قبيل انطلاق فعاليات مؤتمر المناخ في مراكش – المغرب COP22، كانت التوقعات أن يشكل المؤتمر منصة لدعم قارة أفريقيا والدول الفقيرة، ولا سيما منها الدول الجزرية، فضلا عن التركيز على البعد الأفريقي للمؤتمر، بالنظر إلى أن أفريقيا تعتبر من أكثر مناطق العالم تعرضاً للخطر، والأكثر حاجة للمساعدة والدعم المالي لبناء القدرات، بما يمكنها من الانتقال نحو الطاقات المتجددة.

وتشهد أفريقيا خطوات طموحة في مجال التحول نحو الطاقة الخضراء أكثر من أي وقت مضى، ويرى إدي أوكونور الرئيس التنفيذي لشركة التطوير “مينستريم رينيوابل باور” Mainstream Renewable Power، ومقرها دبلن، أن ثمة إمكانات كبيرة جدا لتوليد الطاقة المتجددة في القارة السمراء، لافتا إلى أن شركته تقوم ببناء منشآت للطاقة الشمسية وطاقة الرياح هناك، ويصفها بأنها “فرصة تجارية لا نظير لها لرواد الأعمال”.

لكن هل يمكن لأفريقيا الإفادة من “صندوق المناخ الأخضر” e Green ClimatFund الذي أنشىء لمساعدة الدول النامية على تقليص آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه؟ وهل ستفي الدول الصناعية الكبرى بالتزاماتها في هذا المجال؟

بحسب مجلة “نايتشر” Nature العلمية، تسير دول عدة في مختلف أرجاء أفريقيا بثبات نحو تطوير إمكانات توليد طاقتي الشمس والرياح، وثمة عوامل عدة تدفع مثل هذا التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة، فأكثر من ثلث دول القارة الأفريقية تحصل على الجزء الأكبر من طاقتها من محطات الطاقة الكهرومائية، إلا أن حالات الجفاف التي حدثت في السنوات القليلة الماضية أظهرت أنّ هذا المصدر لا يمكن الاعتماد عليه. أما البلدان التي تعتمد أساسا على الوقود الأحفوري، فقد واجهت مشكلات في ما يتعلق بتقلُّب الأسعار، وفي الوقت عينه، تراجعت تكاليف تقنية مصادر الطاقة المتجددة على نحو كبير، ويرى الباحثون أن إمكانيات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في القارة السمراء أعلى مما كان يُعتقد سابقا، حيث تبلغ تقريبا 3700 ضعف إجمالي الاستهلاك الحالي للكهرباء، بحسب المصدر عينه.

الأطلس العالمي للطاقة المتجددة

وتأتي مصر، وإثيوبيا، وكينيا، والمغرب، وجنوب أفريقيا في طليعة البلاد الرائدة في بناء محطات الطاقة المتجددة، بيد أن أكبر المعوقات أمامها يتمثل في عدم توفر بيانات كافية. وفي هذا الصدد تقول غريس وو، الباحثة في مجال الطاقة في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، لـ “نايتشر” Nature إن غالبية الخرائط الحالية لمصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية في أفريقيا لا تحتوي على معلومات تفصيلية كافية تتيح للشركات اختيار مواقع مشروعاتها.

وكانت غريس وو قد شاركت في كتابة تقرير حول تخطيط مناطق الطاقة المتجددة في 21 دولة أفريقية، وذلك ضمن مشروع مشترك بين مختبر “لورنس بيركلي الوطني” في كاليفورنيا، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي. وتقول وو إن هذه الدراسة تمثل مجهودات التخطيط التي بُذلت حتى اليوم لمعظم تلك الدول. وتعمل الدراسة على قياس كمية الطاقة الشمسية وطاقة

الرياح في هذه البلاد، إلى جانب عوامل أخرى، مثل قرب مشروعات الطاقة من البنية التحتية ومن المستهلكين، ومدى تَسَبُّبها في أضرار اجتماعية أو بيئية.

وأضافت وو: “إن الدراسة المشتركة بين مختبر لورنس بيركلي الوطني، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة هي الدراسة الوحيدة من نوعها التي طبَّقت منهجية متسقة عبر منطقة واسعة من القارة الأفريقية”. وقد اعتادت الجهات البحثية الحكومية أو الشركات إجراء قياسات عالية الدقة لمصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فارِضَةً رقابة مشددة على البيانات التي جمعتها. أما فريق بيركلي، فقد استخدم مزيجا من قياسات الأقمار الصناعية، والقياسات الأرضية، التي اشتراها الفريق من شركة “فايسالا” Vaisala المتخصصة في الرصد البيئي، ومقرها فنلندا، والتي أتاحت تلك البيانات منذ ذلك الوقت للجمهور في الأطلس العالمي للطاقة المتجددة، الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة. يقول رانجيت ديشموك، باحث الطاقة في بيركلي، الذي شارك في إعداد التقرير: “إذا كانت هناك غابة، فلن نسعى إلى قطع أشجارها، من أجل إقامة محطة للطاقة الشمسية على أنقاضها”.

تقدير مصادر طاقة الرياح

وفي السياق عينه، أشار تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن الطاقة الخضراء التي يمكن توليدها في أفريقيا هائلة جدا، وقد جمع هذا التقرير بين 6 دراسات إقليمية، وتوصَّل إلى إمكانية توليد 300 مليون ميغاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وأكثر من 250 مليون ميغاواط من طاقة الرياح.

وأشارت “نايتشر” Nature إلى أن إجمالي الطاقة التي يمكن توليدها حاليا – الكهرباء التي تستطيع القارة توليدها في حال عمل جميع محطات الطاقة بالقارة بكامل طاقتها – لم يتجاوز

150 ألف ميغاواط في نهاية عام 2015، ولم تشكل الكهرباء المتولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سوى 3.6 بالمئة فقط منها.

ويقول أوليفر نايت المتخصص في الطاقة في برنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة، التابع للبنك الدولي في العاصمة واشنطن، إن تقدير مصادر طاقة الرياح كان مفاجئا، فعلى الرغم من إدراك الناس منذ فترة طويلة لإمكانيات الطاقة الشمسية في أفريقيا، وذلك قبل عشر سنوات تقريبا، فإنّ قليلًا مِن صناع القرارات المحليين أدركوا قوة الرياح، مضيفًا: “كان الناس يعتقدون أنه لا توجد رياح على الإطلاق في مناطق مثل شرق أفريقيا”.

ويُجْرِي البنك الدولي دراساته الخاصة، التي ستقيِّم سرعة الرياح والإشعاع الشمسي كل 10 دقائق على الأقل في مواقع مختارة في شتى أنحاء البلدان المستهدفة. ويقول نايت إن البنك الدولي سيطلب من الحكومات إضافة البيانات الجغرافية، المكانية الخاصة بها، ويجمع كل المعلومات في صيغة سهلة الاستخدام، متاحة للجميع، ولا تتطلب معرفة تقنية متقدمة.

ويضيف نايت: “ينبغي أن يتاح للموظفين الحكوميين في المستويات المتوسطة في أيّ دولة نامية إمكانية الدخول إلى الإنترنت، والاطلاع على هذه المعلومات”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This