“المال السائب يعلم الناس الحرام” مثل معروف وغالبا ما نردده في وصف تعديات وسرقات ليس ثمة من يحاسب عليها، ولكن الآن، يتبدى مثل آخر يصح في مقاربة فلتان الصيد البري، وهو أن “الدولة السائبة تعلم الناس الاتجار بالطيور المهددة بالانقراض”، خصوصا بعد أن شاعت تجارة الطيور على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي في معظمها يحظر القانون الاتجار بها، وما شجع على تنامي هذه التجارة أن الدولة لم تتخذ صفة الادعاء على من يعرض طيورا للبيع على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، علما أن الفعل الجرمي هنا واضح وموثق.

ويأتي الاتجار بالطيور كفضيحة جديدة تضاف إلى مسلسل الفضائح الذي يطاول الصيد البري، المفترض أنه “ممنوع”، خصوصا وأن الأنواع المعروضة والتي رصدها greenarea.info ممنوع صيدها وأسرها والاتجار بها، خصوصا وأنها جميعها تنتمي لفصيلة الصقور والبواشق والعُقبان والنسور، وهي طيور باتت قريبة من خطر الانقراض.

ونظراً لمخاطر هذه الظاهرة، كان لا بد من فتح هذا الملف ومتابعته حتى النهاية، علنا نساهم في بلورة وعي عام لصالح قضايا البيئة والتنوع الحيوي والاستدامة.

الصيد الجائر

خبير الطيور الدكتور روجيه سعد أكد لـ .megreenarea أنه “بحسب قانون الصيد والقرارات والمراسيم المعمول بها يمنع الاتجار بالطيور والطرائد”، وقال: “اليوم وللأسف أصبحنا نرى ظاهرة جديدة وهي عرض الطيور للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالاضافة إلى الممارسات التي لا يشرعها أي قانون في العالم، من استعمال الدبق والشبك والآلات الممنوعة التي تقلد الأصوات لجذب الطيور والتقاطها، ولا ننسى أيضا ما تتعرض له الطيور من عمليات إبادة، وهذا كله منافٍ للقوانين، كما وأن الاتجار بشكل عام له شروطه ويخضع لاتفاقيات دولية ترعى التنوع البيولوجي منها اتفاقية “حماية الطيور المهاجرة” بحسب أنواع الطيور والحيوانات الموجودة على اللائحة الحمراء لـ “لاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة” International Union for Conservation of Nature الــ IUCN، ولبنان كان قد وقّع عليها ولكنه لم يطبّقها حتى الآن”.

وفي متابعته لما تم رصده عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال سعد: “تواصلت مع بعض الافراد من الذين عرضو طيورا جارحة وبينها طائر بوم للبيع عبر وسائل التواصل، الا انهم لم يبدوا اي تجاوب أو تعأون يذكر”.

وختم بأنه يعد ملفا كاملا حول التجاوزات والتعديات، تشمل وسائل الصيد الجائر، فضلا عن عملية الاتجار بالطيور، وسوف يقوم بتقديمه للجهات المعنية بهدف الملاحقة القضائية.

مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام

وفي هذا السياق أيضا، أكد رئيس “مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام” ورئيس تحرير مجلة “صيد” أدونيس الخطيب لـ greenarea.info على “أهمية وضرورة التقيد بالقانون”، وأشار إلى أن “ما من قانون يصدر بشكل عبثي، فالسماح بالاتجار بهذه الأنواع من شأنه أن يفسح المجال أمام جميع الناس للتعدي على الطبيعة بهدف الربح، بالإضافة الى أن المكان الطبيعي لهذه الطيور هو بيئتها والطبيعة التي تعيش وتتكاثر فيها”.

وقال الخطيب: “لا يمكن أسر وسجن الطيور الجارحة داخل الأقفاص، ولا يحق لأي كان مصادرة حريتها، وبالتالي تعريض حياتها للخطر والمتاجرة بها، خصوصا أن سجنها بهذه الطريقة ليس بهدف الدراسة أو المتابعة العلمية”.

1

اتفاقية سايتس

وأشار عضو هيئة التوعية والتدريب في “مركز الشرق الأوسط للصيد المستدام” فؤاد عيتاني لـgreenarea.info إلى أن “هذه الظاهرة خطيرة جدا وبدأت تتسع في الأونة الاخيرة”، وقال: “بشكل عام لا يسمح لأي فرد أو محل تجاري أن يبيع أيا من أنواع الطيور والحيوانات البرية بشكل عام بدون حيازته شهادة، بحسب “اتفاقية معاهدة التجارة العالمية لأصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض” the Convention on International Fauna and FloraTrade in Endangered Species of Wild ، والمعروفة باسم (سايتس)CITES هذا يتطلب لاتمام عملية البيع استزراع الحيوانات أو الطيور في مزارع خاصة، وعدم التعرض للطيور التي تعيش في الطبيعة، ولكن ما يعرض حاليا ان كان في المحال المخصصة لبيع الطيور، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما هو الا طيور تم الحصول عليها

بعد أسرها من الطبيعة بواسطة الدبق أو الشباك، وبعض هذه الطيور تباع في السوق المحلي وبعضها الذي يصلح للأكل يباع في المطاعم”.

