أول ما يتبادر إلى أذهاننا عند التفكير بالسلعة البرية الأكثر تهريبا، أن تكون العاج، أو حيوان آكل النمل “البانغولين” Pangolin المهدد بالإنقراض، أو الحيوانات البرية مثل الأسود والنمور أو الطيور الغريبة والنادرة، ولكن في الواقع، فإن السلعة البرية الأكثر تهريبا هي خشب الورد والمعروفة بـ “عاج الغابة” the Ivory of the Forest، واسمها العلمي Dalbergia.

 

حظر شامل

 

وقد وضعت “اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض” The Convention on International Trade in Endangered Species    والمعروف اختصارا بـ CITES)) في القمة التي انعقدت في جوهانسبرغ في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي قيودا على التجارة بخشب الورد بكافة أنواعه، والذي يبلغ عددها ثلاثمئة نوعا، وذلك في محاولة للقضاء على قطع الأشجار غير الشرعي المستشري والاتجار بأخشابها.

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجرائم  United Nations Office on Drugs and Crime، فإن نسبة التجارة من خشب الورد تشكل أكثر من 35 بالمئة من مجموع منتجات الحياة البرية المصادرة، وتبلغ قيمتها أكثر من مجموع تجارة العاج، قرون وحيد القرن، البنغولين، والأسود، والنمور والمرجان والأحياء البحرية كالسلاحف مجتمعة.

وقد نما الطلب على خشب الورد بشكل كبير خلال العقد الماضي، ويعود ذلك إلى تزايد ثروة ورغبة الطبقة المتوسطة في الصين لاقتناء الأثاث الفاخر، وتحديدا أسلوب Hongmu المنحوت بشكل معقد، ويستخدم فيه تقليديا خشب الورد، وقد عرض مؤخرا سرير ضخم منحوت بسعر مليون دولار من هذا النوع من الأخشاب، وتواجه هذه الصناعة المزدهرة خطر إيقافها عن العمل.

الخشب الأحمر  Hongmu

 

وتعتبر وكالة التحقيقات البيئية Environment Investigation Agency  الـــ EIA أول منظمة غير حكومية دولية تلفت أنظار العالم إلى مصطلح Hongmu (وتعني الخشب الأحمر باللغة الصينية، أي خشب شجرة الورد الاستوائية)، وقامت هذه المنظمة مؤخرا بالتحقيق، لكشفت تأثير هذه الصناعة، وتجارة أخشاب الورد على الغابات الاستوائية في العالم.

وبناء على ذلك اقترحت المنظمة على CITES أنه فضلا عن حماية الأنواع الثمانية المتفق عليها سابقا، أن تشمل الحماية الأنواع الـ 300 جميعا، خصوصا لجهة التوسع المقلق لصناعة Hongmu، في العقد الماضي.

فبعد نهب العصابات غابات جنوب شرق آسيا إلى درجة الانقراض تقريبا، تحول تجار خشب الورد إلى غرب أفريقيا وأميركا الوسطى للحصول على الأخشاب الثمينة، ولا يظهر أن عملية قطع الأشجار غير القانوني، ولا سوق هذا النوع من التجارة أظهر أي خطوات رادعة في هذا المجال.

 

 

rosewood2

وقال تقرير EIA أن عصابات غير شرعية تتحرك بسرعة من بلد إلى آخر، وتعمل على قطع كافة الأشجار التي  تجدها، مخلفة وراءها أراض شاسعة مدمرة، وعندما تصبح الأشجار قليلة في مكان معين، أو تعزز السلطات رقابتها، فإن هذه الشبكات المشبوهة تتحرك بسرعة إلى بلد آخر، وتعيد دورتها القاتلة مستخدمة كافة وسائل الفساد والعنف ليبدأ تدمير الغابات من جديد.

 

تجارة بالمليارات

 

ووفقا لـ EIA ، فإن واردات الصين من هذه الأخشاب ارتفعت بنسبة 1300 بالمئة في الفترة بين 2009 و2014، وازدادت الصادرات من غرب أفريقيا بعد أن نمت أكثر من ألف ضعف في السنوات الخمس الماضية، ولا تزال ترتفع، وفي النصف الأول من العام 2016 وحده، استوردت الصين في المتوسط ما يعادل 350 جذعا من هذه الأشجار لكل ساعة، فقد تضاعفت قيمة تجارة خشب الورد 65 مرة في العقد الماضي، وتقدر قيمتها حاليا بحوالي 2.2 مليار دولار.

وقد استوردت الصين مليوني متر مكعب من الجذوع والخشب في العام 2014، وفقا لتقييم EIA ، وهذا يعادل ملايين من أشجار خشب الورد، ولا يستخدم منها إلا قلب الخشب الصلب الكثيف، فغالبا ما يرمى 70 و80 بالمئة من أخشابها وتذهب هدرا، وهذا الأمر يترك غابات شاسعة مدمرة وعارية. وقال مندوب  Citesمن دولة النيجر “لم تعد هذه الغابات توفر الفحم والأدوية التقليدية المستخدمة من قبل مجتمعات السكان الأصليين، وهو ما أثر على مجتمعاتنا الريفية”، وأضاف “إن الطلب من آسيا يهدد مباشرة سبل معيشتهم”.

فوفقا لتقرير صادر عن منظمة “اتجاهات الغابات” Forest Trends، فإن ما قيمته 216 مليون دولار من خشب الورد استوردته الصين من غرب افريقيا في النصف الأول من العام 2016.

وقالت كبيرة مستشاري السياسة فيEIA  “أننا مسرورون حقا بهذا القرار الجديد لحماية هذه الأشجار”، وأضافت “أتى القرار في الوقت المناسب تماما لإنقاذها من الانقراض، فقد ازدهرت هذه التجارة بشكل كبير خلال العقد الماضي. الآن يتعلق الأمر بتنفيذ هذا القرار على أرض الواقع”.

 

rosewood-1

 

وقد شمل الحظر كافة أنواع خشب الورد Dalbergia الثلاثمائة تحت قائمة الملحق الثاني Appendix II listing لـ CITES، وهو ثاني أعلى مستوى من الحماية، إلا أن هذا الأمر يسمح بتجارة كمية معينة من أنواع محددة من هذه الأشجار بإذن خاص من Cites، إلا أنه وكالمعتاد، فإن جوهر الأمر يُختزل في الواقع بأن الدول المتأثرة عليها وضع هذه الخطط موضع التنفيذ لإحداث فرق يذكر.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This