“أنا ستّ ملّيت الانتظار… تعبت من منظر الزبالة. حاسّة الخطر على بابي. نحنا الستّات نصف المجتمع”، بهذا التعليق عبر صفحتها على “فايسبوك” عبّرت وفاء فخر الدين عمّا يجول في بال سيّدات كثيرات في بلدتها كفرمان، في ظل أزمة نفايات لم تترك بلدة أو منطقة أو زاوية في لبنان، وازدادت وطأتها في كفرمان حين أُقفل معمل الفرز والمكب التابعين لاتحاد بلديات الشقيف. انطلقت وفاء، ونساء أخريات، من تجربة الدكتورة زينب مقلد نورالدين في بلدة عربصاليم، التي بدأت بالفرز منذ 1995، وتحدثت عنها صحف عالمية عديدة.
من 4 نساء… إلى 70
التقينا فخرالدين في كفرمان، حيث كانت الأفكار لا تزال تتبلور أكثر، إلاّ ان حماسها للانماء المحلي في بلدتها بدا ظاهراً خلال حديثها، فأكّدت لـ”greenarea.info “اننا لا نريد أن نتخطّى أي جهة، إلا ان الوضع لم يعد يطاق، فقررنا نحن النساء المبادرة إلى بمشروع فرز النفايات من المصدر”.
المشروع الذي بدأ بأربع نساء، استطاع في وقت قليل ان يزيد أعدادهنّ إلى 20 امرأة، إلى ان وصل العدد حالياً إلى 70 سيدة يبادرن لفرز النفايات.
وتحدّثت بعض النساء عن تجربتهنّ، همومهنّ، وإلى ما يطمحن للوصول إليه في ما يتعلّق بفرز نفايات كفرمان، في فيديو أعدّه يوسف سلامة، ونشره عبر “يوتيوب” على قناةLibanEcho ، تحت عنوان وهاشتاغ “#كفررمان #بلشت_تفرز”.
ما عبّرت عنه النساء يمكن ملاحظته في جولة على شوارع البلدة، حيث النفايات متكدّسة على جوانب الطرقات. تقول فخرالدين في هذا المجال انه “بعد تعذّر إيجاد حلّ من قبل البلدية، تفاقم الأمر أكثر وأصبحت الروائح على أبواب بيوتنا”، مضيفة “وهذا ليس مقبول”.
رونا حسين، التي انضمت إلى المبادرة، قالت “انطلقت المبادرة من سيدات يعانين من روائح النفايات كل يوم”. من جهة أخرى، شرحت لمياء ظاهر كيف تتم عملية الفرز من المصدر: “نفرز التنك، البلاستيك، الزجاج، والكرتون”، مضيفة ان “النساء في البلدة يتجاوبن بشكل رائع، كونهم يشعرون بالخطر الداهم”. واللافت للانتباه ان بعض النساء علمنَ بالمبادرة من خلال الـ”فايسبوك”، وتحمّسنَ لها وانخرطن فيها.
https://www.youtube.com/watch?v=XxgYlHF9LuQ
“نداء الأرض” والبلدية… نحو التعاون
وتمثلت أولى الخطوات التي قامت بها السيدات من أجل سلوك الطريق الأنسب خلال تنفيذ مبادرتهنّ في الاطلاع على مشروع جمعية “نداء الأرض” في بلدة عربصاليم الجنوبية، والوقوف على كيفية فرز النفايات هناك منذ عام 1998. وأبدت الجمعية تعاونها من خلال توفير مكان تخزين النفايات التابعة لكفرمان، إلى حين إيجاد السيدات بقعة أرض يمكن وضع النفايات المفرزة فيها.
من جهته، رحّب رئيس البلدية ياسر علي أحمد بالمبادرة، وقال انه مستعد لأي تعاون. أما التقدّم في العمل من أجل المبادرة، فيمكن لأي شخص متابعته من خلال الصفحة التي أنشئت لهذا الهدف تحت عنوان “سوا منفرز“، حيث تضع النساء الصوَر وترفقها بتعليقات.
“ابداً مش واقف الشغل، لقاءات، تفعيل الفرز على الارض، وزيارة لموقع فرز النفايات النظيفة في عربصاليم الملاصق لمبنى الثانوية يعني لا ريحة ولا امراض، وعلى فكرة صرنا سبعين ست عم نفرز، يالله تشجعوا هذا الصح والحل الجذري”، هذا أحد التعليقات على صفحة وفاء.
أما ردود الفعل، فيمكن تلمّسها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً من خلال التعليقات على الفيديو وعلى الصوَر التي نشرت. ومن الأشخاص من سأل عن كيفية القيام بعملية الفرز، فنشرت صفحة “سوا منفرز” رسما بيانيا يوضح تلك العملية.
لا شكّ ان الفرز من المصدر هو الحلّ لأزمة نفايات مستمرة منذ أكثر من سنتين في لبنان. وفي حين تتلكأ السلطة السياسية في إيجاد حلول لمصلحة الناس، أو حتى التفكير بتلك المصلحة، يبدو ان المبادرات الفردية والجماعية الخاصة ستزداد مع الأيام. فلا بوادر تشير إلى التفات السياسيين نحو مصالح الشعب، مقابل مصالحهم الضيّقة.