وأكد عيتاني أن “القانون يحظر بيع الطيور الجارحة ان لم تكن حصيلة استزراع (تفقيس مزارع)”، وأشار الى أن “أنواعا مهددة بالانقراض يتم التقاطها وبيعها في السوق المحلي ودول الخليج، مثل: النسر الاسود، النسر المصري، العقاب والشاهين وغيرها”، لافتا إلى أن “معظم عمليات التقاط الحيوانات والطيور والاتجار بها تحصل في منطقة حوض البحر المتوسط، وهذه المشكلة ليست محصورة في لبنان فحسب، وهذه التعديات تحدث خللا في نظام الطبيعة echo system من شأنه أن يساعد في انتشار القوارض والحشرات، وهذا بالتالي يضر بالمحاصيل الزراعية والنباتات”.

وخلص عيتناني إلى انه “نظرا للربح الذي تدره عمليات المتاجرة بالحيوانات، وخصوصا المعرضة للانقراض، اصبحنا، وفي ظل غياب الرقابة نشهد اقبالا كثيفا على أسر هذه الطيور وعرضها للبيع بهدف الربح دون ادنى احساس بالمسؤولية تجاه طبيعتنا”.

2

الصيد والاتجار بالطيور

مساعد المدير العام في “جمعية حماية الطبيعة في لبنان” SPNL باسمة خطيب أكدت لـ greenarea.info أن “موضوع الاتجار مرتبط مباشرة بموضوع الصيد، والصيد من الناحية القانونية ممنوع حاليا، خصوصا وأن وزير البيئة لم يفتتح موسم الصيد، والقانون يتضمن سلسلة من الممنوعات من ضمنها الاتجار بالطيور التي تلتقط من الطبيعة، فالمادة التاسعة في القانون 580 عام 2004 أوضحت بأنه يمنع الصيد منعا باتا بواسطة البوم والدبق والشباك والمصايد والأشراك والطيور العائمة الاصطناعية والطبيعية والطعم والصيد المحبوس والأنوار الكاشفة، كما

يمنع بواسطة السموم والغاز والدخان والآلات الكهربائية. لا يجوز الصيد إلاَ بواسطة الاسلحة النارية المرخصة للصيد، القوس والنشاب، ويجوز بواسطة الكلاب والصقور والبزاة والعقبان، ويمنع منعا باتا ترصد الحجال والاحتيال على اي نوع من انواع الطرائد بجذبها من خلال استعمال آلات التسجيل التي تصدر اصواتا شبيهة بأصوات الطيور والحيوانات. كما يمنع مطاردة جميع انواع الطرائد بواسطة السيارة أو الطائرة. وكذلك الصيد في المناطق الجبلية عندما تكسوها الثلوج بكاملها، بالاضافة الى المادة العاشرة من القانون والتي تنص على أنه يمنع في كل فصول السنة انتزاع الاعشاش أو أخذ أو تلف أو بيع أو شراء أو نقل أو التقاط أو إيذاء بيوض أو فراخ أو صغار الحيوانات والطيور البرية. كما يمنع تصدير بيوض أو فراخ سائـر انواع الطيور والحيوانـات البريـة (باستثناء طيور وبيض الطيور والحيوانات البرية المرباة في المزارع) وصغار الحيوانات ذات الأوبار كما يحظر احتباس الحجال البرية”.

وأضافت خطيب: “في المادة الحادية عشرة من القانون يمنع منعا باتا تصنيع واستيراد الدبق (المخيط) والمواد الغرائية التي تستعمل لإمساك الطيور أو بيعها أو حيازتها أو تداولها أو استعمالها أو الصيد بها. ويمنع منعا باتا بيع أو عرض أو استعمال الآلات التي تصدر اصواتا شبيهة بأصوات الطيور أو الحيوانات (أجهزة المناداة)، كما يمنع الترويج لها إعلانيا، ويمنع مرورها ضمن الاراضي اللبنانية بصورة مؤقتة (الترانزيت).

وختمت خطيب ان “القانون واضح جدا في هذا المجال وقد حدد جملة هذه الممنوعات المرتبطة بطريقة مباشرة بالصيد والاتجار بالطيور”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This