لا حدود ولا آفاق للعلم، ولا مستحيل تحت الشمس، فمنذ القدم حلم الإنسان بتقليد بعض الكائنات، ومحاكاة حركتها، ولا سيما منها الطيور، وكان عباس بن فرناس Abbas ibn Firnas الفيلسوف والكيميائي والفلكي الأندلسي الشهير، أول من حلم بالطيران، عندما استخدم جناحين صنعهما من ريش الطيور بالقرب من قصر الرُصافة في بغداد، والتي تحدث عنها أحمد بن محمد المقري، ليسبق بذلك محاولة البريطاني إيلمر مالمسبوري Eilmer Malmesbury للطيران، من خلال استخدام طائرة شراعية في إنجلترا بين عامي 1000 و 1010.
أحيانا قادت الصدف الإنسان ليكتشف ويبتكر، وفي أحيان كثيرة، كان الابتكار نتاج تخطيط وبحث ودراسة، لكن هل حلم الإنسان يوما بأن يمتلك خاصية الأسماك التي تمكنها من التنفس والسباحة تحت الماء؟
بوابة الأوكسجين للتنفس
المصمم الكوري الجنوبي جيبيون يون Jeabyun Yeon، أجاب عن هذا السؤال، باختراع قد يغير علاقة الإنسان بالبحر، وقد يكون هذا الاختراع واحدا من أهم الإنجازات العلمية في العام 2016، علما أن العمل على هذا الاختراع بدأ في العام 2013 عندما كشف عن ما أسماه “بوابة الأوكسجين للتنفس” Portal Oxygen Respirator وبعد سنوات من البحث، تمكن يون من تصنيع قناع خاص للغطس.
أطلق يون على اختراعه “تريتون سكوبا ماسك” Triton Scuba Mask يمكن للإنسان من خلاله الغوص بعيدا في أعماق البحار والمحيطات كالأسماك ودون الحاجة إلى الأوكسجين، مما سيحدث ثورة في مجال خوض غمار البحار واكتشاف أسرارها، بحسب ما أشار من موقع “دويتشه فيله” DW الألماني ينسخته العربية.
يمكن مشاهدة الفيديو على هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=GDrpuq6MiC4
وإذا كان الإنسان تمكن من فهم آلية تحليق الطيور، وحقق إنجازا غير أنماط حياته، مع الطيران الذي بات من ضروريات الحياة في تنقله وأسفاره، والتحليق في السماء، حتى وصل إلى القدرة على التحليق أبعد، أي إلى الفضاء الخارجي، وبات يسابق الوقت لاكتشاف الكواكب وغزوها، على غرار ما يخطط له الآن في رحلة إلى كوكب المريخ، فإنه الآن توصل إلى محاكاة الكائنات البحرية سباحة وغوصا في أعماق البحار.
بانتظار التمويل
وكل شيء بدأ بحلم، عندما اكتشف ما يمكنه من السباحة والغوص كالأسماك، وحقق ذلك باستخدام بدلات الغطس والغواصات وغيرها من الآلات والمعدات البحرية، ولكن دون التحرر من عبوات الأوكسيجين الثقيلة.
والآن، بات الإنسان يتحدث عن “تطوير” هذه الأحلام، فالغطس في أعماق البحار، مثلاً، يتطلب حمل أسطوانات غاز مملوءة بالأوكسجين من أجل التنفس، لكن هذه الأيام قد تولي قريباً، وذلك بفضل قناع “تريتون” للتنفس، والذي يغني من يرتديه عن أسطوانات الأوكسجين، ذلك أن هذا القناع يستمد الأوكسجين اللازم للتنفس من الماء المحيط بالغواص، وذلك بحسب موقع “تريندس دير تسوكونفت” الألماني الإلكتروني.
ويعمل قناع “تريتون” أو Triton Scuba Mask بنفس المبدأ الذي تعمل طبقه خياشيم الأسماك، إذ تقم ذراعا قناع الغطس بامتصاص الماء وفصل ذرات الأوكسجين منه، ومن ثم ضغطها باستخدام مضخة صغيرة، وذلك بهدف تخزينها في حاويات صغيرة. أما الماء الزائد، فيتم طرده.
قدم جيبيون يون Jeabyun Yeon، هذا الاختراع في “معهد سامسونغ للفن والتصميم” Samsung Art & Design Institute SADI، ولكنه حتى الآن ليس متوفراً في الأسواق، ذلك أن الإنتاج لم يتم تمويله بعد. بيد أن ذلك يبدو ليس بعيد المنال، خصوصا في ظل ظاهرة التمويل الجماهيري التي ساعدت الكثير من الاختراعات على أن تبصر النور.