الفراشات أو Las Mariposas باللغة الإسبانية، هو الإسم الحركي للأخوات ميرابال The Mirabal Sistersمن جمهورية الدومينيكان، واللاتي قضين اغتيالا في عهد الدكتاتور الدومينيكاني Rafael Trujillo، بإيعاز وأوامر منه، وتحولْنَ إلى رمز للمقاومة الشعبية والنسوية، وبدأت الحملات بعدها لتتوج في العام 1981 على يد ناشطات نسويات باعتبار يوم 25 تشرين الثاني (نوفمبر) كـ (يوم لمناهضة العنف ضد المرأة)، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 كانون الأول (ديسمبر) عام 1993، بموجب قرار 48/104، إعلان القضاء على العنف ضد المرأة، وفي العام 1999، وبموجب القرار 54/134 المؤرخ في 17 كانون الأول (ديسمبر) أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام بـ “اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة”، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى إطلاق أنشطة تهدف إلى رفع مستوى الوعي العام حيال هذه المشكلة في ذلك اليوم.
وتبدأ النشاطات المختلفة، والموجهة للتوعية على مواجهة العنف ضد النساء لمدة 16 يوما متتاليا في كافة أنحاء العالم، في هذا اليوم وحتى العاشر من كانون الأول (ديسمبر)، والذي يصادف اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ويطلب من الناشطين وضع شريطة بيضاء تضامنا، بالإضافة إلى حملة “جعل العالم برتقاليا” Orange the world، في إشارة إلى استخدام هذا اللون من قبل الحملة الهادفة للوصول إلى مستقبل أكثر إشراقا دون عنف، وتنظيم النشاطات في الشوارع والمدارس والمعالم باللون البرتقالي.
في لبنان
في لبنان والعالم العربي، تداعت ناشطات وناشطون في هذا المجال، إلى تنظيم تجمعات تهدف إلى توعية النساء بحقوقهن بهدف القضاء على العنف ضد المرأة، واتجهت بعض الجمعيات في جهد يحسب لها لجهة تمكين النساء علميا وثقافيا وماديا بهدف استقلالهن الفكري والمالي، ما يمكنهن من أخذ قرارات مصيرية، دون تأثير من المحيط العائلي والتقليدي، خصوصا لدى النساء المعنفات، ولعبت بعض هذه الجمعيات دورا هاما بإلقاء الضوء على حالات إجتماعية من التعنيف الجسدي والنفسي واللفظي، من خلال إقامة ندوات واجتماعات دورية، فضلا عن مواقع التواصل الإجتماعي والإعلام.
ومن أهم هذه المنظمات منظمة “كفى عنف واستغلال” المعروفة اختصارا بـ (كفى) التي تأسست في العام 2005، ووفقا لتعريف المنظمة، فهي منظمة مدنية لبنانية، غير حكومية وغير ربحية، نسوية وعلمانية، تتطلّع نحو مجتمع خالٍ من البنى الاجتماعية والاقتصادية والقانونية البطريركية والتمييزية تجاه النساء، وتطالب بحملاتها المتتالية، بمكافحة العنف الأسري بشكل عام وخصوصا الموجه ضد النساء، وعدم استغلال النساء إن كنّ عاملات في المنازل أو بغرض الدعارة وحماية الأطفال، بالإضافة إلى خط ساخن للترشيد النفسي والإجتماعي والقانوني للنساء المعنفات.
ومن جهة ثانية قام موقع “شريكة ولكن” الإعلامي النسوي بحملات واسعة، لحق الجنسية لأطفال النساء المتزوجات من أجنبي، ولرفع سن الزواج، حيث قدرت عدد النساء اللاتي يتزوجن قبل سن 18 حول العالم بـ 700 مليون فتاة، لا سيما أن هذه النسبة اتجهت للارتفاع في السنوات الأخيرة، فضلا عن الإضاءة على حالات استغلال النساء وحالات اجتماعية لنساء حرمن من أطفالهن بسبب الطلاق، وحالات من التعنيف وصولا للقتل.
القوانين
شهد واقع المرأة عالميا تطورات هامة، الا ان العنف ضد النساء، لا زال ظاهرة منتشرة تطاول كافة الشرائح النسائية في جُل المجتمعات الانسانية والطبقات الاجتماعية، وتعاني منه المرأة سواء كانت طفلة أو معمرة، بغض النظر عن وضعها الإجتماعي والثقافي والإقتصادي، ويتمظهر هذا العنف بعدة وجوه، ومنها العنف المعنوي واللفظي الذي يحط من كرامة المرأة، فضلا عن التحرش الجنسي، والتوظيف الإعلامي الذي يصورها بشكل استغلالي.
ولا ينص الدستور اللبناني صراحة على المساواة بين الرجل والمرأة، إنما يعترف بالمساواة التامة لجميع المواطنين أمام القانون، لا سيما أنه ليس ثمة قانون عقوبات رادع بشكل يحظر مثلا التحرش في المجالات كافة، وخصوصا في مجالات العمل.
ومن الاحصاءات النادرة في هذا الشأن، كشفت دراسة وضعتها وزارة الشؤون الاجتماعية ان ثلاث شكاوى للتحرش الجنسي والاغتصاب تقدم اسبوعيا، وهذه الارقام لا تعكس الواقع بدقة، كون العديدات من ضحايا التحرش يبقينَ صامتات، كون مجتمعنا الشرقي يضع المسؤولية على المرأة وتصرفاتها ولباسها وغيره.
بالإضافة إلى أن صفة التحرش لم يوضحها القانون اللبناني، ما يبقي باب النقاش واسعا، كما أن عقاب الإغتصاب وغيره من العنف ضد المرأة تحكمه الظروف المخففة، ما يسمح للجاني بالتنصل، ودون عقوبات في معظم الأحيان، وخصوصا إن تزوج الجاني ضحيته، وفي هذا قمة الإذلال بحق المرأة والمجتمع.
ولا زال الطريق طويلا، ويتطلب الجهد المتواصل من قبل معظم النساء في مجتمعاتنا العربية، للوصول إلى التوعية بحقوقهن وتطبيقها، والعمل على الحصول على الهوية الخاصة بهن بمعزل عن ارتباطاتهن الاجتماعية والإقتصادية والتقليدية، وهو هدف يرقى بالمجتمع ككل وبمستقبل الأجيال القادمة.