تناقلت وسائل الأعلام الاسبوع المنصرم خبرين متناقضين، جاء في الخبر الأول أن الصين أغلقت ما يقارب 1200 مصنعاً لمخالفتها الشروط البيئية، أما الخبر الثاني فيتحدث عن أن الشركات الأميركية تزيد تنصيب الحفارات النفطية للأسبوع الثامن على التوالي.

كثرت المخاوف في الآونة الاخيرة، خصوصا بعد تغريدات الرئيس الاميركي الجديد على “تويتر” بانسحاب الولايات المتحدة من “اتفاقية باريس”، وقد عبر الكثير من الخبراء الأميركيين المهتمين في مجال المناخ عن امتعاضهم من هذه التصريحات.

في الحقيقة يعد انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة خبرا سيئا بالنسبة للبيئة العالمية، لأنه قالها بصراحة أنه لن يحقق الخطوات المطلوبة مما اتفق عليه في مؤتمر باريس لتغيرات المناخ الذي عقد في باريس في نهاية 2015، لكن الصين لديها مبرراتها للتخفيض من استعمال الفحم والانتقال إلى الطاقات النظيفة، وذلك بسبب تلوث الهواء المحلي، ومن يزُرْ الصين، وخصوصا المدن الكبيرة، يعرفْ مدى تلوث الهواء الذي أصبح يعتبر مشكلة صحية واقتصادية وسياسية حرجة.

وبسبب العلاقة التي تربط بين تقليل استخدام الفحم وتخفيف انبعاثات الغازات في الصين، من المرجح أن تقدم الصين جهودا فعالة لتحول دون ارتفاع الانبعاثات الغازية، وذلك من خلال تقنيات الاقتصاد الاخضر خلال العقد القادم، سواء كانت مهتمة بالاحترار العالمي أم لا، والسبب بسيط، لأنه لا يعقل أن 1,4 مليار نسمة يعيشون في منطقة تعتبر صغيرة بالنسبة لعدد السكان وهي من الاقتصادات القوية الاستمرار دون تحديد مسار مهم وواضح، لذلك قرر قادة الصين اعتبار الاحترار العالمي قضية مفصلية يجب معالجتها، وليس كما وصفها ترامب بأنها من ابتكارات أجدادهم. ومن الواضح أن الصينين قد قاموا بالكثير من  الاجراءات لتخفيف الانبعاثات باستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل طاقة الشمس والرياح والطاقة النووية، وهذا ما سيجعلهم من قادة العالم في انتاج وخدمة تكنولوجيا الانبعاثات المنخفضة للغازات الدفيئة، وذلك عند دخولنا في منتصف هذا القرن.

والحقيقة، يحق للصين أن تطمح لتكون قوة عالمية بعد أن نكث ترامب بوعود والتزامات أميركا التي أقرت في مؤتمر المناخ في باريس عام 2015، والواضح إن إدارة ترامب سوف تتيح للصين مسؤولية قيادة العالم في تخفيض انبعاثات الغازات خلال القرن الحادي والعشرين، والحقيقة أيضاً أن الاستراتيجية الحكيمة الصينية في قيامها بهذا الدور سوف تعمل على توجيه الأنظار إلى كشف وفضح ثاني أكبر ملوث في العالم (الولايات المتحدة).

والواضح أن الطاقات المتجددة ستطغى على استخدام النشاط الاحفوري، والدليل على ذلك أن المستثمرين يتجاوبون كثيرا مع الاستثمار في هذه الطاقات النظيفة أكثر من الاستثمار في الوقود الاحفوري، وخصوصا مع بداية 2014. أما في 2015، فقد وصل الاستثمار في الطاقات النظيفة إلى 265,8 مليار دولار، أي ضعف الاستثمارات في الفحم والغاز الذي وصل إلى 130 مليار دولار.

إن موقف إدارة ترامب بشأن الاحترار العالمي سيء جداً لكنه لن يكون قاتلاً، على الاقل، فإن موقف الصين من تخفيض الانبعاثات سيبقى مستمراً، كما أن الاستثمار في الطاقات النظيفة في أميركا لن يتراجع، لأن القرارات في الولايات قد اتخذت لأربع سنوات قادمة، هذه العوامل، بالإضافة إلى التعاون والالتزامات القوية التي وضعتها نظم اقتصادية أخرى مثل الاتحاد الأوروبي واليابان، لن تضع أي حدود على تخفيض انبعاثات الكربون، وعلى العكس، فإن دول العالم سوف تضع إدارة ترامب في وضع محرج كإدارة وحيدة مخالفة  لقرارات الكرة الارضية.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This