوير مهارات الأشغال اليدوية، وإعادة استخدام المواد الصناعية التالفة أو التي سترمى وتتلف لانتهاء مدة صلاحياتها، وإعادة استخدامها وتوظيفها في قالب فني يزين الأمكنة أحيانا أو ينعكس إبداعا في لوحة أحيانا أخرى، هذا فعلا ما تشعر به حين تطالعك في أروقة مؤتمر COP22 في مراكش إحدى أهم “المنحوتات” والمجسمات المصنوعة من إطارات السيارات المستعملة.
أعمال فنية تم تشكيلها بطريقة رائعة، وتحولت مجسمات هي عبارة عن أعمال فنية تسحر الناظر إليها، مصنعة من إطارات السيارات والدراجات القديمة، وما يثير الانتباه أنه للوهلة الأولى لن يتحمل المرء فكرة أن تكون هناك عجلة من الكاوتشوك في منزله أو حديقته، ولكن عندما يمعن النظر في هذه الأعمال، سيتمنى حتما لو ان مثل هذه المنحوتات تزين داره لتضفي عليه جمالا وإبداعا.
فن (الريسيكلاج)
الكثير من الأفكار يخلقها مبدعون، ولكن الابداع البيئي يبقى الأشد إثارة وسحرا، لأنه قائم على بساطة الإبتكار، ودقة التنفيذ، خصوصا واننا نعاني من تراكم هذه الإطارات، ونعاني أكثر من اتلافها بطريقة الحرق.
الفنان المغربي جلال حسين ديوي حلق في فضاء إبداعاته، مستخدما هذه الإطارات لتكون مادة أساسية لأعماله الفنية، تحدث لـ greenarea.info عن تجربته في فن “الرسكلة”، فقال: “تعلمت فن النحت بالاطارات أو فن (الريسيكلاج) من والدي منذ أكثر من ثماني سنوات، ومن ثم درسته ايضا في الجامعة، لأتمكن أكثر من امتلاك التقنيات، لأن هذا الفن بدأ يترسخ على مستوى الفنون في المغرب، وبات يدرس كمادة قائمة بذاتها في معاهد الفنون الجميلة”.
وأشار إلى انه “كان يتم سابقا إشعال هذه الاطارات في المغرب لاتلافها والتخلص منها، وتولدت عن هذه الممارسة مشكلات بيئية وصحية، وهذا كان سببا في التفكير بتخطي تلك الممارسات، أما الآن فقد أصبحت الإطارات والعجلات المستعملة مادة أساسية لفن (الريسيكلاج) في المغرب وفي أنحاء عديدة من العالم”، ورأى أن ديوي أن “هذا الفن يحمل رسالة ذات أبعاد بيئية، تؤكد أن الابتكار يمثل جزءا من حل لمشكلة المخلفات، أو لجزء منها على الأقل”.
فن معاصر ومتجدد
وقال: “لقد أصبح فن إعادة التدوير فنا قائما بذاته بالنسبة لكثير من الفنانين، وهو بالنسبة لي بات جزءا من معظم أعمالي الفنية”، وأصاف: “صنعت مجسمات ومنحوتات كثيرة، وكانت لدي الموهبة وطورتها بالعلم والعمل”، لافتا إلى أنه تعلم المبادىء الأولة لهذا الفن من والده، واشار إلى أن “هناك جامعات تعلم هذا الفن، وهناك شباب مبدعون في هذا المجال”.
وقال: “بالنسبة لي، أحاول أن أضفي على بعض الأعمال لمسة خاصة تعبر عن هويتنا العربية عبر اعتماد الزخارف والمنمنمات، وأحيانا أحاول المزج بينها وبين المدارس الفنية الأوروبية، من أجل خلق أعمال حداثوية، وقد حالفني الحظ بالمشاركة في معارض كبيرة في المغرب وأنا الآن سعيد جدا لمشاركتي في مؤتمر المناخ في مراكش COP22، كما انني شاركت أيضا في معرض أقيم في المعهد العربي في باريس وحصلت على عدة جوائز”.
وأضاف ديوي: “في العام 2010 حصلت على جائزة أفضل إبداع في برنامج jeune sculture بعنوان “صنعة بلادي”، والجائزة الثانية حصلت عليها في معرض (رياض آرت اكسبو)، فضلا عن جوائز عدة محلية ودولية”.
وخلص ديوي إلى “ان هذا الفن هو من الفنون التي تحاول انقاذ البشرية من التلوث، وهو فن معاصر ومتجدد ندعو الناس للتوجه اليه”.