غسان ريفي – السفير
تعالت الأصوات في الميناء وطرابلس دفاعا عن الواجهة البحرية قبالة جامعة بيروت العربية، واحتجاجا على قرار تمليك قسم منها لمجموعة من الأشخاص بشكل مخالف للقوانين، انطلاقا من أن البحر هو ملك عام لكل الشعب اللبناني، وأن الكورنيش البحري في الميناء هو الرئة الوحيدة التي يتنفس منها أبناء الشمال، وأن السكوت عن أي اعتداء مهما كان صغيرا أو بسيطا سيؤدي الى سلسلة اعتداءات.
لذلك فقد انطلقت المواجهة على أكثر من صعيد، بدءا من رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين والمجلس البلدي بتقديم دعوى قضائية ضد كل من يظهره التحقيق مشاركا في تمليك جزء من بحر الميناء، مرورا بالنائب محمد كبارة الذي أكد أن زمن التشبيح قد انتهى، داعيا الى الكشف عن حيتان البر والبحر، وصولا الى الحملة المدنية لحماية شاطئ الميناء التي تركت لقاءاتها مفتوحة لمتابعة كل التفاصيل المتعلقة بالمشروع «الفضيحة» والتي تحركت على أكثر من صعيد، وكان آخرها الاعتصام أمام الكورنيش البحري ومطالبتها بازالة كل الاجراءات المزعومة للاستيلاء على الملك العام.
لا شك في أن قضية التمليك يلفها الكثير من الغموض، لا سيما بعد تجميد القضاء للصحيفة العقارية ومنع أي كان من الحصول على نسخة منها أو الاطلاع عليها، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الطلب الذي قدمه الأشخاص المعنيون حول حقهم بالعقار الرقم 220 الذي سقط سهوا من أعمال الضم والفرز التي اختتمت وصدر مرسومها ونشر في الجريدة الرسمية منذ أكثر من عشر سنوات؟ وما هو دور وزارتيّ الأشغال العامة والمال والقضاء في ذلك؟ وكيف تم تسجيل العقار في المساحة والسجل العقاري بالرغم من كونه مسطحا بحريا غير قابل للتمليك؟ وعلى ماذا تم الاعتماد في إظهار حق الأشخاص المعنيين بهذا العقار؟
تشير المعلومات الى أن الأشخاص المعنيين اعتمدوا على خرائط جوية تعود الى أكثر من مئة عام منذ أيام الحكم العثماني، أبرزوها أمام وزارة الأشغال العامة كسندات ملكية لجزء من العقار 220، فكان أن حولت وزارة الأشغال الملف الى القضاء الذي اعتبر أن الجزء المطالب به قد سقط سهوا من أعمال الضم والفرز، وأن لأصحابه الحق فيه، وقد صادقت وزارة المال على القرار القضائي، وحولته الى مدير عام الشؤون العقارية الذي حوله بدوره الى أمين السجل العقاري للتسجيل وإصدار صحيفة عقارية عائدة له، لكن ما لم يكن في الحسبان لدى كل هؤلاء أن الجزء الذي جرى تمليكه هو مسطح بحري لا يمكن لأي جهة بموجب أي قانون تمليكه لأي كان، فضلا عن أن الجزء المستملك يقع ضمن خانة M8 ما يعني أنه معدّ لاقامة منتزه بحري أو أوكواريوم ولا يحق لأصحابه إقامة أية منشأة عليه.
ويشير الخبراء الى أنه لم يعد ممكنا إعطاء أي جزء من العقار 220، لأن الجزء المطالب به لم يعد موجودا إلا على الورق، وأنه كان أجدى بالوزارات المعنية بالتشاور مع البلدية تقديم تعويضات مالية للمعنيين، وعدم الوقوع في هذه المخالفة القانونية غير المسبوقة لجهة تمليك جزء من البحر والصخور.
من جهته، عقد النائب محمد كبارة مؤتمرا صحافيا بحضور رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين سأل فيه: لماذا هذا التكتم والصمت عن هذه الجريمة الموصوفة؟ واين وزارة العدل والمدعي العام المالي واجهزة الرقابة والتفتيش؟ مؤكدا أننا لن نسمح لأحد مهما علا شأنه واياً كان نفوذه في السلطة او المال، ان يعتدي على رئة طرابلس والميناء. أو أن يصادر بحرهما، وقتل واجهتهما، داعيا هيئات المجتمع المدني وكل المواطنين الى التكاتف والتحرك لوقف هذه السرقة، والمجزرة البحرية.
ودعا علم الدين الى انتظار نتائج الدعوى القضائية التي جرى تقديمها ليبنى على الشيء مقتضاه.