مراكش مدينة لا تهدأ ولا تنام، أضفى عليها مؤتمر المناخ الذي استضافته من 7 إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، حيوية استثنائية مع إشغال القطاع الفندقي وسائر القطاعات السياحية بنسب فاقت التوقعات، وحركة تجارية مماثلة، وصخبا أبقى ساحاتها الكبرى وأسواقها مشرعة أمام الوفود المشاركة في المؤتمر، فضلا عن السياح – وجلهم من الأوروبيين – الذين اتخذوا منها وجهة سياحية دائمة، حتى أن ثمة مستثمرين أوروبيين في القطاع السياحي، ما يؤكد جدوى الاستثمار في هذا القطاع، في مدينة يقارب عدد سكانها المليون نسمة.

الكثير من حياة المدينة وأسرارها نعرفه من أصحاب سيارات الأجرة (التاكسي) وتلفظ وتكتب (طاكسي)، حتى أن لا علاقة مودة بين المغاربة وحرف “التاء”، وهم يستبدلونه بحرف الطاء، فتجد مثلا إعلانا لـ “أوطيل” ولمحطة محروقات “طوطال” إلخ، فمثلا نسأل عن سبب أن سيارات الأجرة من نوع Dacia، فنعلم أن وزارة النقل أمنت تسهيلات للحصول على هذا النوع من السيارات، وبالرغم من صعوبة فهم اللهجة المغربية كونها تمثل خليطا عربيا مطعما بمفردات فرنسية، إلا أن هذه المشكلة يمكن تخطيها بالتحدث بالفرنسية الصرف أو العربية الفصحى.

 

مليونا سائح سنويا

 

تجتذب مراكش سنويا أكثر من مليوني سائح من مختلف أنحاء العالم، وسط توقعات بأن يرتفع هذا الرقم خلال السنوات المقبلة، إذ أن الملك محمد السادس تعهد بجذب 20 مليون سائح سنوياً إلى المغرب بحلول العام 2020، وتبدو مراكش مدينة فرنكوفونية بامتياز، فهي وجهة خاصة للفرنسيين وللناطقين بالفرنسية من دول أفريقيا، وقد اشترى العديد من المشاهير الفرنسيين العقارات في المدينة، بما في ذلك عمالقة الأزياء إيف سان لوران وجان بول غوتييه.

وتتميز مراكش عن غيرها من المدن المغربية في هذا المجال بأن نساءها يقدن الدراجات النارية بأعداد كبيرة ويتمتعن بمهارة عالية في القيادة، البعض محجبات وبعضهن الآخر سافرات، خصوصا وأن الدراجة وسيلة نقل أساسية في الأحياء القديمة حيث الطرقات ضيقة لا تتسع لمرور السيارات، وهي وسيلة نقل مهمة على الطرقات التي تشهد اختناقات مرورية، وفي الساحات التي يمنع دخول السيارات إليها.

 

ساحة الفنا

 

لا تكتمل زيارة مراكش دون التجول في “ساحة الفنا”، وهي ساحة مشهورة بمسجدها التاريخي، ومساحتها الواسعة، وهي تشكل فضاءً شعبياً للفرجة والترفيه، ولذلك تعتبر مقصدا أساسيا للسياح، ولذلك تعتبر بمثابة القلب النابض لمدينة مراكش، ومحجة للزوار من كل أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي القادمين من جبال الأطلس، ورواة الأحاجي والقصص، وعازفي موسيقى الشارع، وقارئي البخت والعرافين، إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثا غنيا وفريدا، كان وراء وضع هذه الساحة على قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونيسكو سنة 1997.

غادرنا مراكش فيما اعتصام الأساتذة المفتوح مستمر في الساحة، وسط لافتات تطالب برفض التعاقد والتثبيت في ملاك وزارة التربية، ويتحول موقع الاعتصام مساء منبرا لإلقاء الخطب وعرض المطالب.

 

كوب 22

 

وتزينت مراكش بشعارات المؤتمر “كوب 22″، وهي تصدرت سيارات الأجرة وعربات الخيل التي تعتبر وسيلة نقل أساسية كونها تمثل جزءا من تراث المدينة، وشهدت ساحات مراكش نشاطات بيئية موازية لمؤتمر المناخ في حي “باب إيغلي”، وكتبت الشعارات بلغات خمس: العربية، الأمازيغية، الفرنسية، الإنكليزية والإسبانية.

وسارت المدينة طوال أسبوعين على إيقاع المؤتمر، فالوفود المشاركة نهارا في “كوب 22” تتجول ليلا في أحياء المدينة الواسعة، وتمتلىء المطاعم التي تقدم أشهر طبقين في المغرب “الكوسكوس” و”الطاجن”، وسط حركة تجارية لافتة للانتباه في المحال، فضلا عن الباعة المتجولين، وعروض “الأكروبا” وغيرها من مظاهر الحياة النابضة بالحب.

لمراكش نكهة خاصة، رغم مظاهر الفقر وتحول بعض أحيائها القديمة إلى ما يشبه العشوائيات وأحزمة البؤس، مع تنامي حركة النزوح من الأرياف البعيدة.

نتركها ونحن في حنين إليها!

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This