تعتبر وسائل التدفئة، وخصوصا البدائية منها، كالفحم، الغاز ومشتقات البترول) أحد أهم عوامل تلوث البيئة في فصل الشتاء، فكيف نحمي بيئتنا من هكذا ملوث؟ وكيف نحمي صحتنا من أضرار التلوث بالغازات المنبعثة من حرق الوقود الصلب؟ (التلوث بالغازات يسبب الأمراض المستعصية كالسرطان وضيق التنفس وانسداد الشرايين).
عندما نعلم انه يوجد على سطح هذا الكوكب نحو ثلاثة مليارات انسان يحرقون الكتلة البيولوجية (الحطب والروث والمخلفات الزراعية والفحم) وذلك لأغراض الطهي وتدفئة منازلهم، وان هناك حوالي اربعة ملايين انسان يلقون حتفهم في مراحل مبكرة من جراء الإصابة بأمراض سببها الاول تلوث الهواء داخل المنزل نتيجة حرق الوقود الصلب، سعيا للحصول على الدفء. وان خمسين بالمئة من الاطفال الذين يموتون دون الخامسة بسبب الالتهاب الرئوي سببه استنشاق الجسيمات المنبعثة من وسائل التدفئة البدائية، هذا عدا عن الكائنات الحية الاخرى التي تهددها غازات وقود التدفئة تلك، فاننا نجد أنفسنا أمام أحد مسببي التلوث البيئي الخطير.
وسائل التدفئة بين القديم والحديث؟
المواقد: وتعمل عن طريق حرق الخشب وهي من الطرق البدائية التي استخدمها الانسان.
التدفئة المركزية: وتستعمل وقود (الحطب أو الفحم أو الغاز أو النفط) أو كهرباء لتوليد البخار أو الهواء الساخن، ومن ثم نقل الحرارة (وهناك ثلاثة أنواع لنظام التدفئة المركزية، هي: نظام التدفئة بالماء الساخن – نظام التدفئة بالهواء الساخن – نظام التدفئة بالبخار).
التدفئة بالطاقة الشمسية: وتعمل بطريقة ضخ الحرارة المكتسبة في خلايا تجميع الضوء (تجميع الطاقة الشمسية) إلى داخل المنزل.
ان استخدام وسائل التدفئة التي تعتمد على حرق مشتقات الاخشاب والوقود والتي تسبب انبعاث كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون وغيرها من الغازات السامة، انما يعتبر أحد اهم عوامل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ويزداد هذا التركيز أضعافا مضاعفة في حالات الضباب.
الآثار الصحية
تتسبب الجسيمات الصغيرة والملوثات الأخرى الموجودة في الدخان المنبعث في المنازل في أمراض كالتهاب الشعب الهوائية والرئتين، كذلك تصيب الجهاز المناعي وتقلل من قدرة الدم على حمل الأوكسجين.
وتذكر تقارير منظمة الصحة العالمية، أن حوالي أربعة ملايين انسان يلقون حتفهم في وقت مبكر من جراء الإصابة بأمراض يمكن عزوها إلى تلوث الهواء داخل المنزل، بسبب حرق أنواع الوقود الصلب فيه على نحو غير كفوء، وخصوصا في بلدان العالم الفقيرة والنامية منها (بيانات عام 2012). ومن بين تلك الوفيات النسب التالية:
13 بالمئة بسبب الالتهاب الرئوي.
34 بالمئة بسبب السكتة الدماغية.
25 بالمئة بسبب مرض القلب الإقفاري.
22 بالمئة بسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن.
6 بالمئة بسبب سرطان الرئة.
فيما تحذر منظمات دولية اخرى كالبنك الدولي من انه في حال لم تدخل تغييرات كبيرة على السياسات العامة للبلدان والدول التي يستخدم فيها البشر وسائل التدفئة البدائية، فسيظل إجمالي عدد المعتمدين على أنواع الوقود الصلب دون تغيير يذكر بحلول عام 2030 (البنك الدولي – 2010).
طالما تستغرق النساء والأطفال وقتا طويلا في جمع الوقود، فإن ذلك سيحد من فرص تمكين النساء من المشاركة بأنشطة حياتية اقتصادية أخرى ذات مردود مادي، كما سيبتعد الأطفال عن المدارس.
إن المصدر الوحيد للاخشاب والفحم، والتي يستخدم كوسائل تدفئة اساسية في منازل ما يقارب 3 مليارات انسان، فهو الغابات، حيث يتم قطع الاشجار بشكل عشوائي ودون رقابة، مما يعني فقدان الموائل اللرئيسية للكثير من الكائنات الحية، وهذا ما يؤثر على التنوع الحيوي مباشرة، للكثير من الكائنات وانحسار الغلاف الاخضر الذي يعتبر صمام الامان الأول والأساسي في مواجهة الجفاف والتصحر، وكل اشكال التغيير المناخي التي تصيب كوكبنا هذه الايام كإزالة الغابات، معناه بقاء كميات كبيرة من هذا غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو لفقدان عملية التمثيل الضوئي بالنسبة المطلوبة.
أضف الى ذلك أن الغازات المنبعثة من حرق تلك الاخشاب مثل غاز الكربون الأسود (الجسيمات السخامية) والميثان المنبعثان، هما من الملوثات القوية التي تسهم أيضا في عملية التسخين الحراري الخطير.
هل الكهرباء هي المنقذ؟
يستخدم البعض وسائل التدفئة التي تعتمد على الطاقة الكهربائية، ظنا منهم ان هذا قد يساعد في توفير الطاقة، والحد من التلوث، وهم لا يعلمون ان هذه الطاقة الكهربائية ناتجة عن حرق ملايين الاطنان من مادة الفحم الحجري، اذ أن العلاقة تتناسب طردا، فكلما استهلكنا مزيدا من الكهرباء، احتاجت محطات توليد الكهرباء، الى كميات اكبر من الفحم، الذي بحرقه تزيد كمية غازات الدفيئة المنبعثة إلى الغلاف الجوي، وزادت أيضا كمية الجسيمات الملوثة للهواء.
الطاقة الشمسية صديق بيئي
وسيلة التدفئة الأكثر صداقة للبيئة، هي بواسطة السولار (الطاقة الشمسية)، حيث يوجد نظامان للتدفئة بالطاقة، يستخدم الاول الهواء بينما يستخدم الثاني الماء، وفي نظام التدفئة بالهواء يتم تسخين الهواء في المجمعات الشمسية ومن ثم دفعه إلى داخل المنزل بواسطة مروحة، أما بالنسبة لأنظمة التدفئة بالطاقة الشمسية التي تستعمل الماء فإنها تتضمن مبادلات حرارية يجري عبرها نقل الحرارة من الماء القادم من المجمع الشمسي إلى الهواء المدفوع إلى داخل الحيز.
في لبنان
رغم انه في الآونة الاخيرة انتشر وبشكل كبير استخدام وسائل التدفئة عبر الطاقة الشمسية، الا انه لا يزال الكثير من اهالي المناطق الجبلية، وخصوصا في شمال لبنان يقطعون الاشجار للتدفئة، ورغم قلة الامطار الا انه لا يزال يتوفر انواع من الاشجار كالخوخ، المشمش، العنب، الكرز والسنديان، ويجري القطع الجائر للغابة في لبنان دون حسيب او رقيب مما يزيد من تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.